صحيفة الكترونية اردنية شاملة

إلى متى يستمر حظر التجول؟

لجأت الدولة إلى أكثر الإجراءات تشددا لمنع انتشار فيروس كورونا في الأردن، فقد قضى أمر دفاع بحظر التجول الكامل في عموم البلاد اعتبارا من يوم أمس السبت، على أن يمنح المواطن فسحة من الوقت ستحدد لاحقا لقضاء حاجياته.
في الأسبوعين الماضيين تدرجت الحكومة في قراراتها الاحترازية، لكن مع تسجيل المزيد من الإصابات، توصلت خلية الأزمة إلى قناعة تامة مبنية على معطيات طبية وميدانية، بضرورة اتخاذ إجراءات صارمة للحؤول دون وقوع كارثة صحية في الأردن على غرار ما حصل لدول أوروبية تباطأت في خطواتها.
محصلة تقييم المخاطر خلصت إلى أن كل إجراء متشدد نتخذه اليوم، يمنحنا القدرة على احتواء الفيروس وتقليص الخسائر البشرية والمادية، وتخفيف الضغوط على نظامنا الصحي، إضافة إلى تقصير أمد المعركة في الفيروس.
كان هناك بعض التحفظات على توقيت قرار حظر التجول، لكن في العموم قوبل القرار بترحيب واسع من المواطنين، والتزام ظهرت بوادره بعد الساعات الأولى على دخوله حيز التطبيق.
إلى متى يستمر حظر التجول إذا؟
المرجح أن الأسبوع الحالي سيمضي على نفس الوتيرة، مع فترات سماح للمواطنين بالتجوال ضمن أوقات محددة لتأمين احتياجاتهم الأساسية. في الأثناء تستمر عملية التعليم عن بعد في المدارس والجامعات، وهذا أمر في غاية الأهمية بالنسبة لأصحاب القرار في الدولة.
نهاية الأسبوع الحالي ستخضع الإجراءات المتخذة للتقييم في ضوء النتائج. من المهم في هذا الصدد مراقبة عداد الإصابات؛ زيادة أو ثباتا، وتطورات الحالة في دول الجوار والعالم، لاستخلاص الدروس منها.
الإشارات على هذا الصعيد تفيد بأن حالة الاستنفار القصوى مستمرة لعدة أسابيع، وقد نحتاج في الأردن لفترة أسبوعين إضافيين لضمان “كسر السلسلة”، والتأكد من نتائج فحوصات مئات المخالطين لأشخاص ثبتت إصابتهم بالفيروس ويتلقون العلاج حاليا في المشافي.
النتائج ستحكم قرار خلية الأزمة فيما يخص استمرار حظر التجول من عدمه، أو اللجوء إلى نظام مرن يسمح للمواطنين بفترات سماح أطول شرط التقيد بالتعليمات الصحية.
ما من أحد في أصحاب القرار يرغب باستمرار الوضع الحالي يوما إضافيا، فالجميع يدرك حجم الخسائر الاقتصادية والأكلاف الاجتماعية المترتبة على حالة الشلل في المرافق العامة والخاصة، وتعطل حركة الإنتاج والعمل في قطاعات عديدة، وحشر الملايين في منازلهم لأيام طويلة، لكن هذا هو حال العالم كله اليوم. مئات الملايين أسرى بيوتهم، وبعضهم في ظروف أسوأ بكثير مما نعتقد. عواصم كبرى لدول عريقة يعاني سكانها نقصا فادحا في المواد الغذائية والمستلزمات الأساسية، بينما أسواقنا ظلت حتى الساعات الأخيرة عامرة بكل المواد الضرورية والكمالية، وأقبل المواطنون على الشراء والتخزين بنهم شديد.
إننا نمر في اختبار وطني غير مسبوق، ربما لملايين الأردنيين الذين لم يشهدوا في حياتهم حظرا للتجول في الخمسين سنة الأخيرة من عمر الدولة. لكن الفرق في تجربتنا أن دولتنا ومؤسساتنا أكثر قدرة واقتدارا، وتدير المحنة التي نمر بها بكفاءة يشهد لها البعيد قبل القريب.
نحتاج لمزيد من الصبر والثبات، لأن الأيام المقبلة زاخرة بالتحديات.

التعليقات مغلقة.