صحيفة الكترونية اردنية شاملة

“الصدام الكبير”: رسالة ملكية تتجاوز إسرائيل لتقرع في واشنطن

تذهب العلاقات الأردنية الإسرائيلية نحو الأزمة والتصعيد، في ظل ما تحدثه التطورات والتصريحات الإسرائيلية بشأن مخططات الضم الإسرائيلية لغور الأردن.
ويرى مراقبون ان العلاقة بين الأردن وإسرائيل تواجه تحديات متواصلة يتمثل آخرها بإعلان اسرائيل نيتها ضمّ أراض في الضفة الغربية المحتلة سبقته توترات حول الأراضي الأردنية المستعادة في الباقورة جنوب بحيرة طبرية وفي منطقة الغمر في وادي عربة.
تصريحات جلالة الملك عبدالله الثاني بخصوص حدوث صدام كبير مع اسرائيل في حال تنفيذها قرار ضم مناطق في الضفة الغربية الى سيادتها، اربكت الإدارة الأميركية الامر الذي استدعى تأكيدا من الخارجية الأميركية بأن علاقات الولايات المتحدة الأميركية وثيقة مع الأردن، الذي يلعب دورا خاصا في الشرق الأوسط، وخاصة علاقته بإسرائيل.
وكان جلالة الملك عبدالله قال في مقابلة مع مجلة “دير شبيغل” الألمانية، إنه إذا ما ضمّت إسرائيل أجزاءً من الضفة الغربية فسيؤدي ذلك إلى صِدام كبير مع الأردن، مضيفا “لا أريد أن أطلق التهديدات أو أن أهيئ جواً للخلاف والمشاحنات ولكننا ندرس جميع الخيارات إذا جرى الضم”.
وأكد الملك أن حلّ الدولة الواحدة ما يزال مرفوضاً بشدة في اجتماعات جامعة الدول العربية وأن حلّ الدولتين هو السبيل الوحيد الذي سيُمكّننا من المضي قُدما.
ويقول رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية الدكتور محمد مصالحة: في الحقيقة كانت تصريحات جلالته رساله واضحة لا لبس فيها للطرف الإسرائيلي الذي تخطى كل المحاذير وتجاوز اتفاقيات السلام مع الجانبين الأردني والفلسطيني التي تستوجب الاحترام من كل الأطراف الموقعة او الراعية لها.
واضاف، “ان رئيس الحكومة الإسرائيلي بتصريحاته وخططه لضم المستوطنات في الضفة الغربية ووادي الاردن إنما ينسف كل المبادئ التي توخيناها من معاهدة السلام، وتقوض فرص الاستقرار وإقامة دولة للفلسطينيين، اذ بدون هذه المرتكزات لن يستقر الوضع في الشرق الأوسط، وان حل الدولة الواحدة كما قال جلالته عبارة عن برميل بارود لأنه ينكر حقوق الفلسطينيين المشروعة ويجر المنطقة إلى حالة صدام جديدة”.
ويرى مصالحة ان حديث الملك من حيث التوقيت والمناسبة يعبر تماماً عن موقف الدولة الأردنية والرأي العام الوطني، إلى جانب كونه انتصارا ودعما للسلطة الفلسطينية، ومن شأن هذه الخطوة العدوانية من جانب إسرائيل ان تهدد استمرار السلطة وعدم بقائها قادرة عن العمل جراء قيام الحكومة الإسرائيلية بتجاوز كل الخطوط الحمراء.
وبالنسبة للموقف الأميركي، يقول المصالحة، انه بدأ وكأنه تفهم الرسالة التي أراد الاردن إرسالها إلى كل من واشنطن والعواصم الأوروبية واسرائيل، ولهذا جاء الموقف الاميركي مستجيبا لما ورد في التصريحات الملكية حول خطورة إجراءات وخطط حكومة إسرائيل، على امل أن تستجيب واشنطن كأكبر طرف منخرط في الصراع لثني إسرائيل عن المضي قدما في خططها.
ويرى مصالحة ان حل الدولة الواحدة لن يلبي مطالب الفلسطينيين في حق تقرير المصير، وبلا شك فإن الموقف الاوروبي الذي توجه اليه الاردن مؤخرا قد استجاب للطرح الاردني، معتبرا اي اجراءات تقوم بها اسرائيل من طرف واحد بضم اراض محتلة هو اجراء غير شرعي ومخالف للقررات الدولية.
ووجه مصالحة الدعوة الى الدول العربية التي طرحت مبادرة السلام العربية العام 2002 ، ان تتحمل مسؤولياتها في الدفاع عن هذه المبادرة كونها مثلت اجماعا عربيا حول شروط تسوية القضية الفلسطينية، مستغربا في نفس الوقت عدم تحرك الجامعة العربية لعقد جلسة طارئة لمناقشة الخطط الاسرائيلية العدوانية.
من جهته يرى وزير الخارجية الاسبق الدكتور كامل ابو جابر، أن الدبلوماسية الأردنية تراهن على البوصلة الأوروبية لتتحرك في الاتجاهات المضادة، وتشكيل رأي عام يؤدي إلى تقليص فرصة الأجندة الزمنية لمشروع الضم على أقل تقدير بدلا من المضي قدما فيه في شهر تموز (يوليو) القادم، معتبرا ان الهدف من التحركات الدبلوماسية على الأرجح هو تأجيل وإرجاء مشروع الضم وعدم تمكين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من تنفيذه في مطلع هذا الشهر بسبب ظروف المنطقة ومتطلّبات فيروس كورونا.
وكان الاتحاد الأوروبي، أعلن قبل أيام أنه ستكون له ردة فعل إذا ما استمرت إسرائيل فيما وصفه بالضم غير الشرعي لأراض من الضفة الغربية.
ويؤكد ابو جابر ان الأردن اليوم يقف بمكوناته الشعبية والرسمية كافة ضد المخططات والخطط الاسرائيلية التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية وبكل صلابة، اذ أثبت الأردن بقيادة الملك عبدالله الثاني حنكة سياسية فائقة ومقدرة على إدارة الأزمات المتلاحقة في النزاع العربي – الإسرائيلي، مبينا ان مسؤولية دعم صمود الشعب الفلسطيني على أرضه مسؤولية مشتركة لا يستطيع الأردن تحملها وحده.
ويضيف، “عربياً فإن من يهمه أن تبقى القدس عربية مدعو اليوم لوقفة جادة لدعم الصمود الفلسطيني على الأرض الفلسطينية، ودولياً فالمجتمع الدولي مدعو أيضاً لوقفة جادة لدعم الصمود الفلسطيني على أرضه إن لم يكن راضياً عن واقع الدولة الواحدة”.
ويرى ابو جابر أن إسرائيل في النهاية هي من ستتحمل تداعيات الدولة الواحدة إن لم تكن ترغب في حل الدولتين، مبينا انه آن الأوان للأردن ليعيد النظر في كل سياساته وتعاملاته مع إسرائيل، فاتفاقية السلام لم تحترم من حكومات تل أبيب المتعاقبة، اذ مطلوب الآن كثيرا من الحزم والصلافة في التعامل معهم، وإقامة دعاوى قانونية ضد الحكومة الإسرائيلية لخرقها للقانون الإنساني الدولي.
ويقول وزير الاوقاف الأسبق الدكتور هايل داوود، عند توقيع معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية حددت نقاط الحدود بيننا وبين إسرائيل في الشمال والجنوب، أما الجسور التي تعبر من فلسطين للأردن وبالعكس، فلم تعتبر نقطة حدود إسرائيلية، ولا نعتبر هذه الأراضي حدود إسرائيل أو نقاطا حدودية إسرائيلية، بل نعتبر هذه الأراضي محتلة من قبل إسرائيل.
ويضيف، “وإذا نظرنا لمطلع معاهدة وادي عربة نجد مادة مهمة جدا تنص على أن حل القضية الفلسطينية على أساس قراري الأمم المتحدة 242 و338، ولكن بمجيء نتنياهو واليمين الإسرائيلي المتطرف ماتت كل فرص السلام، وذلك بسعيهم لضم كافة أراضي الضفة الغربية بما فيها الأغوار، والأردن لا يقبل ولا يعترف بحدود إسرائيلية في مناطق الضفة الغربية، لأنها أراض محتلة، وفي حال أصبحت إسرائيل على حدودنا، فلدى الأردن الكثير من الخيارات للرد على ذلك”.
ويرى داوود انه يتوجب ان تكون الخيارات الأردنية مفتوحة، ابتداء مما اعتاده الأردن من طرق المحافل الدولية وكسب الرأي العام العالمي، وتعزيز صمود الفلسطينيين، مستدركا بأن علينا ألا نقف عند ذلك، والتفكير بشكل جدي بتنويع الخيارات السياسية، وكسر التابوهات المتعلقة بإعادة النظر في اتفاقية وادي عربة.
وبين انه لا بد من الخروج عن الخيارات التقليدية في مواجهة الإدارة الإسرائيلية، فتغير ظروف البيئة الدولية والعربية يحتم على الأردن التكيف لإيجاد وسائل جديدة استجابة لهذا الواقع الجديد، اذ لا بد من إعادة التفكير أردنيا جديا واستراتيجيا في العلاقة مع اسرائيل، فنحن اليوم لسنا امام سياسات عابرة لإدارة اسرائيلية مستفزة، وإنما امام تحولات استراتيجية يراد بها فرض الرؤية الاسرائيلية فيها على الأردن والمنطقة ككل.الغد

التعليقات مغلقة.