صحيفة الكترونية اردنية شاملة

صفقة القرن والرفض العربي المنضبط

على امتداد الشرق الاوسط وفي كثير من بقاع العالم تتوجه الانظار هذا الاسبوع إلى واشنطن حيث ينوي الرئيس الاميركي الاعلان عن خطته الموعودة التي أجل الاعلان عنها مرارا ولأسباب تتعلق بالانتخابات الاسرائيلية. في اسرائيل نشرت الصحافة الاسرائيلية بعض ملامح وتفصيلات الصفقة في حين أنكرت القيادات العربية ذات العلاقة اطلاعها او معرفتها بالتفاصيل التي يجري الحديث عنها.
أيا كانت التفاصيل وصلة المعنيين بها فلا أحد يتوقع أن تأتي الصفقة بما يحقق طموحات الفلسطينيين او يراعي حقوق وكرامة العرب.فهي تأتي في اكثر الاوقات التي يعاني فيها العالم العربي من الفرقة والانقسام والتفتت وتتهافت فيها الانظمة العربية على التقرب من الإدارة الاميركية والتطبيع مع الكيان الاسرائيلي. من هنا لا يوجد في العالم العربي من يتوقع ان ضمن الصفقة ما يرضي تطلعات القادة ويلبي آمال الشعوب العربية.
الجميع يعرف ميول الرئيس الأميركي وانحيازاته. فالرجل معروف بقلة اكتراثه بما توافق عليه العالم ونقده الدائم للموروث السياسي ومفاهيم الشرعية والحرية والحقوق. منذ توليه مقاليد الرئاسة وهو يتغنى بقدرته على تغيير الواقع وانجازاته في العالم العربي حيث تمكن من ابرام اكبر الصفقات وسجل ارقاما قياسية في تحسين الدخل الاميركي وخفض معدلات البطالة وازدهار الاسواق المالية وخفض توقعات العرب.
كغيره من الرؤساء يحلم ترامب بأن يدخل التاريخ بإنجازات مميزة وقد رأى أن بإمكانه ان يحقق ذلك من خلال تحقيق مكاسب نوعية للكيان الصهيوني. من سوء الطالع ان تتلاقى رغبات الرئيس المغامر مع احلام اليمين الاسرائيلي وسياساته التوسعية في لحظة تعاني فيها الأمة العربية من التدهور والإنهاك بعد اعوام من الصراعات الداخلية وما صاحبها من اختراقات صهيونية وعالمية أتت بقيادات ورؤى فوضوية وعبثية جديدة.
الفلسطينيون والاسرائيليون ينتظرون ومعهم العديد من شعوب ودول ومنظمات العالم الاعلان الرسمي عن مشروع الرئيس الاميركي دونالد ترامب لحل الصراع العربي الاسرائيلي بعدما قام البيت الابيض بدعوة كل من نتنياهو وغانس لواشنطن ليشاركا الاحتفال في إسدال الستار عن الإنجاز التاريخي الذي ينوي الرئيس الاميركي ترامب إهداؤه للكيان الصهيوني تحت مسمى «صفقة القرن».
في واشنطن وعلى مقربة من الكابيتال هيل حيث يستمع مجلس الشيوخ إلى عروض ومداولات لائحة الاتهام التي أحال بموجبها النواب الرئيس إلى المحاكمة بتهم الفساد واساءة استخدام السلطة يبحث ترامب عن انجازات تخفف التركيز الاعلامي على مجريات النقاش وتعكس صورته كسياسي متماسك يستطيع العمل والانجاز وإدارة الملفات الشائكة تحت الضغوط وغير مكترث للإجراءات العبثية التي يحاول من خلالها الديمقراطيون تشويه صورته وإظهار عدم صلاحيته للحكم.
الرئيس الذي يستعد لخوض الانتخابات الرئاسية للمرة الثانية يحرص على ان يبدو للناخب الاميركي والقواعد الداعمة له على انه رئيس عملي يعمل على تحقيق وعوده ولا يخشى القرارات الصعبة. صورة السياسي الذي يفي بالوعود ويتجنب المناورات التي اعتاد عليها السياسيون هي التي يحرص الرئيس على تكريسها فقد قال اثناء حملته بأن الشعب اليهودي يحتاج إلى اعادة الاعتبار وحفظ الكرامة وطمأن المقربين بأنه سيوافق على الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل وينقل سفارة بلاده اليها.
في مؤتمراته الصحفية المتعددة تحدث ترامب بزهو كبير عن كونه اول رئيس اميركي ينفذ ما وعد به. ولم يتردد او يحاول إخفاء مشاعر الازدراء وقلة الاحترام للعرب والتجاهل لحقوقهم فقد تفاخر مرارا بنجاحاته في إرغامهم على تحمل نفقات الحضور العسكري الاميركي في المنطقة ونجاحه في ابرام اتفاقيات التعاون العسكري والتكنولوجي الذي وفر مئات المليارات للاقتصاد الاميركي.
باستثناء المواقف التي اتخذها الأردن عند اعلان ترامب القدس كعاصمة لإسرائيل ولاءات الملك الثلاثة ورفض السلطة لمقابلة نائب الرئيس الاميركي اثناء جولته في اعقاب قرار نقل السفارة الاميركية إلى القدس تتراوح المواقف العربية حيال ما يجري بين التواطؤ والصمت والرفض المنضبط. أيا تكن تفاصيل الصفقة والدعم الفعلي لها فلن تغير في واقع القضية شيئا ما لم تتغير نفوس القادة واللاعبين الاساسيين. الغد

التعليقات مغلقة.