صحيفة الكترونية اردنية شاملة

أَرقَام العَمَل

الوزارة أرادت أن تتعلق بأي قشة حتى تُعطي اِنطباعات إيجابيّة عن أوضاع سوق التشغيل وأن سياساتها التشغيليّة بدأت تؤتي أكُلّها وها هي الأرقام تتحدث عن تحسّن في ذلك، لكن للأسف تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فأرقام البطالة في تزايد مُستمر، ولغاية الآن لم يحدث أيّ تطوّر إيجابيّ مُنذ بداية عام ٢٠١٩

أَدَلَت وزارة العَمَل بتصريحين صَحفيين خلال الفترة القليلة الماضيّة جديرين بالاهتمام والتعليق.

الأول مُتعلق بانخفاض مُعدّلات البِطالة في الربع الثالث (١٩.١بالمئة) مُقارنة مع الربع الثانيّ الذي قبله (١٩.٢ بالمئة).

الثاني مُتعلق بتصريح وزير العمل بأن نحو 7 آلاف شخص تركوا العَمَل من بين 30 ألف فرصة عمل وفرتها وزارة العَمَل.

في الحقيقة أن التصريحين السابقين واللذين لم يأتي أيّ توضيح بِشأنها من جهات رسميّة أو تعليق على حيثياتهما في هذا الوقت تحديداً والذي تزدحم فيه وسائل الإعلام بِنشر أخبار وزارة العَمَل وجهودها في إعلان موجات كبيرة من التعيينات في مُختلف القطاعات الاقتصاديّة والتي يرى الوزير أنها اقتربت فعلاً من عدد الـ٣٠ ألف وظيفة التي كانت قد أعلنتها الحُكومة عن استعدادها لتوفيرها في عام ٢٠١٩.

بداية من الخطأ الإحصائيّ أن تقوم وزارة العمل بالتعليق على نتائج إحصاءات البطالة، لان التحليل يحتاج إلى مختصّين مهنيين وليس إلى مُنظرين أو هواة في التعاطي مع الرقم الإحصائيّ.

فلا يجوز مُقارنة أرقام البطالة الربعيّة بالربع الذي قبله، إنّما تأتي المقارنة الربع بالربع الذي يشابهه بالوقت والموسم في العام الماضيّ، وبالتالي فأن النتيجة التي خرج بها تحليل وزارة العَمَل بأن مُعدّلات البطالة في تراجع خلال الربع الثالث هو انحراف في التحليل وخطأ جسيم، فالبطالة لم تنخفض بالأردن أبداً، وهي في اتجاه تصاعديّ كُلّ فصل ربعيّ من العام منذ عام ٢٠٠٩، وهي في ارتفاع دوريّ لم تتراجع أبداً مُنذ ذاك الوقت.

لكن يبدوا ان الوزارة أرادت أن تتعلق بأي قشة حتى تُعطي اِنطباعات إيجابيّة عن أوضاع سوق التشغيل وأن سياساتها التشغيليّة بدأت تؤتي أكُلّها وها هي الأرقام تتحدث عن تحسّن في ذلك، لكن للأسف تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فأرقام البطالة في تزايد مُستمر، ولغاية الآن لم يحدث أيّ تطوّر إيجابيّ مُنذ بداية عام ٢٠١٩.

الأمر الآخر وتعليق بتصريح الوزير أن نحو 7 آلاف شخص تركوا العمل من بين 30 ألف فرصة عمل وفرتها وزارة العمل، وهنا ليسمح لنا معالي الوزير أن نُعاتبه في هذا الموضوع لأن الأساس كان خاطئاً في التعيينات وحتى طريقة الإعلان عنها، فكُلّ يوم نسمع عن مئات وآلاف فرص العمل التي جلبتها الوزارة مع القطاع الخاص، وبالتالي خيل لنا أن اذا ما استمرت الوزارة على ذات النهج الإعلانيّ والإعلاميّ في التوظيف فأنها ستتجاوز حدود الأردن في محاربة البطالة وقد تستفيد من هذه التجربة دول الحوار، لكن للأسف هذا الأمر غير حقيقيّ أبداً علي الإطلاق، فمعدّلات البطالة في ارتفاع، وهذا أمر طبيعيّ في ظل تراجع مُعدّلات النُمُوّ الاقتصاديّ، وخروج الأردنيين من تلك الوظائف التي تحدث عنها الوزير أيضاً أمر طبيعيّ، فبرامج الوزارة التأهيليّة لِسوق العَمَل فاشلة بامتياز، وأرباب العَمَل هم ادرى باحتياجاتهم من العَمَل من الوزارة ذاتها، فإحلال العمالة المحليّة بدلا ًمن الوافدة لا يتم برفع التصاريح أو من خلال اتفاقيات التشغيل مع القطاع الخاص، وإنّما بالتدريب المؤسسيّ الممنهج والمتفق عليه مع القطاع الخاص، الذي هو من يجب عليه تحديد أولويات سوق العَمَل واحتياجاته، لا الوزارة التي يجب أن تنحصر وظيفتها بتوفير هيكل التدريب والدعم الماليّ للعاملين الجدد والداخلين لسوق العَمَل، فأرباب العَمَل هم حريصون على الحصول على عمال أردنيين لِكُلّفهم الأقل من العمالة الوافدة، لكن الذي يهمهم بالدرجة الأولى وقبل الكُلّف الماليّة هو الإنتاجيّة والكفاءة بالعمل قبل كُلّ شيء.

[email protected]

التعليقات مغلقة.