صحيفة الكترونية اردنية شاملة

سوق العمل و”التوجيهي” مكانك سر

بلغ عدد الناجحين في امتحان الثانوية العامة التي أعلنت قبل يومين نحو 96.5 ألف طالب وطالبة في مختلف التخصصات في انحاء المملكة ، ولن نعلق على مستوى العلامات غير المسبوق، الذي لا يوجد ما يبرره على صعيد الإنجازات الأكاديمية ، فالأردن وفقا للمعايير والاختبارات الدولية لم يحقق قفزة تبرر هذا، ولكن ليس هذا هو بيت القصيد ، فالطالب ينجح للحصول على شهادة جامعية تؤهله لسوق العمل وتصقل جملة من المهارات لديه لكي يصبح اكثر تأهيلا للمستقبل.
كل هذا في الحالة الأردنية بات نظريا وليس عمليا ، إذ لم تعد الجامعات ، باستثناءات قليلة هي المؤسسات التي تؤهل لسوق العمل وبات الارتباط بين احتياجات سوق العمل ومخرجات التعليم منفصلين تماما ، ولعل قراءة سريعة في ارقام هذا العام لمن تقدموا للثانوية العامة تؤكد القصة نفسها التي تتكرر كل عام ، ونراقبها ونكتب عنها ، ولكنها تستمر بالوتيرة نفسها التي تفاقم من مشكلة البطالة وتحت شعار احترام الخيارات الخاصة ورغبة الأهالي وبعض المفاهيم الاجتماعية السائدة يستمر الجدل ونضع ضمنا استراتيجية الموارد البشرية التي طورت بشكل منهجي على الرف، ثم يأتي من يطالب بأخذ الاستراتيجيات والوثائق على محمل الجد.
نسبة من اختاروا المسار المهني (صناعي-زراعي-فندقي-اقتصاد منزلي) في التعليم من اجمالي المتقدمين بلغت تقريبا 11 في المائة ، وعددا يقدرون بحوالي العشرين الفا نجح نصفهم فقط ، في حين لدينا ناجحون اقترب عددهم من المائة الف معظمهم تخصص علمي وأدبي. التخصصات العلمية ما زالت تلقى رواجا ويمكن ان يجد بعض هؤلاء سبيله الى سوق العمل، اما معظم التخصصات الأدبية فهي على الأرجح ستضيف الى أجيال المتعطلين عن العمل من الذين يحملون درجات جامعية.
ورغم كل التحذيرات من التخصصات الراكدة ومن نسبة البطالة المرتفعة في أوساط الجامعيين ولا سيما الشباب، إلا ان الإعلانات التي ترافق صدور النتائج تؤكد قدرة الجامعات على استيعاب معظم الخريجين ، فهل هذا هو الهدف المنشود من هذه العملية ، وهل يمكن الاستمرار بهذا النزف للموارد والوقت ونحن متفقون على ان ذلك لن يقود الا الى تعميق مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية ، فالدرجة الجامعية ترفع من سقف التوقعات ولكنها لا تسهل الدخول الى سوق العمل ولا يمكن الركون الى مقولات تقليدية تجنبنا قيادة جيل الشباب الى وجهات جديدة.
للتذكير يولد الاقتصاد الأردني بين 40-50 الف فرصة عمل سنوية معظمها تحتاج الى مهارات مهنية وليس درجات جامعية ، ويذهب جانب كبير من تلك الفرص المتولدة الى غير الأردنيين بالنظر الى عدم اقبال الطلبة عليها وغياب التأهيل المناسب، مما يعني ان إمكانية خفض نسب البطالة في ظل الديناميكية القائمة يكاد يكون مستحيلا في ظل معدلات النمو السائدة ، في السياق نفسه تتزايد اعداد خريجي الجامعات، وهذا العام لا يختلف في شيء عما جرى خلال الأعوام القليلة الماضية ، والهروب من اتخاذ قرارات بهذا الشأن تحت مختلف الذرائع سيفاقم المشكلة وفي الكثير من الدول يجري التدخل بأشكال مختلفة لكسر هذه الحلقة والسعي لإيجاد معادلات وحوافز جديدة تعيد الارتباط بين ما نرغب في تعمله وضرورات الحياة وحق العمل ، وهذا اقل ما يمكن القيام به ، فالاحتفال بالنتائج مشروع ولكن التفكير باليوم التالي لا يقل أهمية.الغد

التعليقات مغلقة.