صحيفة الكترونية اردنية شاملة

البطالة.. القادم أسوأ

لا يمكن للحكومة من خلال قطاعها العام مواجهة البطالة، فهي أصلا عاجزة حتى في فتح باب التوظيف الرسميّ، لأن القطاع العام متخم بالأعداد الكبيرة من القوى البشريّة التي لا تعمل أصلاً.

لم يكن مفاجئاً لأيّ مراقب ان تصل نسبة البطالة في الربع الثاني إلى 23 بالمائة، ورغم أنها نسبة قياسيّة وهي الأعلى منذ عام 1990، إلا ان التوقعات تشير بوضوح إلى ان الرقم السابق يتجه صعوداً مع مرور الأشهر المقبلة، ومن المرجح ان تقفز النسب إلى مستويات غير مسبوقة على الإطلاق.
هذا ليس من باب التشاؤم، وإنّما المتمعن في المؤشرات والأداء الاقتصاديّ للمملكة وحجم التحديات التي تلوح في الأفق، مع غياب الرؤية الرسميّة الرشيدة في مواجهة التحدي، يدرك تماما ان أرقام البطالة في المرحلة المقبلة ستكون أسوأ بكثير مما هي عليه الآن، وان القادم فعلا سيكون مرعباً ما لم تكن هناك ثورة تصحيحيّة في النهج الحكوميّ الموجّه لمحاربة البطالة.
قلنا سابقا، ان تداعيات كورونا الاقتصاديّة على المملكة لم تبدأ بعد، وستجد آثارها اكثر شدة مع مرور الأيام القادمة والموجة الثانية لكورونا التي بدأت الآن فعلا تسيطر على المشهد العام في البلاد.
فالأشهر الأولى من الوباء تمت مراجعتها بسياسات الإغلاق بموجب أوامر الدفاع، مما الحق ضرراً اقتصاديّاً بالغاً على القطاعين العام والخاص، لكن الآن ستكون كورونا اكثر تحكماً في تفاصيل المشهد الاقتصاديّ، من خلال فرضها لواقع مؤلم جديد.
فالقطاع الخاص استطاع ان يمتص جزءاً كبيراً من تداعيات الموجة الأولى لكورونا بفضل أوامر الدفاع التي ألزمته بعدم الهيكلة إضافة لمساعدته من خلال حزم البنك المركزيّ الخاصة بتمويل الشركات المتأثرة جراء الوباء، وقد استخدمت الدولة كُلّ إمكاناتها لتخفيف تداعيات تلك المرحلة، لكن المرحلة الثانية لن يكون هناك مجال للتحرك الرسميّ كما كان في السابق، فالمركزيّ وضع إمكاناته كُلّها لتوفير السيولة والنافذة التمويليّة للقطاعين العام والخاص، والحكومة اقترضت من الداخل والخارج ووصلت للسقوف الأعلى، لذلك فان مجالات التحرك الرسميّ في ظل هذه الحكومة سيكون محدودا جداً ان لم يكن معدوما في بعض الحالات ولبعض القطاعات التي بات واضحا ان استئناف أنشطتها مستحيل قبل ظهور مطعوم للوباء.
البطالة ستزيد لأن النموّ الاقتصاديّ سيكون بالسالب وفي عام 2020، ويتراوح بالحد الأدنى بما نسبته الـ 3.5 بالمائة نموّاً سالباً، ولن يقوى أو يكون قادراً على خلق فرص عمل للخريجين الذين يدخلون سوق العمل والبالغ عددهم 156 الف خريج من مختلف المستويات الجامعيّة والمهنيّة وغيرها.
البطالة ستقفز عن نسبة الـ 23 بالمائة لأن هناك 860 الف مغترب في دول الخليج العربي، جزء لا باس منهم فقد وظائفه ولم يعد قادراً على الإقامة هناك، ويستعد للقدوم للمملكة هو وعائلته، وغالبية هؤلاء من فئة الشباب أي انهم سينضمون لجيش المتعطلين والباحثين عن العمل.
البطالة ستزيد لأن كُلّ سلوكات وسياسات الحكومة لمواجهة هذا التحدي المرعب هي سياسات تجميليّة لمرحة قصيرة دون ان يكون هناك حلول عمليّة وخطة استراتيجيّة وطنيّة شاملة تعالج الأزمة من جذورها.
لا يمكن معالجة أزمة البطالة طالما بقي القطاع الخاص يئن تحت الضغوطات والتعقيدات التي تحمّله أعباء لا تمكّنه حتى من الاستمرار.
لا يمكن للحكومة من خلال قطاعها العام مواجهة البطالة، فهي أصلا عاجزة حتى في فتح باب التوظيف الرسميّ، لأن القطاع العام متخم بالأعداد الكبيرة من القوى البشريّة التي لا تعمل أصلاً.
الحل هو بيد القطاع الخاص، والمطلوب ان تنظر الحكومة بنظرة خاصة واستثنائيّة تجاه القطاع الخاص، وان تعمل على إزالة كُلّ أشكال التعقيدات التي تقف في بيئة الأعمال المحليّة، وتحافظ على وجود المستثمرين بدعمهم في تسهيل الأعمال وإزالة التشوهات الرسميّة التي تقف ضد نموّها، وهذا لا يكون إلا من خلال الشراكات الفعليّة لا النظريّة، حينها سيكون بإمكان القطاع الخاص ان يخلق فرص عمل جديدة لالاف الخريجين وتبدأ نسب البطالة بالجمود النسبيّ قبل ان تتراجع.

 

التعليقات مغلقة.