صحيفة الكترونية اردنية شاملة

كيف سينجو الأردن الخبير

نعم ، لقد بات الحزم عنواناً أوحد وضرورة قصوى ووسيلة نجاة لا بديل عنها ، وأصبح ترسيم الحدود والعمل الجماعيّ ضرورات لا يتسع المجال لتحمّل أي إنحراف عنها لأيّ إعتبارٍ كان .

تعرف الخبرة على أنها ما يُكتسب من خلال المشاركة في عمل أو حدث معين ، والتي يؤدي تكرارها إلى تعميق تلك الخبرة و إكسابها عمقا أكبر و عفوية أكثر لدى مواجهة الظروف اللاحقة ، فهي مرتبطة بالتجارب وتكرار إختبارها .

والأردنّ ، الذي واجه الملمّات جميعها ، من حرب عسكرية ومحاولات زرع فتن داخلية ونقص في المساعدات والوقود وعمليات إرهابية إستهدفت أمنه وصراع أزليّ مع عدوٍّ مُلاصق لقادرٌ بعون الله وحكمة قيادته ووحدة شعبه من تجاوز أصعب المحن ، وما هذا بإنشاءٍ وسجع بل التاريخ هو الشاهد ، فقد إختُبِرنا بما فيه الكفاية ونجحنا ، والمِجَرَّب ليس بحاجة لأن يُجرَّب من جديد ، لا بل تجاوزنا مواجهة تحدياتنا إلى مساعدة الغير في مواجهة تحدياته سياسيّاً وأمنيّاً وعسكريّاً ، وعايرنا مواقفنا فجنّبنا أنفسنا الوقوع في نيران إحترقت بلهيبها أنظمة مخضرمة ، ولم يكن النّأي قائماً على موقف سلبيّ بل كان لنا دائماً الكلمة العُليا واليد الطّولى في رأب التصدعات وإيواء المستضعفين ، وسنبقى على عهدنا ما إستطعنا .

لكن ؛ وبما أنّ الظروف تتغيّر والتحدّيات تتصاعد يوماً تلو الآخر على العالم أجمع في ظلّ الجائحة المستجدة ، يضاف إليها خصوصية أردنية في حالة الحرب الباردة مع اليمين الإسرائيليّ الذي يزداد غطرسة كلّما أفلس شعبيّاً ، بات لزاماً علينا أن نراجع تاريخنا ، ونقيّم من أدواتنا ما مكّننا بالأمس من تجاوز أعتى المحن .

وعليه ؛ سنجد أن طوق النجاة هو في إعادة ضبط المشهد العامّ والحزم المطلق في الملفات كافّة ما دمنا في حالة الحرب المستمرّة متعدّدة التحديات ، فالوحدة الوطنية والإلتفاف الكامل حول العرش و ( نقاء ) أذرع الدولة وتناسق أدائها كان هو المخرج ، وعليه أن يكون كذلك ويبقى .

ومن هذا المنطلق ، يتوجب إعادة تعريف المسؤول عموماً بمعاني المسؤولية ، وتجرده من البحث عن الشعبويّات الضيقة أو تردده عند إتّخاذ القرار ، والعمل لمصلحة الأمّة لا لمستقبله الشخصيّ المستند على بناء وضع إجتماعيّ متحزّم بعشيرة أو بقعة جغرافية ، أو السعي نحو وضعٍ ماليٍّ قائم على إستعمال السلطة في غير محلّها ، وأن يلتزم – بقوة القانون – لمعايير النزاهة الشخصية التي تعيد للدولة هيبتها وإحترام المواطن لها وثقته بأدائها ، فإنضباط الشعب نتيجة طبيعيّة وتلقائيّة لإنضباطيّة السُّلطة والعكس بالعكس .

كما يتطلب ذلك أن تتوقف – بقوة القانون كذلك – أية محاولات للتحرش بالدولة لغايات تصفية الحسابات معها أو نيل مغانم ودفع مغارم سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات على إختلاف أشكالها ، سواء كان مصدرها الداخل أو الخارج ، عشوائية أو منظمة كانت ، وضبط هوامش الحرية ضمن حدود الدستور والقوانين والأنظمة ، وإعادة صياغة العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية على قاعدة الصّالح العام لا الخاصّ ضمن الضوابط الدستورية الواضحة ، وعدم الرضوخ لأية مظاهر تخرج عن أصول العلاقة السياسيّة وحدودها الشكليّة والموضوعية .

ويستتبع ذلك كله بطبيعة الحال صلابة في إستخدام الأدوات القانونية المتدرجة في ضبط ماليّة الدولة ، سواء على صعيد ضبط الهدر والإنفاق أو مكافحة الفساد والتهرب والتجنب مهما تمتع مرتكبوها بقوة سياسية أو حزبية أو عشائرية ، فلا إعتبار يعلو على مصلحة الأوطان .

ومن أوجه إعادة الضبط مراعاة عامل الوقت الذي لم يعد ترفاً ، فالخطأ في حرم الأزمة أكثر تأثيراً وضرراً ، وهذا ما يستدعي إنزال أي مقصّر عن ظهر سفينة النجاة وإقصائه لا بل محاسبته ضمن القانون لإرساء عنصرَيّ الردع الخاص والزجر العام لدى من يليه في المسؤولية ، مما سينعكس حتماً على سيادة القانون وإحترامه لدى الجميع رسميّاً وشعبيّاً كما أسلفنا .

كل ذلك يحتاج قيادات قادرة على إنفاذ القانون بحزم طالما أن الغطائين القيادي الأعلى والقانوني متوفران لم ولن يغيبا للحظة ، أي قيادات قادرة على تحمل كلفة الإصلاح بعبارة أدقّ ، تمتلك من المهارات الفنية والقدرات السياسية ما يظهرها بمظهر الواثق من القرار القادر على تسبيبه وإقناع الشارع بصلاحيته وإيجابيته مهما كان صعباً ، وإنفاذه بحزم كامل لا يعرف الإستثناء ، وقد كتبت قبل الجائحة بشهور مقالة حملت عنوان ” لا عزم بلا حزم ” دلّلَتُ فيها على ضرورته لإستكمال البناء ، فما بالنا بما إستجد من ظرف خانق عامّ سيغير شكل العالم أجمع ؟!

نعم ، لقد بات الحزم عنواناً أوحد وضرورة قصوى ووسيلة نجاة لا بديل عنها ، وأصبح ترسيم الحدود والعمل الجماعيّ ضرورات لا يتسع المجال لتحمّل أي إنحراف عنها لأيّ إعتبارٍ كان .

هذا الوطن خبير في الأزمات ، شامخ كالقلعة في وجه الرّيح ، وبعزيمتنا وإيماننا وإلتزامنا نجحنا ونجونا سابقاً ، وبها سنعيد الكَرّة بعون الله .

والله من وراء القصد

حمى الله الأردن قيادة وشعباً

التعليقات مغلقة.