صحيفة الكترونية اردنية شاملة

خطة وطنيّة أو برنامج الصندوق 

الأصل أن يكون هناك خطة اقتصاديّة وطنيّة للدولة، ويكون محور عمل الحُكومات تكييف برامج الصندوق للوصول إلى أهداف تلك الخطة لا العكس كما حدث في السنوات السابقة

لم يمنع دخول الأردن بعد عام ١٩٨٩ والتي انهار فيها الاقتصاد وفقد الدينار اكثر من ٥٠ في المئة من قيمته أمام الدولار تحت مظلة صندوق النقد الدوليّ من أن تمارس الحُكومات دورها التخطيطيّ في إدارة الاقتصاد الوطنيّ وبناء خطط تنمويّة ثلاثيّة وخمسيّة معاً بجانب برامج التصحيح الاقتصاديّ التي وقع الأردن لغاية هذا اليوم ١٦ برنامجا منذ ذلك التاريخ.

صحيح أن برامج التصحيح كان لها قوّة التغير والإلزاميّة بِحُكم أن للصندوق سُلطة قوّية على أعضائه المانحين الذين بطريقة غير مباشر يضغطون على الاقتصاد الأردنيّ من خلال المنح والمساعدات المختلفة، إلا أن هذا لا يمنع الحُكومات من التخطيط في ظل برامج التصحيح وتكييف البرنامج مع خطط التنميّة لتتلاءم مع برامج الصندوق.

ما حصل في السنوات السابقة في الاقتصاد وتحديداً بعد عام ٢٠١١، أن الحُكومات لم تعد تلجأ للتخطيط التنمويّ كما كان في السابق، واكتفت ببرامج تنفيذيّة لا تتجاوز العام، ولجأت بدلا ًمن ذلك إلى برامج التصحيح مع صندوق النقد الدوليّ، واعتمدت عليها مليّاً في إدارة الاقتصاد الوطنيّ، والحقيقة أن هذا كان خطأ جسيم فعلته الحُكومات، فالأصل أن يكون لديها برامج تنمويّة مُخطط لها بعناية، وهي وليدة حِوار وطنيّ بين كافة مؤسساته المُختلفة، لِتكون عابرة للحُكومات ومجالس النوّاب، لا أن تعتمد على برامج تنفيذيّة قصيرة المدى، غالبيته لا يخرج من بنود الموازنة العامة.

نعم هناك مُشكلة في تعاطي الحُكومات مع الخطط والبرامج التنمويّة وبرامج التصحيح مع الصندوق، وهو كما وصفه المسؤول السابق الدكتور رجائي المعشر في محاضرته الأخيرة الأسبوع الماضي بأن هُناك خلطاً بين برنامَجِ  التصحيح الماليّ والاقتصاديّ المتفقِ عليهِ معَ صندوقِ النقدِ الدوليّ وخطةِ الحُكومة، فالأول يهدف للوصولِ إلى مؤشراتِ أداء للماليّةِ العامةِ وهي ضروريّة، أما الثاني فهو برنامج عمل الحُكومة لتحقيقِ أهدافِ برنامَجِ الصندوق، ولكنْ ما تمَ فعلاً هو أن برنامجَ عمل الحُكومات المتُعاقبة هدفَ إلى تحقيقِ أهداف برنامَج الصندوقِ من خلالِ زيادةِ ضريبة المبيعات وأسعار المشتقات النفطيّة وغيرِها من الإجراءات من دون برنامج وطنيّ لتحقيق النُمُوّ، وهذا أدى إلى زيادةِ العبءِ الضريبيّ حتى وصلَ إلى مستويات لا يجوز تجاوُزُها.

الأصل أن يكون هناك خطة اقتصاديّة وطنيّة للدولة، ويكون محور عمل الحُكومات تكييف برامج الصندوق للوصول إلى أهداف تلك الخطة لا العكس كما حدث في السنوات السابقة، فالدعم الدوليّ يجب أن يوجّه لتعزيز حضور الخطط الوطنيّة في مشهد الاقتصاد الوطنيّ، وهذا يجب أن يسبقه التزام حكوميّ ونيابيّ بتنفيذ هذه الخطط، لان العادة جرت أن كُلّ خطة محليّة تعلن يتم تجاهلها من الحُكومات التي تلي الحكومة التي أعلنتها، والأمر لا يختلف عن السلطة التشريعيّة، فالأصل هو اللجوء لِخطة وطنيّة يكون برامج الصندوق جزءاً منها لا أن تكون هي الكُلّ.

[email protected]

 

التعليقات مغلقة.