صحيفة الكترونية اردنية شاملة

أحزاب كرتونية و إلكترونية

منظومة الأحزاب - بكلّ أسف - عاجزة أو أوشكت على العجز من إستقطاب الجمهور و تقديم نسخة فاعلة و مؤثّرة سواء في الأوقات الصعبة أو حتى الإعتيادية

بدعةٌ حسنة جمعت العديد من أصحاب الفكر في مجموعات على تطبيق ” واتس اب ” ، و إنطلق بعضها من تجاذب الأحاديث السياسية إلى معاينة الواقع على الأرض عبر زيارات مبرمجة تخرج عن إطار البروتوكول و التنسيق المسبق لجدول الحوار .

و قد شاركت في بضعة زيارات للجهات الرسمية و أسجّل إعجابي بالعفوية المنتجة التي تخللتها ، حيث وجد المشاركون ضالّتهم و فتحوا قلوبهم ليتحدثوا بمنتهى الجراءة و الصراحة سؤالاً و تعليقاً بلا خطوط حمراء ، وإشتبك المسؤولون إيجابيّاً وبَدوا أقرب بكثير إلى نبض الشّارع بخلاف الصّورة النمطيّة ، بلا تكلّف أو تحفُّظ و بمصداقية ، وزاد منسوب الثقة العامّ بالأداء بعد كلّ زيارة حتى لدى بعض المعارضين الموضوعيّين .

وبالعودة إلى النقاشات الإلكترونية و الجَدِّيّ منها على وجه الخصوص ، فقد أصبحت تمثّل منابر حرّة تنفّس عن الكثير من الإحتقان و تجلي العديد من الحقائق كما أظهرت مستوىً متقدّماً من خزّانات الفكر المتوفّرة كمّاً و نوعاً ، حتى باتت تشكّل كلّ منها أيقونة مصغّرة لحزب سياسيّ فاعلٍ و مؤثّر بما تطرح من أفكار خرجت عن الصناديق التقليديّة .

وبعيداً عن بعض سلبياتها ، فإنّ سمة المجموعات المغلقة التي تنطبق على هذه المجموعات تشكل في الغالب الأعمّ ضمانة للرأي المهذب و الإستقامة في الطرح بخلاف باقي مواقع التواصل و أدواتها العشوائية الجارحة التي جعلت منها مواقع تناحر و إسفافٍ تشيع من الطاقة السلبيّة والفكر الهدّام الكثير .

لكنّ هذا هو سقف تلك المجموعات ، فهي مرهونة بوسيلة التعبير الإلكترونية و لن تفلح في أن تأخذ شكلاً آخر منظّماً أو دوريّاً نظراً لسهولة إلتقاء روادها عبر وسائل التقنية ، وستفشل إذا إتّخذت أيّ قالبٍ آخر أو تغيّرت حدودها وأدواتها ، و مثال ذلك مجموعات الحوار التي تكونت منذ سنوات و لم تستطع أن تتطور من حيث الشكل و الإطار القانونيّ .

خلاصة التوصيف أعلاه ، أن الوطن زاخرٌ بحَمَلة الفكر القادرين على التأثير و إحداث الفارق ، و جُلُّ أولئك ينتظر فرصة تنقل ما يحمل في جعبته إلى الميدان لتعود على الوطن بالنفع و الإنتاجية ، و أَنّ منظومة الأحزاب – بكلّ أسف – عاجزة أو أوشكت على العجز من إستقطاب الجمهور و تقديم نسخة فاعلة و مؤثّرة سواء في الأوقات الصعبة أو حتى الإعتيادية .

ومع ضرورة الإعتراف بهذه الحقيقة ، وبدلاً من إقتصار الدعم على القائم من الأحزاب ، فلنفكّر في تصعيد الراغبين و تشجيعهم لتأسيس البدائل المرجوّة و الواعدة بفكرٍ جديدٍ خالص و بمتطلباتٍ سلسة تنسجم مع منظومة الأمن الوطني وتضمن تمكينهم بأقلّ الإجراءات و أبسطها لصنع البرلمان القادم القادر والمنشود .

يسمّي الساسة المصريّون الأحزاب غير الفاعلة بالـ” كرتونية ” ، و بينها و بين الإلكترونية تكمن حاجتنا في منظومة حقيقية مختلفة الفكر و الطرح و التأثير ، وقد يكون الوقت هو الأكثر ملائمة فالشّارع متعطّشٌ لذلك ومؤهّلٌ للتعاطي معه أكثر من أيّ وقتٍ مضى .

التعليقات مغلقة.