صحيفة الكترونية اردنية شاملة

خوري: إما إسقاط اتفاقية الغاز أو إسقاط مجلس النواب

قال النائب طارق خوري إن مجلس النواب أمام خيارين لا ثالث لها، إما إسقاط اتفاقية الغاز بين الأردن والاحتلال وإما أن يسقط مجلس النواب ويتأكد للرأي العام أنه “مجلس ديكور”.

وتاليا نص كلمته خلال مناقشة الموازنة:

حضرة الرئيس…
حضرات السادة الزميلات و الزملاء الكرام…

الأردنيون امام القانون سواء حسب مواد الدستور، وكذلك كفل الدستور العمل والتعليم لإشاعة الطمأنينة في قلوب كل الأردنيين، لكن الحكومات المتعاقبة تصر على مخالفة الدستور إذ أنها تنتصر للجغرافيا على حساب الديموغرافيا في مخالفة صريحة للدستور.
أبناء مدينة الزرقاء وأطرافها، ومعظمهم من أبناء المتقاعدين العسكريين، نحتوا الصخر وشقوا طريقهم إلى تأمين لقمة عيش كريم بعرق جبينهم، من دون الالتفات إلى الوظيفة الحكومية، وها هم يشكلون النسبة الأعلى من خزان العمال والحرفيين والمهنيين لعمان وضواحيها. وإنني إذ أحييهم وأغبطهم على إقبالهم بروح وطنية وثابة للعمل من دون إرهاق ميزانية الدولة، بل إنهم يساهمون في رفد الاقتصاد الوطني، لذلك على الدولة الأردنية إنصاف أبناء المدينة التي كانت تسمى مدينة العمال والعسكر، والتي أصبحت الآن مدينة المنتجين، علماً وفكراً وغلالاً وصناعة…
ما أعظمكم أبناء الزرقاء وأنتم الطاقة البشرية التى تستمد منها الأردن العطاء والحياة…
في الجزء الثاني من كلمتي المكتوبة هذه، لن أرفع شعارات لم تعد تغني ولا تسمن من جوع بل أضحت فولكلوراً يستخدمه مسؤولونا في المناسبات، بل أريد أن أدخل في موضوع أساسي وهام يشغل بال الأردنيين، مباشرة وبالسؤال الصريح: لماذا اتفاقية الغاز ؟
منذ عام 2018 بدأت الحكومة (حكومة دولة عمر الرزّاز) استملاك أراضي الفلاحين لتمديد أنبوب “العار” ضمن أراضينا بموجب اتفاق سري جرى عام 2016 مع حكومة دولة هاني الملقي حينها، والتي تنصّ على مدّ الأردن بالغاز المُغتصَب من أرضنا الفلسطينية لمدة 15 عاماً، طبعا مع تكبيل الأردن بشروط مجحفة، لا سيما الشرط الجزائي الذي يفوق المليار دولار وهو ما يعد جريمة بحقّ الوطن. وهنا نسأل: لماذا هدر المليارات كشروط جزائية هنا وهناك؟ أليس المال العام ملك الشعب الأردني ومن حقه أن يعرف أين يصرف هذا المال؟
لماذا نعقد المزيد من الاتفاقيات المذلة مع هذا العدو ونرهن مصير دولتنا وشعبنا، في وقت يفاخر هذا العدو جهاراً نهاراً باستهداف الأردن بصفقة القرن والوصاية الهاشمية؟ وللأسف أنّ ذلك يتم بالتواطؤ مع بعض الدول العربية …
لماذا هذا الاذلال ؟ ما المصلحة في رهن اقتصادنا وشعبنا وكرامتنا ووجودنا لأعدائنا؟
أما نحن البرلمانيون، ورغم كلّ ما يقال عن أنّ التراجع عن هذه الاتفاقية معقد وصعب، فإن دورَنا إن كنا حقاً ممثلين لأبناء شعبنا الأردني الحر، أن نرفع صوتنا عالياً مدوياً كصدى لصوتهم: صوت الحق أمام الحكومة وأن نستفيد من الأخطاء والثغرات الدستورية في هذه الاتفاقية وأن نشكل مع أبناء شعبنا رأياً عاماً ضاغطاً للتراجع عن هذه الاتفاقية التي تأخذ من الأردن أكثر بكثير مما تعطيه، فهذه الاتفاقية، وكما تعلمون زملائي النواب، هي غير دستورية مهما حاولت المحكمة الدستورية إعطاء تفسيرات مغايرة، ذلك أنّ المادة 33/ 2 من الدستور الأردني تنص على أنّ أي اتفاق تترتب عليه نفقات من الخزينة يجب أن يحظى بموافقة مجلس الأمة. كما أنه لا يجوز أن تتضمن أي اتفاقية بنوداً سريّة تتعارض مع البنود العلنية.
لقد برّرت المحكمة الدستورية عندما أقرت عدم عرض الاتفاقية على المجلس، باعتبارها اتفاقية تتعلق “بشؤون غير سياسية”. فليشرحوا لنا ماذا تعني عبارة “شؤون غير سياسية”؟ وكيف نكون “مجلس أمة” ويتم تغييبنا عن أمور مصيرية هامة تتعلق بسيادة هذه الأمة؟
منذ متى صراعنا مع هذا العدو الغاشم فيه فصل بين ما هو سياسي وما هو غير سياسي؟
وهل يعني هذا أننا قد نشهد في الأيام المقبلة اتفاقيات تطبيع ثقافية أو اجتماعية أو رياضية مثلاً من دون عرضها علينا بذريعة أنها غير سياسية؟
نحن حتى الآن، أيها السادة الزملاء، لا نعرف ما هي البنود السرية لاتفاقية الغاز حتى يوافق عليها المجلس أو يرفضها. وللأسف إنّ المواقف المتناقضة “لبعض” البرلمانيين تجاه العديد من القضايا المصيرية تضع مصداقيتنا جميعاً كممثلين لأبناء شعبنا على المحك، وكثيراً ما نسمع شعارات ومواقف رنّانة شعبوية من بعض البرلمانيين حول قضايا مختلفة، لكن وقت التصويت السياسي على الموضوع نجد هذه المواقف تضمحل وتتلاشى. حتى أنّ الكثير من أبناء شعبنا والصحافيين والمحللين يذهبون بعيدا في انتقادهم لنا إلى حد القول إنّ مجلسنا هذا هو مجرد ديكور وهو بعيد كل البعد عن هموم الأردنيين وأوجاعهم وقضاياهم وبالتالي لا يمثلهم!
زميلاتي وزملائي… ابتداءً من سعادة الرئيس وانتهاءً بأصغرنا سناً نحن أمام خيارين لا ثالث لهما إما أن نُسقط إتفاقية العار أو نَسقُط نحن والسقوط هنا ليس بالعودة إلى المجلس من عدمه بل هو السقوط الأخلاقي المريع…
وأنت دولة الرئيس ستغادر المكان يوماً ما ولكن أيا كان قرارك بشأن اتفاقية العار فإنك لن تغادر الزمان، وسيبقى شعبنا يذكرك إما بالارتهان والتخلي عن سيادة الوطن أو أن يكللك بالمجد والغار.

*طارق سامي خوري *

التعليقات مغلقة.