صحيفة الكترونية اردنية شاملة

امتحان المجتمع

نحن في الأردن لم نختبر الانتشار الواسع للوباء. وقد لجأنا منذ البداية الى الإغلاق التام وهو أيسر وأقصر السبل ويعتمد على قرارات دفاع عسكرية بحظر التجول واجبة التطبيق فلا تمتحن قدرة المجتمع والمؤسسات على التنظيم والابتكار والتجاوب والتناغم في الادارة والتنفيذ في مختلف المرافق وعلى جميع المستويات.
عندما انتهى الاغلاق وذهبنا الى الاجراءات والبرتوكولات المرافقة للانفتاح ظهر التعثر وظهرت الثغرات أولا بأول ثم التضارب والارتباك وقلة الموثوقية وغلبة الشكلانية وقلة الانضباط فحدثت الاختراقات التي اعادت الوباء، وربما – حتى لا نجلد انفسنا كثيرا – كان لا بدّ مما ليس منه بدّ حيث رأى بعض المراقبين استحالة بقاء الاردن جزيرة نظيفة وسط محيط موبوء مع الانفتاح واي كانت البرتوكولات.
مع ذلك جاهدت الحكومة والجهات الصحية على وجه الخصوص للذهاب للانفتاح مع الحفاظ على اقصى تشدد ممكن كما رأينا في قضية فتح المطار التي تأجلت اكثر من مرة ووضعت لها شروط معقدة وقاسية وتطبيق الحجر في الفنادق بصيغة لابما لم تطبق في ا دولة اخرى وكان الضغط من المجتمع والقطاعات الاقتصادية قويا لتقليل وتخفيف الاجراءات حتى دوهمنا بالارتفاع الواسع للاصابات الداخلية ففقدت الاجراءات على المعابر قيمتها واصبحنا في مواجهة السؤال مجددا ما العمل الآن؟
نرى الأصوات على العكس تتعالى اليوم للعودة الى الاغلاق ونشهد نوعا من تبادل تحميل المسؤوليات وهذا ليس مجديا فالترهل الاداري ليس جديدا وكذلك السلوك غير المنضبط للجمهور. وحتى الساعة نرى كيف ينزل المسؤولون الكمامة عندما يريدون الحديث مع ان المطلوب احكامها فوق الفم والانف في هذه اللحظة بالذات لمنع الرذاذ من الانتشار وينزل الصحفي الكمامة امام الميكروفون الذي انتقل للتو من آخرين مع ان هذه اللحظة بالذات تفترض احكام الكمامة، وينزل المراجع الكمامة عن عن وجهه حال الدخول الى المكان المغلق مع انها اللحظة الصحيحة لوضع الكمامة لأن الأماكن المغلقة وليس المفتوحة هل الأخطر لاحتمال تواجد الفيروس وتنقله.
لقد نجح الصينيون في منع عودة الفيروس بعد الاغلاق بسب التنظيم والنظام والالتزام الصارم. أما نحن فلا المجتمع ولا الجهاز الاداري تعامل بجدية والتزام مع تعليمات التباعد والوقاية. ولعل الكثير من الاجراءات الحكومية مثل الاغلاق الجزئي هنا وهناك كانت بلا جدوى من الزاوية العلمية والعملية. وحسب أحدث الآراء العلمية فإن الكثير من الاجراءات هي مضيعة للوقت والجهد وأن وسيلة انتقال الفيروس المؤكدة هي البث المباشر من شخص لشخص عبر رذاذ التنفس والكلام وأن احتمال الانتقال عبر الاسطح والحاجيات كوسيط هو الأقل احتمالا وعليه فأهم إجراء هو الإجراء الفردي بالتباعد ووضع الكمامة. ابق على مسافة مترين عن اي شخص آخر وأحكم وضع الكمامة على الوجه ولاحاجة للكفوف ولا تلمس وجهك بأصابعك حتى العودة الى المنزل وغسل يديك جيدا بالماء والصابون . والالتزام الصارم بهذا الاجراء يغني عن الاغلاقات.
طبعا تتعدد وجهات النظر بهذا الشأن وقد تكون الفرصة تأخرت بكل الأحوال مع الانتشار المتوسع للوباء فنعود الى اقتراح الاغلاق العام لأسبوعين اذا استمر توسع الوباء، فترة يتم خلالها القيام بحملة شاملة للتثقيف والتوجيه بالتعليمات واقرانها بالعقوبات والاغلاق لاسبوعين هو مثل ضرب كوابح السيارة لوقف التسارع ثم وضع غيار عكسي. ولنقل الحقيقة نحن أمام امتحان جديد للمجتمع وعندما نقول المجتمع فهو يشمل الأفراد والجماعات والمؤسسات الرسمية والأهلية. الذكاء والحزم من المؤسسات في وضع التعليمات والاجراءات والانضباط الواعي الصارم من الأفراد ورقابة الجميع على الجميع. إنه تحد وفرصة للتكيف مع الزمن الجديد.الدستور

التعليقات مغلقة.