صحيفة الكترونية اردنية شاملة

صندوق النقد قادم

مباحثات الحكومة والصندوق المقبلة لها بعد استراتيجيّ، لأنها مؤشر الى استمراريّة الدعم الدوليّ للاقتصاد الأردنيّ، وهذه نقطة إيجابيّة ورسالة تطمينات للمستثمرين والمانحين، وتعزز من جاذبية بيئة الأعمال المحليّة، وكُلّ ما هو مطلوب من الحكومة هو البناء الإيجابيّ لهذه العلاقة والدعم الدوليّ في تصحيح الاختلالات الداخليّة وتحقيق العدالة الاجتماعيّة وسيادة القانون.

أيام قليلة تفصلنا عن اول زيارة لبعثة صندوق النقد الدوليّ للمملكة، في ظل جائحة كورونا التي عصفت بالعديد من فرضيات موازنة 2020، لذلك فإن لها اهمية خاصة في المرحلة الراهنة.
أهميتها بأنها أول مراجعة رسميّة للبرنامج الائتمانيّ الذي وقعّه الأردن والصندوق في نهاية شهر آذار(مارس) الماضي، في ذروة انتشار الوباء، حيث كان الاعتقاد ان مجلس محافظي الصندوق لن يوقّع أو يؤجل الاتفاق على اقل تقدير لحين وضوح الرؤية الاقتصاديّة للمملكة.
لكن المفاجأة كانت ان الصندوق وافق على الاتفاق الذي من المؤكد ان الكثير من فرضياته لم ولن تتحقق في ظل كورونا وتداعياتها المباشرة وغير المباشرة، وتم تحويل ما يقارب الـ 138 مليون دولار دفعة أولى من مستحقات الأردن في البرنامج، ناهيك عن دعم الاقتصاد الوطنيّ بما يقارب الـ 390 مليون دولار بفائدة شبه صفريّة ضمن برنامج الدعم السريع للدول التي تأثرت اقتصاداتها منذ الوباء، وكان لهاتين الدفعتين أثرهما الإيجابيّ الكبير في توفير سيولة ماليّة للخزينة التي تعطلت عمليات التحصيل لديها نتيجة الحظر.
اهمية المراجعة الأولى للصندوق تكمن في الاطلاع المباشر على الإجراءات الرسميّة التي اُتبعت لمواجهة تداعيات كورونا وتأثير ذلك في القطاعات الاقتصاديّة، والتأكد من ان الحكومة مستمرة في إجراءاتها التصحيحيّة رغم كُلّ التحديات، وهذا الأمر سيكون له انعكاس كبير على توفير دعم جديد للاقتصاد الأردنيّ، وتحسين صورة المملكة لدى المانحين والمؤسسات الدوليّة المختلفة.
زيارة بعثة الصندوق تسبق بإيام قليلة استحقاق سندات ليورو بوند بقيمة 1.2 مليون دولار، تعهدت الحكومة منذ بداية الجائحة بأنها ملتزمة بسدادها في موعدها وقبل ذلك ان رغب الدائنون، وهذه بحد ذاتها كانت رسالة تطمين مهمة للمانحين والدولة الصديقة بصلابة وقوة النظام الماليّ الأردني وتمكّنه من القيام بالوفاء بتعهداته تحت مختلف الظروف في الوقت الذي أعلنت فيه دول محيط عدم قدرتها على سداد التزاماتها الماليّة، وهذا الأمر كان له فائدة مباشرة في حصول الأردن على السندات يورو بوند الأخيرة بقيمة 1.75 مليار دولار بأسعار فائدة منافسة مقارنة مع ما حصلت عليه دول الجوار.
الحكومة ممثلة بوزارة الماليّة اتجهت في مسارين متلازمين في ظل الجائحة، توفير كل المتطلبات للمجهود الصحيّ دون أي تردد، والاستمرار في معالجة التشوهات الماليّة وضبط الإنفاق على مختلف أشكاله ومستوياته، ناهيك عن التطوّر الملحوظ في الأداء الضريبيّ الذي يعلّق الصندوق عليه الكثير في تحسين إيرادات الدولة، فالجهود التي بذلت في إطار مكافحة التهرّب الضريبيّ وتوسيع قاعدته تسجل للحكومة، وهو ما سيكون نقطة قوة في موقوف وزارة الماليّة أثناء مباحثاتها مع بعثة الصندوق.
المراجعة المقبلة لبعثة الصندوق في غاية من الأهمية لأنها ستؤسس لمركز ماليّ جديد للاقتصاد الوطنيّ أمام المانحين والمؤسسات الدوليّة، وستوفر له ان كانت نتيجة المراجعة إيجابيّة مساحة ماليّة جديدة بأسعار فائدة منخفضة تمكّنه من دعم جهودهم في إحلال ديون منخفضة الفوائد بأخرى ذات فوائد عالية.
مباحثات الحكومة والصندوق المقبلة لها بعد استراتيجيّ، لأنها مؤشر الى استمراريّة الدعم الدوليّ للاقتصاد الأردنيّ، وهذه نقطة إيجابيّة ورسالة تطمينات للمستثمرين والمانحين، وتعزز من جاذبية بيئة الأعمال المحليّة، وكُلّ ما هو مطلوب من الحكومة هو البناء الإيجابيّ لهذه العلاقة والدعم الدوليّ في تصحيح الاختلالات الداخليّة وتحقيق العدالة الاجتماعيّة وسيادة القانون.

 

التعليقات مغلقة.