صحيفة الكترونية اردنية شاملة

دعوات للتأميم

صحيح أن هناك بعض الإشكاليات التي حدثت في برنامج التخاصية في المملكة خلال السنوات الماضية، لكن هذا لا يمنع من التأكيد أن إدارة الاقتصاد والعملية الإنتاجية هي للقطاع الخاص وليس للحكومة، ولا يعني فشل بعض مشاريع التخاصية أن تستعيد الدولة ملكيات كانت قد باعتها في إطار التخاصية، المطلوب علاج الاختلالات التي حدثت في الإدارة للمشاريع التي تم خصخصتها وليس إلغاءها كما يطالب البعض.

بين الفترة والأخرى تظهر دعوات كان آخرها في بعض كلمات السادة النوّاب أثناء مناقشتهم للموازنة بضرورة لجوء الحكومة لسياسة التأميم لاستعادة ما تم خصخصته قبل سنوات من منشآت وشركات وغيرها، وإعادتها إلى حضن الدولة.
التأميم الذي يطالب به البعض أو ما يسمى بالخصخصة المعاكسة تهدف- حسب دعاة هذا الاتجاه- إلى تمكين الحكومة من إعادة سيطرتها على مواردها، ويكون لها دخل من تلك الموجودات الاقتصاديّة.
حجج فريق ما يسمى بالخصخصة المعاكسة تستند إلى أن الدولة لم يعد لها أدوات استثماريّة تنمي دخولها سوى التحصيلات الضريبيّة والرسوم الجمركية والتي جميعها يتأثر أداؤها بالحالة العامة للاقتصاد.
البعض ينطلق من معتقدات أيديولوجية بحتة، تنادي بعدم السماح للدول ببيع أي أصول للقطاع الخاص من زاوية أن الحكومة هي صاحبة حق التصرف وإدارة النشاط الاقتصاديّ للدولة، ولا يمكن لأي جهة مشاركتها هذا الأمر.
فريق آخر يفند الادعاءات السابقة ويقول إن الاقتصاد الأردني هو اقتصاد حرّ رأسمالي بحكم الدستور والقوانين المعمول بها، ولا يعني سيطرة الدولة على النشاط الإنتاجي والاقتصادي في فترة من الفترات بأن هذه هي القاعدة الصحيحة للاقتصاد الوطني، فتلك حالة استثنائية مر بها الاقتصاد لفترة سرعان ما ظهرت عوامل ومستجدات تدفع للخروج من هذا الإطار.
آخرون يرون أن الحكومة لا تمتلك أي مقومات ماليّة لاستعادة الأصول التي تم خصخصتها، وأن شراءها بأسعار اليوم يعني أنها ستدفع عشرات أضعاف ما بيعت به، وهو أمر لا يمكن لأي جهة رسمية أن تتحمل تبعاته الماليّة.
هناك من يتساءل لماذا تريد الدولة استعادة الأصول التي تم خصخصتها، ألا تشكل عوائد الضرائب المفروضة على الشركات المخصخصة أضعاف ما كانت تتقاضاه الخزينة حين كانت الحكومة تمتلك معظم أسهم الشركات؟، هل باستطاعة أحد أن ينكر أن الخدمات والإنتاجية تطورت كثيرا عما كانت قبل الخصخصة؟.
جيد أن تكون هناك مساهمات رسميّة في الشركات الاقتصاديّة المختلفة، لكن بنسب معينة وليس بملكيات كاملة كما كانت سابقا، فمن حق الدولة وحكوماتها أن يكون لها دخل اقتصادي من جراء مساهماتها الاستثماريّة، إما أن تسيطر على كامل ملكية وإدارة الشركات، فإن النتيجة باتت معروفة للجميع، فلا يوجد كوادر رسميّة مؤهلة لإدارة القطاعات الاقتصاديّة وفق منظور استثماري بحت.
القطاع الخاص هو المحرك الأساسي للتنمية، ولا يمكن للحكومة أن تحلّ محله في هذا الأمر، لكن المسألة بحاجة إلى تفاهمات رئيسيّة حول الأدوار المطلوبة من كُلّ قطاع في الاقتصاد، فالإنتاجية والاستثمار والإدارة مناطة برجال الأعمال والشركات، والإشراف والتنظيم وإزالة التشوهات الاقتصاديّة مناطة بالحكومة.
صحيح أن هناك بعض الإشكاليات التي حدثت في برنامج التخاصية في المملكة خلال السنوات الماضية، لكن هذا لا يمنع من التأكيد أن إدارة الاقتصاد والعملية الإنتاجية هي للقطاع الخاص وليس للحكومة، ولا يعني فشل بعض مشاريع التخاصية أن تستعيد الدولة ملكيات كانت قد باعتها في إطار التخاصية، المطلوب علاج الاختلالات التي حدثت في الإدارة للمشاريع التي تم خصخصتها وليس إلغاءها كما يطالب البعض.

 

التعليقات مغلقة.