صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الأردن والدعم الدوليّ في ظل كورونا

ليس من السهل على دولة صغيرة مثل الاردن تحيط التحديات بها من كُلّ جانب ان تحظى بمثل هذا الدعم والرعاية الدوليّة لولا مكانتها بفضل قيادتها التي انتزعت احتراما دوليّاً بجهودها ورؤيتها الإصلاحيّة في المنطقة والعالم، وهو ما يبعث برسائل طمأنينة للجميع بأن الأردن قادر على تخطي كُلّ الصعاب التي تدور حوله ولا مجال للتشكيك في ذلك.

‬قبل أيام قليلة من قرار الحكومة بفرض الحظر الشامل وإيقاف الأنشطة الاقتصاديّة جميعها، وافق صندوق النقد الدوليّ بشكل مفاجئ على برنامج تصحيحيّ جديد مع المملكة لأربع سنوات وبتسهيلات ميسرة مجموعها ما يقارب ال1.3 مليار دولار، وهو ما شكّل مفاجأة للمراقبين، مع علم الجميع ان كُلّ مؤشرات وفرضيات البرنامج الجديد ستتغير حتماً بفعل فايروس كورونا، ومع ذلك تم إقرار البرنامج.

هذا القرار في هذه الظروف يعني ان الأردن يحظى بدعم المجتمع الدوليّ والدول المانحة ، والبرنامج الجديد رسالة إيجابيّة للعالم بأن هناك ثقة بالاقتصاد الأردنيّ وأنه قادر على السير للأمام وهو يختلف اختلافاً جذريّاً عن باقي دول المنطقة والجوار التي تعاني من مشاكل كبيرة وخطيرة لم يلتفت اليها صندوق النقد الدوليّ رغم مناشدتها له بالتدخل.

الصندوق تطوّع ذاتيّاً واتصل مع جهات الحكوميّة لإدخاله في برنامج الدعم السريع الذي خصصه لدعم الدول في مواجهة فيروس كورونا، وهو ما يمسح للمملكة بالحصول على تسهيلات ماليّة بفائدة مخفضة لفترات طويلة بقيمة كامل حصص المملكة ومساهمتها في الصندوق والبالغة 400 مليون دولار سيخصص لتلبية نفقات الحكومة المختلفة.

الدعم الدوليّ لم يقتصر عالصندوق، فالاتحاد الأوروبيّ ورغم مشاكله الكبيرة منح الاردن منحة ماليّة بقيمة 200 مليون دولار لمواجهة تداعيات فيروس كورونا.

البنك الدوليّ وضع الأردن على سلم برامجه المختلفة التي بموجبها سيحصلون على دعم ماليّ ومنحا لمواجهة آثار الوباء، كما ان البنك الدوليّ وافق على تقديم مبكر وفي غير موعده للدفعة الثانية من قرضه للأردن وبقيمة 725 مليون دولار.

الولايات المتحدة أيضا وافقت مبدئيّاً على تبكير دفع مساعدتها الاقتصاديّة للمملكة بقيمة 850 مليون دولار من اجل تلبية نفقاتها المختلفة ومساعدتها على الاستقرار الماليّ.

هذه الجهود التي تبذل اليوم لها أهمية خاصة، لأن باب الاقتراض الخارجيّ شبه متوقف، ولا يوجد منافذ إقراضيّة في الوقت الحالي، ولا إمكانية للأردن حتى بطرح سندات خارجيّة في هذا الوقت بالتحديد حيث ان الحكومة متخوفة من تداعيات كورونا على الاقتصاد.

مرونة المجتمع الدوليّ للأردن من الناحية الاقتصاديّة كانت لسببين رئيسين هما:

أولًا : المكانة الدوليّة المرموقة للقيادة الهاشميّة والتي تحظى باحترام كبير في العالم والمجتمع الدوليّ والتي باتت تشكّل انموذجا للقيادات العالميّة في تعاملها مع مختلف القضايا الإنسانيّة، وحضور الملك في مختلف المحافل وتشخيص حالة المصداقيّة والعقلانيّة في خطابه العالميّ، الامر الذي جعل الملك محط احترام وتقدير واعجاب من دول العالم.

ثانيا : مبادرة الحكومة في الإصلاحات الماليّة ومراجعة تداعيات كورونا من خلال حزمة إجراءات بدأت من نفسها دون أيّ تعليمات من الخارج مثل قرارات ضبط الإنفاق وتقليل الرواتب والعلاوات وإيقاف المكافآت والمبادرة بحزم مالية من خلال البنك المركزيّ، وهذه إجراءات ذاتية قامت بها الحكومة أثارت إعجاب مؤسسات دوليّة مهمة كمثل صندوق النقد الدوليّ الذي قدر جهود الحكومة وباشر بالعمل معها كفريق واحد لمواجهة تداعيات كورونا على القطاعات الاقتصاديّة المختلفة سواء اكانت رسميّة ام خاصة.

ليس من السهل على دولة صغيرة مثل الاردن تحيط التحديات بها من كُلّ جانب ان تحظى بمثل هذا الدعم والرعاية الدوليّة لولا مكانتها بفضل قيادتها التي انتزعت احتراما دوليّاً بجهودها ورؤيتها الإصلاحيّة في المنطقة والعالم، وهو ما يبعث برسائل طمأنينة للجميع بأن الأردن قادر على تخطي كُلّ الصعاب التي تدور حوله ولا مجال للتشكيك في ذلك.

 

SalamahDarawi@

(نقلا عن صحيفة الغد)

التعليقات مغلقة.