صحيفة الكترونية اردنية شاملة

قرارات مؤلمة

القرارات المؤلمة ليست قرارات جديدة بقدر ما هي إعادة نظر في وعود حكوميّة سابقة، مع الاستمرار في مسألة الإصلاح الماليّ المتفق عليه مع صندوق النقد الدوليّ، وكُلّ هذا من أجل هدف رئيسي؛ وهو السيطرة قدر الإمكان على العجز الماليّ الذي من المؤكد أن يتضاعف هذا العام.

لا تعني كلمة رئيس الوزراء الدكتور بِشر الخصاونة بأن الحكومة ستتخذ قرارات مؤلمة، اللجوء لزيادة الضرائب والرسوم، فالحكومة تعلم جيداً أن فاتورة العبء الضريبيّ في الأردن كبيرة وتشكّل أكثر من 26 بالمائة من إجمالي الدخل، ولا مجال لرفعها أبداً في ظل تراجع القوة الشرائية للدخول في المجتمع وتنامي الأعباء الاقتصاديّة على الأسر الأردنيّة، وهذا ما تعهدت به حكومة الرزاز والتزمت به ابتداءً من العام الماضي.

لا شك أن هناك تحديات اقتصاديّة كبيرة تواجه الحكومة الجديدة، لعل أبرزها: هو كيفية إعداد مشروع قانون موازنة 2021 والتي يفترض أن تقدم للبرلمان في أول دورة له، والتي من المرجّح أن تكون في شهر كانون الأول المقبل.

التحدي يكمن في إعداد فرضيات واقعية أقرب للحقيقة، والصعوبة تكمن في ظل ضبابية المشهد العام الذي تسيطر عليه كورونا التي عصفت بإيرادات الدولة غير الضريبيّة، وضربت كُلّ فرضيات موازنة 2020 بعرض الحائط.

الصعوبة تكمن في كيفية مواجهة المستجدات التي ستطرأ بداية العام المقبل على الصعيد المالي وسيصاحبها ما يلي:

أولا: استيعاب المطالب الماليّة المؤجلة منذ شهر أيار الماضي والتي من المفترض أن تدخل في موازنة 2021 والمتعلقة بالزيادات والعلاوات لكافة العاملين المدنيين والعسكريين في القطاعين العام والخاص والمتقاعدين، والتي من المرجح أن تبلغ كُلّفها الماليّة حوالي الـ500 مليون دينار، وهذه مخصصات ستضاف على النفقات العامة التي من المفترض أن تواصل الحكوة تخفيضها عاماً بعد عام قدر الإمكان، فكيف ستستطيع الحكومة أن تلبي هذه المطالب في ظل تراجع النموّ الاقتصاديّ وعدم تحديد وجهة الاقتصاد في ظل كورونا التي ما تزال تداعياتها عميقة في الاقتصاد، ولغاية الآن لم يعرف بعد، متى سينتهي هذا الوباء الذي يلقي بظلال قاتمة على الاقتصاديات والقطاعات الإنتاجية المختلفة، مما ترتب عليه مواصلة التراجع في النموّ والانخفاض في الإيرادات خاصة غير الضريبيّة.

ثانيا: النموّ الحاصل في الإيرادات الضريبيّة هذا العام هو مؤقت، فالتراجع الحاصل في أداء الشركات سينعكس على تحصيلات الضريبيّة العام المقبل، ومكافحة التهرّب الضريبي أيضا ضمن وقت زمني محدد، فالإصلاح الضريبيّ جزء منه متعلق بوضع الغالبية من المكلفين على المسار السليم، لكن مواصلة التحصيل الضريبيّ بنفس وتيرة هذا العام لن تتحقق، ومن المرجح أن تتراجع الإيرادات الضريبيّة للسنة القادمة 300 مليون دينار على أقل تقدير، فكيف سيتم تعويض هذا الأمر في ظل مواصلة التراجع العام في الاقتصاد.

ثالثا: خيارات الحكومة الجديدة في تعويض خسائر العام المقبل ستكون محدودة للغاية، ولن يكون أمامها سوى التوجّه إلى عمليات إصلاحية تصويبية للضريبة على بعض السلع مثل السجائر -خاصة الإلكترونية منها- والأنواع الجديدة من السجائر، وهذا لا يعني زيادة النسب الضريبيّة بقدر ما يعني توسيع الضريبة لتشمل سلعا جديدة لم تدخل في الهيكل الضريبيّ من قبل، مع إعادة هيكلة بند النفقات الرأسمالية في الموازنة هيكلة جذرية وشاملة والابتعاد عن كُلّ ما ليس له أيّ قيمة مضافة على الاقتصاد الوطنيّ، وأخيرا هناك احتمالية كبيرة في إعادة النظر بالوعود الحكوميّة السابقة في موضوع العلاوات والزيادات الماليّة المعلقة والمستحقة بداية العام المقبل.

القرارات المؤلمة ليست قرارات جديدة بقدر ما هي إعادة نظر في وعود حكوميّة سابقة، مع الاستمرار في مسألة الإصلاح الماليّ المتفق عليه مع صندوق النقد الدوليّ، وكُلّ هذا من أجل هدف رئيسي؛ وهو السيطرة قدر الإمكان على العجز الماليّ الذي من المؤكد أن يتضاعف هذا العام.

التعليقات مغلقة.