صحيفة الكترونية اردنية شاملة

ضبابيّة موازنة 2021

موازنة 2021 لن تكون صعبة فقط، بل في اعتقادي الشخصيّ أنها ستكون الأصعب في تاريخ الدولة الحديثة.

أكبر تحد يواجه راسم السياسة الاقتصاديّة في المرحلة الراهنة، هو كيفية إعداد مشروع قانون موازنة 2021، والذي بدأت الوزارات والمؤسسات والهيئات المستقلة بإعداد خططها للسنة المقبلة تنفيذاً لبلاغ الموازنة العامة حسب الأصول المرعية.

اقل التحدي يكّمن في تداعيات جائحة كورونا التي تلقي بظلال قاتمة على أيّة تصورات محتملة للوضع الاقتصاديّ، فقراءة المشهد لن تكون هذه المرّة بالسهل، وإعداد فرضيات أمر لا بد منه من الناحية النظريّة والقانونيّة، أما من الناحية الواقعيّة فهو أشبه بالمستحيل.

فتأثيرات كورونا في الاقتصاد مازالت عميقة ومستمرة، وصعب تصور امتداداتها لاستحالة معرفة توقيت نهاية هذا الوباء الذي غير شكل وهيكل الاقتصاديّات.

على الصعيد الخارجيّ، تبقى مسألة التدفقات الخارجيّة للاقتصاد الوطنيّ من حوالات وسياحة واستثمار في ادنى مستوياتها، ومن المرجح ان تبقى عند مستوياتها المنخفضة طالما بقيت كورونا على حالتها الراهنة وتمتد يوما بعد يوم بمستويات مقلقة صحيّا، وهذا سيكون له تأثير سلبيّ بالغ في حال استمراره على ميزان الارتفاع ويولد ضغوطاً جديدة وكبيرة في آن واحد على احتياطات العملات الصعبة.

بالمقابل قد تواجه فرضية نموّ الصادرات ضربة موجعة اذا استمر الوباء على حالته دون علاج، فلغاية الآن الصادرات الوطنيّة في تراجع بنسبة 3.5 بالمائة حتى منتصف العام الحالي، والاستمرار في ذات الوتيرة سيؤدي حتماً إلى انخفاض حاد في الصادرات بسبب إجراءات غلق المعابر الحدوديّة، وتراجع الطلب الإقليميّ على السلع الأردنيّة بسبب سلوكات الإغلاق والحماسية التي ستنفذها أو نفذتها العديد من دول المعالم لحماية منتجاتها الوطنيّة.

داخليّاً الحكومة ستكون في مواجهة حزمة كبيرة من المطالب التي ستكون لها أثر كبير في نموّ النفقات، ففي بداية العام سيتم تنفيذ وعود الحكومة باستئناف الزيادات والعلاوات للعاملين في القطاع العام من مدنيين وعسكريين ومتقاعدين والتي جرى توقيفها في الأول من شهر أيار(مايو) الماضي بسبب تداعيات كورونا الخطيرة على الميزانية التي عطلت قوى الإنتاج في الاقتصاد لأكثر من شهرين متتاليين في ظل استمرار الحكومة الكامل بالتزاماتها الماليّة الداخليّة والخارجيّة دون تأخير، وهذه الزيادة ستكلف الخزينة ما يقارب ال450 مليون دينار ستضاف إلى نفقات الدولة الكبيرة.

لكن المشكلة الأكبر التي ستواجه في إعداد فرضيات موازنة 2021 هو النموّ الاقتصاديّ المتوقع في ظل الجائحة، فكُلّ التقديرات الأوليّة تؤكد أن العام الحالي سيشهد تراجعا كبيرا هو الأخير في تاريخ الاقتصاد الوطنيّ منذ أزمة الدينار سنة 1989، وسيكون بحدود الـ 5.5 بالمائة، ليبلغ ما نسبته الـ 3.4 بالمائة نموّاً سالباً.

هذا الأمر مناط بقصة اكثر خطورة وهي مُعدّلات البطالة التي من المرجح أنها ستقفز مع نهاية هذا العام إلى ما يقارب الـ 20 بالمائة، وهي نسب كبيرة جدا لا يقوى الاقتصاد في ظل النموّ السالب على مواجهتها ما لم يكن هناك أدوات اقتصاديّة جديدة لاستيعاب الأعداد الهائلة للخريجين والمنضمين لسوق العمل.

وستواجه الحكومة في هذا الإطار مشكلة كبيرة في توفير المخصصات الماليّة الكاملة للمجهود الصحي الذاتي الذي باتت ميزانيته الأكبر في ظل استمرار كورونا، وبنفس الوقت ستكون الحكومة أمام تحد في تطوير العمل الاجتماعي والمسؤولية الاجتماعيّة بشكل يسهم معها في مواجهة تحديات كورونا على الأمر المعيشيّ.

موازنة 2021 لن تكون صعبة فقط، بل في اعتقادي الشخصيّ أنها ستكون الأصعب في تاريخ الدولة الحديثة.

التعليقات مغلقة.