صحيفة الكترونية اردنية شاملة

ماليّة النوّاب والموازنة

يتطلع الجميع في ظل هذه الظروف الاستثنائيّة لأن يلعب مجلس النوّاب من خلال لجنته الماليّة لدور غير تقليديّ في الرقابة على الموازنة في هذه المرحلة الحساسة التي يعيشها الاقتصاد الوطنيّ

في المرّة الماضيّة، أُقرّت موازنة ٢٠١٩ في جلسةٍ واحدة لِمجلس النوّاب، وهي سابقة لم تحدث من قبل، فبعد تقديم اللجنة الماليّة لتقريرها تم التصويت فوراً على القانون ولم يتم فيه أيّة خِطابات رنانة حول القانون الأكثر جدلا ًفي البرلمان.

في السابق كان نقاش قانون الموازنة يتحوّل إلى موسم للخطابات الرنانة، بعضها باتجاه المَطالب المواطنيّة والخدميّة لِدوائر النوّاب الانتخابيّة، والبعض الآخر يراها فُرصة لِرفع حدّة الخطاب الناقد ضد السياسات الحكوميّة، ولا يوجد أفضل من الموازنة التي دائماً وأبداً تتضمن عجزاً وإنفاقاً كبيرين.

اليوم ماليّة النوّاب استلمت مشروع قانون موازنة ٢٠٢٠، وشرعت مُنذ اليوم الأول في اجتماعات دوريّة مع مُختلف الجهات المعنيّة لِمُناقشتها في بنود خطة الدولة الماليّة، ومن المرجح أن يتم الانتهاء من سلسلة النقاشات قبل النصف الأول من الشهر المُقبل.

وحتى لا تكون النقاشات تقليديّة هذه المرّة لاعتبارات طبيعة الوضع الاقتصاديّ والظروف الاستثنائيّة التي يعيشها الأردن ماليّاً في الوقت الراهن، لا بد للجنة الماليّة أن تتحقق من مجموعة الأساسيات التي ستؤدي حتماً في النهاية إلى إعداد تقرير دقيق وواقعيّ عن قانون الموازنة.

فرضيات الموازنة التي بُنيت عليها الإيرادات هي اِحدى أساسيّات النقاش التي يجب التحقّق من واقعّيتها قدر الإمكان، ونحن هُنا نقول فرضيات وليست مسلمات، والتحقّق يكون باقترابها للواقع وليس أن تكون من نسج الخيال كما حصل في السنوات السابقة في تقديرات أسعار النفط والإيرادات.

التأكد قدر الإمكان من سلامة الخطة التنفيذيّة للوصول إلى الإيرادات الماليّة المُستهدفة وخاصة تلك المتعلقة بمكافحة التهريب وتعزيز التحصيل الضريبيّ ودعم الجهاز الحكوميّ المُكّلف بذلك.

ماليّة النوّاب مُطالبة اليوم برقابة اكثر فاعليّة في موضوع ضبط النفقات وترشيد الإنفاق قدر الإمكان والوصول إلى الغايات المستهدفة في الموازنة دون هدر ناتج عن سوء الإدارات في مؤسسات الدولة المُختلفة.

وهنا يتطلب من اللجنة الماليّة التحقّق من بسط الاتفاق والترشيد الذي تمارسه الحُكومة هو معالجات للتشوهات في الإنفاق ولا يمس المحركات الأساسيّة للتحفيز الاقتصاديّ.

والنُمُوّ وتقديرات التي حددتها الحُكومة في الموازنة تتطلب هذه المرّة تحركاً من اللجنة وبالتشاور مع الجهات الرسميّة الفنيّة المُختلفة وأن تتأكد قدر الإمكان من أن نسبة النُمُوّ المُقدّر قريبة للواقع الفعليّ الذي يعيشه الاقتصاد الوطنيّ وغير مبالغ فيه كما حصل في المرّات الماضيّة، والتأكد من دراسة الوضع اقتصاديّاً وكيفية انعكاس الخطة الماليّة الدولة وإنفاقها على النشاط الاقتصاديّ ورفع مُعدّلات النُمُوّ بالشكل المُستهدف.

تستطيع اللجنة الماليّة في مجلس النوّاب أن ترتقي بعمليّة الرقابة النيابيّة على الحُكومة من خلال الموازنة التي جرت العادة أن يكون النقاش عليها ومراقبتها بعد إقرارها محدود للغاية ويكاد في بعض الأحيان أن يكون شبه مختفي عن الساحة، مما يمكّن الحُكومات من تجاوز بنود قانون الموازنات بشكل كبير يؤثر سلبّاً على تنامي العجز والمديونيّة ولا يحقق النُمُوّ المُستهدف أيضاً، لذلك يتطلع الجميع في ظل هذه الظروف الاستثنائيّة لأن يلعب مجلس النوّاب من خلال لجنته الماليّة لدور غير تقليديّ في الرقابة على الموازنة في هذه المرحلة الحساسة التي يعيشها الاقتصاد الوطنيّ.

[email protected]

التعليقات مغلقة.