صحيفة الكترونية اردنية شاملة

القضية والتطبيع والانتخابات

في كل مرة تعقد فيها الانتخابات يتزايد الحديث عن الوطني والاقليمي والقومي والديني ويجري تصنيف المرشحين على معايير يبتدعها الشارع وتجسدها أقوال ووشوشات المنافسين والخصوم. هذه المرة تأتي الانتخابات في اعقاب تصريحات اميركية خطيرة واجندات اقليمية متباينة. لم يعد يخفى على احد تجاوز بعض البلدان العربية المواقف التقليدية والاعلان عن تغيير جذري في نظرتها وتقييمها ومواقفها من اهم واكثر قضايا الامة تأثيرا وحساسية .
لقد بات من الواضح تشكل محاور جديدة ونشوء أولويات غير تلك التي كانت توجه الاجيال السابقة من القادة والزعماء العرب.
منذ بداية الألفية الثالثة والنظام الصهيوأميركي يعمل بلا هوادة على اعادة تشكيل الشرق الاوسط فلم يكتف بإزالة صدام وتدمير قوة العراق بل زعزعة جميع الانظمة غير المتعاونة مع المعسكر الاميركي واحيلت بعضها الى ساحات للاقتتال والتدمير. اليوم ووسط نشوة الادارة الاميركية بإبرام اتفاقيات بين الكيان الصهيوني وكل من الامارات والبحرين يصرح السفير الامريكي في اسرائيل ديفيد فريدمان أن بلاده تفكر جديا بخلع محمود عباس واستبدال محمد دحلان به.
التصريح الاميركي ليس غريبا ولا مفاجئا فهناك اعتقاد لدى اكثر من نصف سكان الاردن وفلسطين ان هذا ما يفكر به الاسرائيليون منذ ان رحل عرفات. فبالرغم من ان عباس شخصية لا تحبذ المقاومة الا ان دحلان يبدو اكثر ايجابية وتفاعلا مع المشروع والرؤية التي يحملها الاميركيون والصهاينة فقد اجتاز كل الاختبارات التي تجعل منه شريكا مفضلا لهم منذ ان كان مديرا للأمن الوقائي وعضوا فاعلا في القيادة الفلسطينية وأشاد الجميع بتعاونه على الارض قبل ان يحصل ما حصل لعرفات وقبل ان تحدث الانشقاقات والاتهامات والنزاعات ويغير مقر اقامته الى ابوظبي.
نفوذ القيادي دحلان لا يقف عند حدود غزة او الضفة وانما يتسلل الى مناطق الجوار العربي حيث يضع مهاراته وصلاته الاستخباراتية وطموحاته في نفس السلة التي تحوي الاموال التي خصصت لإعادة تشكيل الاقليم بالصيغة والشكل والمستوى الذي يرضي الكيان الصهيوني ويساعده على التمدد ضمن حدود الامبراطورية الابراهيمية الجديدة.
الاحداث والتدخلات التي ادت الى انهيار بعض النظم العربية والتحول في اتجاهات الانظمة العربية الاخرى من التعاطف الى العداء للفلسطينيين كانت بمساعدة دحلان ومن هم على شاكلته ممن أشغلوا الفضاء العربي كمفكرين وخبراء تناثروا على امتداد الفضاء العربي بعد ان اتخذ بعضهم بلدنا محطة لبعض الوقت ونجح في تدمير ما يمكن تدميره.
في الأردن الذي يستعد لدخول مئويته الثانية مخاضات ومراجعات وهموم يصعب حصرها او تنظيمها في سياق يسهل ضبطها والتعامل معها. اليوم وللمرة الاولى يجد الأردن نفسه في مقدمة الدول والانظمة الرافضة لصفقة القرن التي عارضها البعض علنا وباركتها الغالبية سرا. الإصرار الأردني على حل الدولتين والوصاية الهاشمية على المقدسات امر قد يقبل به بعضهم مؤقتا لكنه قد يتحول الى المبرر الرئيس لاعتبار الأردن حجر العثرة في وجه المخططات الغادرة التي اصبحت قريبة جدا.
اليوم يقدم الأردن على اجراء الانتخابات وسط ازمات صحية واقتصادية ومعاناة تهدد بحرماننا من الكثير من فرص البناء على الانجازات التي تحققت. الخوف من تسلل الدحلانيين الجدد الى القوائم الانتخابية واستثمار الاموال السوداء المشبوهة، قضايا تحتاج الى عناية وتدقيق من كل الاجهزة والمؤسسات والافراد. فالأردن ليس محطة لعبث المغامرين ولا ميدانا لتصفية الحسابات بين الفصائل والزعامات التي تولدت في اوسلو او على جنباته.
على امتداد الشرق العربي تئن الاقطار التي استهدفت من قبل الصهيونية واعوانها تحت وطأة الفقر والطائفية والتخلف وانتشار الفساد المالي والسياسي والاخلاقي كما تترنح بقية اقطار المنطقة، وبعضها اختار الانضواء تحت جناح النظام الصهيواميركي.
المشكلة أن الجميع مهدد بالابتلاع من قبل النظام الابراهيمي الجديد، وعندها ستنقض الصهيونية على الاموال والمدخرات تحت حجج الشراكات والتعويضات والتطوير والاستثمار.الغد

التعليقات مغلقة.