صحيفة الكترونية اردنية شاملة

تحليل: تراجع النمو الألماني وفرص العمل والتجارة مع العالم العربي

بعد  طفرة نمو استمرت نحو عشر سنوات تراجع الناتج المحلي الألماني الأقوى أوروبيا والرابع عالميا بنسبة 0.1 بالمائة في الربع الثاني من العام الجاري مقارنة بالربع الذي سبقه. وجاء هذا التراجع بسبب تصاعد حرب الرسوم التجارية التي يخوضها الرئيس ترامب ضد الصين والاتحاد الأوروبي وعدم الاتفاق على خروج بريطانيا من الاتحاد بشكل منظم. ردود الأفعال الألمانية والأوروبية على هذا التراجع الطفيف بدت أوسع وأكبر من حجمها الفعلي رغم المخاطر من انتقال التراجع إلى مرحلة ركود مع احتدام هذه الحرب. وحتى في العالم العربي اتخذ محللون كثر التراجع نقطة انطلاق لتخويف واسع النقاط من تبعاته السلبية على العلاقات الاقتصادية القوية بين ألمانيا وعدد كبير من الدول العربية وعلى سوق العمل الألمانية الباحثة عن عشرات آلاف الكفاءات الأجنبية المتوسطة من مختلف المهن. وهو ما يراه الكثير من الشباب واللاجئين العرب فرصة لهم للعمل في هذه السوق.

Deutschland Berufsausbildung GLW-Siegburg (picture-alliance/JOKER/P. Steuer)فرصة تاريخية أمام اللاجئين في ألمانيا للتدريب المهني وشغل وظائف شاغرة في السوق الألمانية، هل يستغلوا الفرصة؟

حوالي 1.5 مليون وظيفة شاغرة

السؤال الذي يطرح نفسه، هل هذه المخاوف في محلها؟ بالنسبة لسوق العمل ما تزال ألمانيا تتمتع بنسبة بطالة لا تتجاوز 5 بالمائة، وهي واحدة من أدنى النسب في القارة الأوروبية والعالم. وتفيد معطيات سوق العمل الألماني بأن هناك حاجة لنحو 1.5 مليون موظف وعامل لوظائف شاغرة في جميع المجالات وفي مقدمتها الخدمات الطبية والصحية وتقنية المعلومات وخدمات التجارة والانترنت والحرف والصناعات التحويلية. وتكمن هذه الفرص بشكل أساسي في الشركات الصغيرة والمتوسطة التي يعمل فيها أكثر من ثلاثة أرباع العاملين في ألمانيا. وهو الأمر الذي يفسر إصدار الحكومة الألمانية قانون جديد يسهّل هجرة الكفاءات المتوسطة والعمال المهرة من خارج أوروبا إلى ألمانيا بشكل غير مسبوق منذ عقود. ومما يعنيه ذلك تقديم المزيد من الدعم الحكومي للتأهيل المهني للاجئين العرب وغير العرب في ألمانيا والإسراع في منح تأشيرات الدخول للكفاءات الاجنبية التي تجد فرص عمل في الشركات والمؤسسات الألمانية.

الاستثمارات العربية في ألمانيا مستقرة

هذا بشأن سوق العمل، لكن ماذا بشأن تبعات التراجع المحتملة على اقتصاديات الدول العربية، لاسيما التي تربطها علاقات قوية بألمانيا؟ بداية لا بد من القول أنه من المبكر الحديث عن انكماش أو ركود طويل الأمد، لأن الحكومة الألمانية لديها أكثر من وسيلة لمنعه. لكن في حال حصول انكماش لفترات أطول، فإن الاستثمارات العربية التي تقدر قيمتها بنحو 100 مليار يورو حسب معطيات غرفة التجارة العربية الألمانية ستخسر كون غالبيتها في أسهم شركات صناعية ومالية كبيرة مثل مرسيدس التي تستثمر فيها الكويت وفولكسفاغن ودويتشه بنك التي تستثمر فيهما قطر. غير أن الأمر لن يصل إلى حد تغيير وجهة هذه الاستثمارات، لأنها في غالبيتها طويلة الأمد كما هو الاستثمارات الكويتية المقدرة بنحو 30 مليار يورو والتي يعود القسم الأكبر منها إلى سبعينات القرن الماضي. ولا ننسى أن الاستثمارات العربية في ألمانيا استثمارات حكومية لا تبحث عن الربح فقط، بل أيضا عن تعزيز العلاقات السياسية والأمنية كما هو عليه الحال بالنسبة للاستثمارات القطرية.

 

التعليقات مغلقة.