صحيفة الكترونية اردنية شاملة

2021 .. العودة لمشاكلنا الطبيعية

قرب زوال كورونا لا يعني ان مشاكلنا الاقتصادية انتهت، وإنما سنعود إلى مشاكلنا التقليدية التي لا تنتهي، لأن اسلوب المعالجة على حاله دون تطور أو تغيير، فمتى نخرج بأسلوب إداري جديد في التعاطي مع هذه المشاكل المزمنة؟.

كُل الانطباعات الإيجابية، في العام الجديد، مرهونة بوصول اللقاح والسيطرة على الوباء، وعدم حدوث أي تطورات سلبية قد تؤدي إلى انتشار أوسع له.
وصول اللقاح، يعني ان العديد من القطاعات الاقتصادية المتوقفة عن العمل مثل: السياحة والطيران والنقل وغيرها ستعود للعمل من جديد، وأخرى تأثرت بشكل كبير وتراجعت لحظتها وستعود هي الأخرى لنشاطها المعهود، بمعنى آخر ان الوضع العام للاقتصاد سيعود إلى مسربه الطبيعي في الأردن في الربع الثاني من هذا العام بعد ان يكون اللقاح قد وصل وبدأ المجتمع بأخذه بالشكل الصحيح.
عودة القطاعات للمسار الطبيعي، لا يعني ان المشاكل الاقتصادية انحلت، أو أنها اختفت، بل ستعود إلى مشاكلنا الطبيعية التي لا تنتهي ولم تنته إلى ما قبل كورونا.
فالبطالة قبل كورونا بارتفاع، ومشاكل جذب الاستثمار وتحسين بيئة الأعمال، وتخفيض كُلف الإنتاج وتعزيز تنافسية القطاعات الإنتاجية وتطوير كفاءة الجهاز الإداري بكل مستوياته، كُلها قضايا مزمنة يعاني منها الاقتصاد الوطني في ظل مختلف الظروف.
لكن يبقى الأمل معقودا على إصرار الجهات المختلفة في مواجهة هذه التحديات، فمرحلة كورونا اعطت دروسا كبيرة في الادارة والعمل المؤسسي الذي من المفترض على الجهات المعنية ان تأخذ العبر منها، وتوظفها في إيجاد فريق عمل مؤسسي قادر على التعاطي مع مختلف التحديات.
كورونا فتحت آفاقا جديدة لراسم السياسة الاقتصادية في تحديد أولوياتها التنموية وكيفية زيادة الاعتماد على الذات فعلا لا قولا، فالأزمة أظهرت قوة وصلابة قطاعات اقتصادية مثل الصناعات الوطنية، وغيرها من القطاعات الاستراتيجية التي هي بأمس الحاجة إلى مساندة رسمية في دفع انشطتها للأمام، لتكون أكثر قدرة على مواجهة تحديات المستقبل.
ما بعد كورونا يفترض من المعنيين إعادة النظر في مجمل اتفاقيات التجارة الحرة الموقعة بين الأردن والعالم، ودراسة الاختلالات التي شعرت في تطبيق هذه الاتفاقيات، حيث كان لبعضها أثر سلبي على المنتج الوطني من حيث الاغراق، وعدم المنافسة السليمة مع المنتج الآخر، ودراسة إمكانية تفعيل تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل خاصة مع الدول التي تسلك منهجاً حمائياً لمنتجاتها بأساليب وطرق غير مباشرة.
كورونا كشفت العيوب بشكل واضح في جهاز القطاع العام الذي عمل بالأزمة بشكل معتاد بأقل من نصف عدد العاملين فيه، وهو ما يفرض على الحكومة مواصلة إعادة هيكلة القطاع وتعزيز انتاجيته وكفاءته والرقي بالسلوك الإداري للعاملين فيه.
الحكومة مطالبة اليوم باتخاذ قرارات تحفيزية لكُل قطاع على حدة، وان تكون هذه الإجراءات استثنائية بكل ما في الكلمة من معنى، لأن كورونا فرضت تداعيات غير مسبوقة على القطاعات المختلفة بشقيها العام والخاص، وتركت آثارا عميقة في القطاعات التي تحتاج اليوم إلى ظروف غير عادية للنهوض بها من جديد، وافضل ما قد يكون متاحا للحكومة في الآونة الراهنة حل المشاكل الإدارية والتعقيدات التي تواجه العملية الاقتصادية للقطاع الخاص، فتسهيل مهامه هو الكفيل بزيادة دوره التنموي، وتحقيق الهدف الرئيسي من أي سياسة اقتصادية وهو النمو المستدام.
قرب زوال كورونا لا يعني ان مشاكلنا الاقتصادية انتهت، وإنما سنعود إلى مشاكلنا التقليدية التي لا تنتهي، لأن اسلوب المعالجة على حاله دون تطور أو تغيير، فمتى نخرج بأسلوب إداري جديد في التعاطي مع هذه المشاكل المزمنة؟.

 

التعليقات مغلقة.