صحيفة الكترونية اردنية شاملة

واقعيّة موازنة ٢٠٢٠

هذه مؤشرات ماليّة حول الإطار العام لمشروع موازنة ٢٠٢٠، وسنلقي الضوء لاحقاً على ابرز التحدّيات التي تواجهها سواء أكان بالعجز أم المديونيّة أن نسبة النُمُوّ المُقدّر.

بداية قبل الشروع في الحديث عن المؤشرات الواقعيّة في مشروع قانون موازنة ٢٠٢٠، لا بد أن نقول أنها أولاً خطة تضمنت أبعاداً ماليّة واجتماعيّة معاً، وهذا الأمر يأتي استجابة للتطورات التي تشهدها الساحة الداخليّة في المُجتمع.

في هذا الإطار تأتي استجابة الموازنة هذه المرّة صريحة فيما يتعلق بزيادة رواتب العاملين في الدولة والتي هي الأولى منذ عام ٢٠١١، فقد تضمنت رصد مخصصات كلّفة إعادة هيكلة الرواتب، وهذه مسألة في غاية الأهمية على كُلّ الأصعدة، إضافة إلى أن كُلّفتها قد تقترب من الـ٣٤٠ مليون دينار، ناهيك عن كُلّفة زيادة رواتب المعلمين بقيمة ١٢٠ مليون دينار، بمعنى أن هُناك زيادة في النفقات الجارية سيكون بواقع ٤٦٠ مليون دينار على اقل تقدير في موازنة ٢٠٢٠.

مشروع قانون موازنة ٢٠٢٠ فيه هذه المرّة واقعيّة في تقدير الأرقام والنفقات والشفافيّة في إظهار الوضع الماليّ الحقيقي للخزينة، فالكُلّ يعلم جيداً أن ميزانية ٢٠١٩ قدّرت العجز بـ٦٤٦ مليون دينار، لكنه في الحقيقة بلغ ١.٢١٥ مليار دينار، وهذا العجز تقريباً مماثل في موازنة ٢٠٢٠ والتي قدر فيها بحوالي ١.٢٤٧ مليار دينار.

وزارة الماليّة كانت تعي هذه المرّة الخلل الكبير في آليات تنفيذ المشاريع الرأسماليّة في الموازنة، وقد سبقت الأمر بتعديلات جوهريّة على قانون الشراكة لتعطي دفعة قوية للقطاع الخاص للمُشاركة في تنفيذ المشاريع الرأسماليّة التي ارتفعت نسبتها بالموازنة بنسبة ٣٣ بالمئة، لتبلغ ١.٤٢٥ مليار دينار، وهذا الأمر في حال تنفيذه بالشكل المخطط سيكون مساهماً رئيسيّاً في تسريع عجلة النُمُوّ الاقتصاديّ.

الحُكومة قدّرت المنح الخارجيّة في سنة ٢٠٢٠ بحوالي ٨٠٧ ملايين دينار، بزيادة طفيفة عن ٢٠١٩ مقدارها ٣ ملايين دينار فقط، وفي اعتقادي الشخصيّ أن صانع القرار أخذ بمبدأ التحوّط في تقدير هذا البند الذي جرت العادة أن يُخالف الحقيقيّ منه المقدّر باتجاه إيجابيّ، أي بارتفاع عن ما هو مُقدّر.

مشروع موازنة ٢٠٢٠ فيه ارتفاع كبير في بند إيرادات ضريبة المبيعات بواقع ٥٩١ مليون دينار، وهذه الزيادة ليست مبنيّة على قرار رفع الضرائب أو الرسوم، فهذا الأمر مُستبعد تماما في الموازنة للعام المقبل، والزيادة هنا جاء غالبيتها لأسباب محاسبيّة بحتة، حيث تم إضافة بند الضريبة الخاصة وتوابعها المُختلفة على المحروقات بقسمة ٣٥٠ مليون دينار إلى بند ضريبة المبيعات، وباقي الزيادة جاء متناسقة ومنسجمة مع طبيعة النُمُوّ المتوقع للنشاط الاقتصاديّ.

واضح ان بند الإيرادات الجمركيّة فيه تراجع بقيمة ٤٩ مليون دينار، أو ما نسبته ١٧.٣ بالمئة عن الفعليّ في عام ٢٠١٩، وهذا قد يعود إلى إعادة النظر في التصنيفات الجمركيّة ونسبها باتجاه ترهيب بعض مستوياتها، والأمر كذلك لا يختلف عن إيرادات العقار التي قدرتها الحُكومة بحوالي ٩٦ مليون دينار بارتفاع نسبيّ بلغ ٦.٧ بالمئة، وهذا النُمُوّ النسبيّ ناتج عن إجراءات التحفيز الاقتصاديّ التي اتخذت للعقار قبل أسابيع قليلة.

النُمُوّ المُقدّر في موازنة ٢٠٢٠ الخاص بضريبة الدخل والبالغ ٢٠٧ ملايين دينار، أو ما نسبته ١٩.٥ بالمئة ناتج عن التطبيق لفترة زمنيّة كاملة لقانون الضريبة والذي ستنعكس عليه تحصيلات الخزينة من ضريبة الأفراد تحديداً.

هذه مؤشرات ماليّة حول الإطار العام لمشروع موازنة ٢٠٢٠، وسنلقي الضوء لاحقاً على ابرز التحدّيات التي تواجهها سواء أكان بالعجز أم المديونيّة أن نسبة النُمُوّ المُقدّر.

[email protected]

التعليقات مغلقة.