صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الأمن الوظيفي للموظف العام

     سجلت ذات مرة في احد المعاهد في لندن لدراسة القانون باللغة الإنجليزية، وبعد مرور أسبوعين على بدء الدراسة إستشرت مدير المعهد عما إذا كان ينصحني بالتسجيل في دورة عامة للغة الإنجليزية بالإضافة للدورة المتخصصة بلغة القانون ، فأثنى على الفكرة وإقترح أن أسجل في دورة لمدة أسبوع واحد ، فإن شعرت بالفائدة أقوم بإكمال الدورة العامة ، وإلا فإن التكلفة تكون أقلّ ولا تشكل عبثاً مالياً وهكذا إتفقنا .

        أعطاني كتاباً للمحاسبة يتضمن أن تكون الدورة لمدة اسبوع وأن يتم حسم ما نسبته (25%) من التكلفة بإعتباري طالباً قديماً في المعهد .

      ذهبت الى قسم المحاسبة فأخبرتني الموظفة أن الحسم لا غبار عليه لأن ذلك من صلاحيات المدير ، وأما مدة الدورة فيجب أن لا تقل عن أسبوعين ، عندئذ تحركت في نفسي العقلية العربية نقلت لها ، هذا كتاب عن المدير سمح لي أن تكون الدورة أسبوعياً ، أجابتني الموظفة أن المدير لا يعرف قانون المعهد ، فالقانون يقضي بأن لا تقل مدة الدورة عن أسبوعين عندئذ طلبت من الموظفة أن تتصل بالمدير ، فكان جوابها أنا لست بحاجة للإتصال بالمدير ، على المدير أن يتصل معي .

    أمام إصرار الموظفة على موقفها قررت الذهاب للمدير لكني متردداً في الذهاب الى المدير إعمالاً لقاعدتنا الأردنية ، قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق ، إذ كنت أخشى أن يقوم المدير بطرد هذه الموظفة أو نقلها الى مكان أخر ، أو يوقف نموها الوظيفي على أقل تقدير ، ، لكني ذهبت أخيراً الى المدير ، وأخبرته بما حدث بعد إستعمال الكلمات والعبارات اللطيفة لئلا يحدث مكروه للموظفة من جراء مخالفتها أمر المدير .

     طلبت من المدير أن يتصل بالموظفة فقال : بدلاً من أن أتصل معها سأذهب معك الى الموظفة ، عندئذ شعرت بأن نهاية عمل الموظفة في المعهد أمر محتوم ما دام أن المدير قرر الذهاب الى الموظفة بنفسه فالأمر جلل ، والنتائج وخيمة.

     وصلنا الى الموظفة وشرح لها المدير الموقف وأنه هو صاحب فكرة الدورة لمدة أسبوع ، فأجابته الموظفة أن القانون لا يسمح بأقل من أسبوعين، حاول المدير مع الموظفة ، لكنها رفضت أن تخالف القانون . إلتفت المدير اليّ معتذراً أسفاً قائلاً : أنا لا أعرف القانون ، لك الحرية في التسجيل لمدة أسبوعين أو أن لا تسجل ما دام القانون هكذا وإستمر في إعتذاره .

     بعد ذلك تساءلت عن مصير هذه الموظفة لو كانت في دولة عربية ، ماذا سيكون مصيرها الوظيفي ؟ وهل يجرؤ موظف عربي أن يقول لمسؤوله رأيك مخالف للقانون ؟ لو كان الأمر كذلك في الدول العربية ما كانت أوضاعنا على ما هي عليه من تخلف ، فسلام علينا يوم ولدنا ويوم نموت وما دمنا نقبع في الدرك الأسفل من التخلف ، فالدول تبنى بالحرية وبالأمن الوظيفي وإلا كيف نفسر أن قرارات المجالس تتغير بمجرد تغير رئيس المجلس بالرغم من بقاء الأعضاء ؟ قرارات مجالسنا هي قرارات الرئيس وتعبير عن رغباته والله المستعان على ما تصفون .

             أما وسائل تحقيق الأمن الوظيفي للموظف فعديدة منها :

1- أن يلزم المشرع صاحب السلطة التقديرية بتعليل قراره الذي يصدره بموجب هذه السلطة .

2-  أن يسأل الموظف شخصياً بالتضامن والتكافل مع لإدارة العامة عن أخطائه الوظيفية أو في معرض ممارسته لها .

3-  ان يجري تقييم للمدراء سنوياً على أساس خطة الإنجاز التي يصفها في بداية العام فإن لم يحقق تلك الأهداف يتم تنزيل درجته الوظيفية .

4-  أن تأخذ تقارير تقييم الأداء حكم المصدقة الكاذبة بالنسبة لكل من وقع عليها مع ما يترتب على ذلك من نتائج .     

التعليقات مغلقة.