صحيفة الكترونية اردنية شاملة

سداد “اليورو بوند”

سداد الحكومة سندات اليورو بوند المكفولة اميركيا في وقتها يعزز النظرة الإيجابية الدولية للمملكة، ويساهم كلياً في زيادة الدعم الدولي للاقتصاد الوطني، وقد يرى البعض ان هذا يشكل اعتماداً متزايداً على الخارج، وقد يكون صحيحا ذلك الرأي، لكن الحاجة لها ما يبررها في هذا الوقت الذي خفت فيه مصادر التمويل المالي العالمي، مع هبوط في معظم الاداء الداخلي للاقتصاد ايضا

رغم كُل الظروف التي عصفت بالاقتصاد الوطني ونتيجة تداعيات كورونا التي لم تبق على أي فرضية سليمة لموازنة 2020، أوفت الحكومة بالتزاماتها الداخلية والخارجية على أكمل وجه، وقامت مؤخرا بسداد سندات يورو بوند دولية بكفالة اميركية رسمية بقيمة 1.25 مليار دولار، وهو ما اعطى دلائل مهمة ورسائل للخارج تستحق القراءة.
السداد بهذا الوقت يصب في صالح تعزيز الدعم الدولي للأردن في هذا الظرف الاستثنائي، والذي لا يمكن للمملكة ان تتجاوز تداعيات الجائحة التي تعصف بالاقتصاد دون ان يكون هناك دعم دولي للأردن من خلال تسهيل عمليات الاقتراض بفائدة منخفضة من جهة، وتقديم المنح المباشرة للاقتصاد المثقل بالأعباء.
التزام الحكومة المبكر بتعهداتها الخارجية كان محط أنظار المانحين والمؤسسات الدولية لكيفية قيام الحكومة بالوفاء بهذا التعهد في ظل الوضع الاقتصادي المتراجع من كُل النواحي خاصة في مجالات النمو والإيرادات وتزايد النفقات في ذات الوقت، وهو ما قامت به وزارة المالية في توفيره وبشكل مبكر منذ الأيام الأولى لانتشار الوباء، عكس الكثير من الدول التي أعلنت عدم قدرتها على استكمال دفعاتها الخارجية.
التزام الحكومة المبكر شكل رسالة إيجابية لمؤسسات التصنيف الائتماني الدولي والتي كان آخرها مؤسسة ستاندرد آند بور والتي قامت بخطوة إيجابية للغاية عندما ثبتت التصنيف الائتماني للاقتصاد الوطني عند مستوى B/B+، وكانت هذه استثنائية في هذا الوقت وقد تراجع الكثير من المؤشرات الاقتصادية وتزايدت الاعباء على المملكة جراء الوباء.
سلوكيات الحكومة الخارجية تجاه مديونيتها عامة، والسندات الدولية الأخيرة خاصة، أعطت دفعة إيجابية لمباحثات الأردن مع الصندوق في المراجعة الأخيرة للاتفاق الائتماني مع المملكة والتي انتهت بشكل مرن حيث حدد خلالها الصندوق دعمه للأردن، وأشاد بالجهود المالية والنقدية الإصلاحية التي تمارسها الحكومة حتى في ظل الظروف الاستثنائية.
سداد الحكومة سندات اليورو بوند المكفولة اميركيا في وقتها يعزز النظرة الإيجابية الدولية للمملكة، ويساهم كلياً في زيادة الدعم الدولي للاقتصاد الوطني، وقد يرى البعض ان هذا يشكل اعتماداً متزايداً على الخارج، وقد يكون صحيحا ذلك الرأي، لكن الحاجة لها ما يبررها في هذا الوقت الذي خفت فيه مصادر التمويل المالي العالمي، مع هبوط في معظم الاداء الداخلي للاقتصاد ايضا، وبالتالي فرص الاعتماد على الذات ستبقى شعاراً وحبراً على الورق، لأن التحديات اليوم أكبر بكثير من قدرة الاقتصاد الوطني على مواجهتها لوحده دون تلقي الدعم الدولي، والذي بات ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، خاصة في ظل التقلبات الساخنة والاستثنائية التي طرأت بسبب الجائحة، فالأولوية اليوم هي توفير المخصصات المالية اللازمة لعمليات التمويل الموجهة لمكافحة كورونا من جهة، وتوفير مساحة مالية للحكومة لتكون جاهزة في تصرفها في حال تزايد العجز عن النسب المستهدفة.

 

التعليقات مغلقة.