صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الحيــاة والنــــور والســـــــــلام في ليــبيــا

 

الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ليبيا السيد جيراردو نوتو

لقد أثر الصراع والانقسامات والحرب على ليبيا لعدة سنوات، ولكن الجهات الدولية الفاعلة والأمم المتحدة لم تقف مكتوفة الأيدي بشأن ذلك، حيث التزموا بدعم الشعب الليبي في بناء دولة مسالمة وشاملة للجميع. لقد أتاحت قمة برلين الأخيرة فرصة جديدة لإشراك الجهات الفاعلة الدولية والأمم المتحدة لدعم الليبيين لبناء دولة سلمية وشاملة للجميع تدعم الشروط اللازمة لوقف إطلاق النار المضمون وحظر فعلي لتوريد السلاح ودعم المسار الإقتصادي والسياسي والأمني وحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. يجب الآن على الجهات الدولية الفاعلة الوفاء بالتزاماتها في بيان برلين، ويجب على الشعب الليبي الانخراط في حوار حقيقي لبناء السلام ومؤسسات الدولة الموحدة لمصلحة الجميع.

كانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وكذلك وكالات الأمم المتحدة الأخرى، حاضرة طوال هذا الوقت، حيث قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بدعم المؤسسات العامة والحكومات المحلية والمجتمع المدني والمجتمعات المحلية لمواصلة بناء أسس للتنمية الشاملة التي لن تكون ممكنة إلا بتحقيق السلام الدائم.

وبدعم من المجتمع الدولي والحكومة الليبية، استثمر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي 50 مليون دولار أمريكي في عام 2019 بهدف تحقيق الاستقرار والصمود والتعافي والمساهمة في إدارة الصراع والتماسك الاجتماعي.

في شتى أنحاء البلاد، وحيثما استدعت الحاجة !

نحن نعمل من طرابلس إلى بنغازي وسبها، ومن بني وليد إلى الكفرة وغات، أي في الغرب والشرق والجنوب، كما إننا ندعم 40 بلدية ونخطط لإضافة 20 بلدية أخرى من جميع المناطق التي يقطن بها حوالي 75 بالمائة من الناس.

لقد شهدت بنفسي تأثير مساهمة البرنامج في بلدة تاورغاء، حيث أجبر 40,000 شخص على مغادرة منازلهم نتيجة للنزاع وأصبحوا مشردين لأكثر من سبع سنوات. ولذلك، عملت الأمم المتحدة وآخرون لسنوات عدة مع أهالي مدينتي مصراته وتاورغاء لتحقيق المصالحة، حيث توصلوا إلى اتفاق في 2018 يتيح للأهالي العودة بسلام إلى أرضهم.

منذ وصولي إلى ليبيا في مارس 2019، أدركت أن عملية المصالحة بين شعب تاورغاء ومصراته هي القضية النموذجية لبناء وتحقيق السلام.

لقد قررت شخصياً الدفع للمساهمة في هذه عملية عودتهم. وبالرغم من القيود الأمنية، تمكنت من زيارة المدينتين في شهر أغسطس الماضي وتحدثت إلى المسؤولين وحاولت تقريب وجهات النظر. لقد رحبوا بزيارتي وأكدوا التزامهم القوي بإعادة بناء مجتمعاتهم. لقد شهدت أيضاً التزام الحكومة الليبية بمساعدة أهالي تاورغاء من خلال دعم ترميم البنية التحتية الرئيسية.

كما زرت مركز الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي في مدينة طمينه، وهي بلدة تقع بين المدينتين، المركز الذي ساهم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في إنشائه بدعم من الوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي. كان الناس من تاورغاء ومصراته يخشون الجلوس معاً، والآن في المركز، تدرس النساء من كلا المدينتين معاً ويخلقن مشاريع تجارية ومبادرات اجتماعية مشتركة. لقد سمعت من النساء قصصاً محزنة عن سوء المعاملة وقصصاً اخرى مذهلة حول التعافي.

عدت في أوائل ديسمبر، وشهدت على عدد العائلات التي عادت إلى مدينتها، وعدد الطلاب الذين يتعلمون في المدرسة الوحيدة حتى الآن في البلدة وكيف يتم إصلاح البنية التحتية الرئيسية من قبل الحكومة الليبية والأهالي هناك، والعيادة العامة والمستشفى، والشبكة الكهربائية. كما يتم تامين المدينة من قبل الشرطة المحلية بتوفير مرافق ومعدات جديدة.

دع النــور يســطـع

في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، كنا حريصين على تقديم المساعدة ولذلك شرعنا على الفور في التشاور مع المجتمع المحلي حول امس احتياجاتهم.

قمنا بتوفير سيارة إسعاف للعيادة ونعمل الآن على صيانة ثلاث مدارس وتزويد المدرسة الموجودة بمعمل حاسوب محمول يعمل بالطاقة الشمسية، ومن خلاله يمكن لجميع الطلاب الآن الاتصال بالإنترنت، مما يقلل من أوجه عدم المساواة.

هناك عدة أشياء قد يرى البعض أنها خطوات صغيرة ولكنها غيرت حياة العديد من الأشخاص وهي أيضا نداء للذين لم يعودوا إلى المدينة بعد. إن أحد أفضل المشاريع التي تم انجازها هي تركيب المصابيح الشمسية على طريق المدخل الرئيسي للبلدة.

لقد تأثرت لحظة قراءتي لتعليقات الناس على الصفحة الرسمية لرئيس لجنة المصالحة في تاورغاء – مصراته على فيسبوك، حيث عكست هذه التعليقات الترحيب واسع النطاق بمشروع إنارة الشوارع بألواح الطاقة الشمسية، والإشادة بصندوق تحقيق الاستقرار في ليبيا. تضفي هذه الأضواء شعوراً بالأمان في المنطقة، وهي أيضاً أمل لمستقبل مشرق.

إعادة الحياة إلى المجتمعات المحلية

يسهم الاستقرار والمرونة في تشكيل ظروف السلام. نحن كلنا أمل، وندعم بشكل فعال مع بعثة الأمم المتحدة وغيرها من منظمات الأمم المتحدة الأخرى، مسارات الحوار التي تم تحديدها في مؤتمر برلين. نحن نعلم أن التحديات عظيمة، ولكن إرادة والتزام الليبيين عظيمة أيضاً.

وكما لاحظت في بلدة تاورغاء، فإن إنارة الشوارع وغيرها من أشكال الدعم التي نقدمها، تساعد الليبيين على إعادة الحياة إلى مجتمعاتهم.

لذلك وفي هذه الفترة الانتقالية، لا يزال الدعم والخبرة الدولية أمران ضروريان للمساهمة في الفعالية والشفافية وبناء المؤسسات الحديثة والشاملة.

نحن هنا للمساهمة في السلام والذي سيطلق العنان للقوة الإبداعية في المجتمع الليبي والتقدم نحو التنمية الشاملة والمستدامة التي تستحقها البلاد.

التعليقات مغلقة.