صحيفة الكترونية اردنية شاملة

مسؤولية المفوضين عن الشركات

أطلعني أحدهم على قرار رئيس الوزراء رقم31/16/2/44502 تاريخ 27/10/2019 و الذي نصه كالتالي:
“عملا بأحكام المواد (35/أ ، 65 مكرر/ب ،91) من قانون الشركات رقم لسنة 1997 على جميع الدوائر ذات العلاقة عدم الحجز على شركاء أو مفوضين بالتوقيع في الشركات ذات المسؤولية المحدودة أو المساهمة العامة أو المساهمة الخاصة بسبب ديون على الشركات نفسها بموجب قرارات إدارية و ذلك تحت طائلة المساءلة القانونية و يستثنى ذلك الحالات التي يكون فيها الشركة قد اقرت بالمديونية الضريبية أو الجمركية أو بأموال مستحقة للضمان الاجتماعي ولم تقم بتوريد المستحقات عليها ففي هذه الحالة يجوز فيها الحجز على المفوض بالتوقيع عن الشركة و الحالات التي يكون فيها رأس مال الشركة ملتزما به من قبل الشركاء و غير مسدد بالكامل فيكون الشركاء الملتزمون مسؤولين بأموالهم الخاصة عن الجزء غير المسدد والملتزم به من قبلهم.”.
مع عدم التعرض لسوء الصياغة، فإن هذا القرار هو خاطئ للأسباب التالية:
أولا: استند القرار على المادة 35/أ من قانون الشركات و هذه المادة تتعلق بشركات التضامن و ليس لها علاقة بالشركات ذات المسؤولية المحدودة أو المساهمة العامة أو المساهمة الخاصة.
ثانيا: قيام رئيس الوزراء بجعل المفوض بالتوقيع عن الشركات المذكورة في حالة إقرار الشركة بمديونية ضريبية أو جمركية مسؤولا بأمواله الشخصية هو بلا أساس قانوني وفيه تعديل لمراكز قانونية لا يجوز تعديلها الا بالقانون وسيكون له اثارا سلبية على قطاع الاعمال و حوكمة الشركات. فلا يجوز أن يتحمل المساهم في شركات الاموال التزامات الشركة بأمواله الشخصية باستثناء حالات محددة تنطبق على مجلس الإدارة في حال الإهمال أو الخطأ سندا للمادة 73 مكرر من قانون الشركات.
ثالثا: بخصوص سداد باقي رأس المال الشركات غير المسدد، فكان لا بد من التفريق بين عدم سداد رأس المال في الشركات المساهمة العامة و عدم سداد رأس المال في الشركات المساهمة الخاصة و عدم سداد رأس المال في الشركات ذات المسؤولية المحدودة. فالنسبة لسداد رأس المال في الشركات ذات المسؤولية المحدودة و شركات المساهمة الخاصة التي لا تعرض أسهمها للاكتتاب فتطبق عليها القواعد العامة أي يكون المؤسسون الشركاء مسؤولين بأموالهم الشخصية على سداد باقي قيمة الأسهم. أما بالنسبة للشركات المساهمة العامة و شركات المساهمة الخاصة التي تعرض أسهمها للاكتتاب فاذا لم يتم تسديد باقي قيمة رأس المال المصرح به فيصبح ما دُفع من الشركاء هو رأس مال الشركة ما دام أن رأس المال مساوي للحد الأدنى المقرر في القانون، و الا فتصفى الشركة اجباريا و لا يوجد ما يجبر الشركاء المقدمين للمساهمات النقدية على تسديد باقي رأس المال سندا للمادة 95 من قانون الشركات. أما في غير هذه الحالات فيجوز للشركاء المؤسسين استخدام أي وسيلة أخرى لإكمال رأس المال كعمل اكتتاب جديد أو رسملة الديون أو ضم الاحتياطي الاختياري لرأس المال أو التعاقد مع شركة مالية لإكمال الاكتتاب او ما يسمى بمتعهد التغطية. أما بالنسبة لمقدمي المساهمات العينية وليس النقدية فيجوز ملاحقتهم بأموالهم الشخصية بمقتضى المادة 97 من قانون الشركات.
رابعا: أما ما ورد في القرار بخصوص الحجز على أموال المفوضين بالتوقيع عن الشركات المذكورة في الشركة ان كانت قد اقرت بالمديونية الضريبية أو الجمركية فهو هو غير قانوني للأسباب التالية:
1. ان الشريك في الشركات ذات المسؤولية المحدودة أو المساهمة العامة أو المساهمة الخاصة غير مسؤول عن ديون الشركة في أمواله الشخصية سندا للمواد .53 و 65 مكرر و 91 من قانون الشركات.
2. قد يكون المفوض بالتوقيع من غير الشركاء وعندها لا يجوز ملاحقته حتى عن ديون الشركة نفسها مهما كان الدين ما لم يكن قد ارتكب جرما كإصدار شيك دون رصيد نيابة عن الشركة عملا بالمواد 421 و 74 و 21 و 22 من قانون العقوبات اعمالا للمادة 278 من قانون التجارة.
3. لا يوجد في قانون الجمارك أو في قانون ضريبة الدخل ما يجعل المفوض بالتوقيع عن الشركة مسؤولا بأمواله الشخصية عن ديون الشركة ما لم يكن من مرتكبي المخالفـات وجرائم التهريب كفاعلين أصليين ـأو متدخلين أو ممولين أو كفلاء أو ناقلين أو منتفعين. و عندها فقط يكون مسؤولا في حدود مسؤوليته في وقوع الفعل سندا للمادة 215 من قانون الجمارك.
4. نصت المادة 218 من قانون الجمارك على مسؤولية المخلص الجمركي فقط عن المخالفات التي يرتكبها هو أو أي من مستخدميه المفوضين من قبله في البيانات الجمركية، فإذا كانت تلك المخالفات تؤدي إلى جرائم التهريب فللمحكمة الفصل فيها وتحديد المسؤولية، أما التعهدات المقدمة في البيانات الجمركية فلا يسال عنها إلا إذا تعهد المخلص بها أو كفل متعهديها.
خامسا: أما ما ورد في القرار بخصوص الحجز على أموال المفوضين بالتوقيع عن المنشآت لغايات تطبيق قانون الضمان الاجتماعي و دفع أموال مستحقة لها فهم مسؤولون بالتكافل و التضامن مع المنشأة عن تلك الالتزامات و بالتالي يجوز الحجز على أموالهم و لو لم يكونوا شركاء في الشركة بموجب المادة 23 من قانون الضمان الاجتماعي ( مع انتقادنا للنص).
وبالنتيجة، فعلى رئيس الوزراء تصحيح قراره المذكور بجعل الحجز على المفوض بالتوقيع على الشركات فقط في التزاماتها تجاه مؤسسة الضمان الاجتماعي أو في حالة ارتكاب جرم نيابة عن الشركة أو في حالة كفالة المفوض بالتوقيع لديون الشركة.

التعليقات مغلقة.