صحيفة الكترونية اردنية شاملة

متاعب “إيفرغراند”.. ارتباك في البورصات ومخاوف من امتداد الأزمة

يخشى مستثمرون من أن تؤدي أزمة الديون التي تواجهها مجموعة العقارات الصينية العملاقة “إيفرغراند” إلى تداعيات كبيرة على سوق العقارات داخل الصين، وربما على الاقتصاد العالمي، وسط مخاوف من عدم تحرك الحكومة لحل الأزمة سريعا.

وأدت الأزمة إلى تراجع المؤشرات الرئيسية في بورصات العالم، في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، في تعاملات الإثنين ولدى افتتاح تعاملات الثلاثاء في بعض الأماكن، بعد أن أعلنت عملاق صناعة العقارات الصينية تخلفها عن سداد ديون بقيمة 300 مليار دولار، وهو ما خلق مخاوف من انهيار محتمل للشركة.

وفي بورصة وول ستريت الإثنين، أغلق مؤشر “داو جونز” الصناعي 1.8 في المائة، وأغلق مؤشر “ستاندرد آند بورز” بانخفاض 1.7 في المئة، وهبط مؤشر “ناسداك” للتكنولوجيا 2.2 في المئة.

وجاءت انخفاضات وول ستريت جورنال بعد تراجعات حادة في سوق الأسهم في أوروبا وهونغ كونغ وأجزاء أخرى من آسيا.

وصباح الثلاثاء، انخفض مؤشر نيكي Nikkei 225 في بورصة طوكيو بأكثر من 2 في المئة عند الفتح. وهبط مؤشر نيكي 225 القياسي 2.07 في المئة أو 630.51 نقطة في التعاملات المبكرة، بينما تراجع مؤشر “توبكس” 2.21 في المئة أو 46.36 نقطة.

وقال كبير المحللين الاستراتيجيين يوشيهيرو إيتو لرويترز: “من المتوقع أن تهيمن طلبات البيع على السوق اليابانية، مع إحباط المستثمرين بسبب الأزمة”.

وأضاف أن “السوق سيستمر في التقلب، ومن المتوقع تقلص حجم التداول” قبل اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي هذا الأسبوع.

وامتدت التداعيات إلى سوق العملات الرقمية، فقد تراجع سعر البيتكوين بنسبة 7.5 في المئة إلى 43872 دولارا، وتراجعت الإيثريوم 8.6 في المئة إلى 3062 دولارا، ودوج كوين 10 في المئة.

وقال الخبير الاقتصادي الشهير، محمد العريان، لقناة “سي أن بي سي” إن عمليات البيع في أسواق الأسهم العالمية يوم الإثنين تشير إلى أن المستثمرين يعيدون النظر في مدى استدامة الاستثمار في الصين.

وقال إنه بالإضافة إلى أزمة الشركة، فرضت الحكومة الصينية قيودا وقواعد جديدة على مجموعة واسعة من الشركات في الأشهر الأخيرة.

ويقول خبراء إن هناك مخاوف من أن السلطات الصينية قد لا تكون قادرة على احتواء تداعيات الانهيار المحتمل للشركة، ما قد يؤثر على العديد من الشركات الأخرى في قطاع العقارات الصيني المثقل بالديون، علما أنه يساهم في أكثر من ربع حجم الاقتصاد، وهو أمر سيؤثر بالتالي على المصارف والمستثمرين.

احتواء الأزمة
ويخشى خبراء استراتيجيون أن تمتد تداعيات الأزمة عبر الاقتصاد العالمي، لكنهم يقولون أيضا إنه من المرجح أن يتم احتواء المشكلة من قبل الحكومة الصينية قبل أن تلحق الضرر بالنظام المصرفي، واستبعدوا حدوث عدوى مالية عالمية أوسع.

واعتبر خبراء “مركز سينو إنسايدر” الاستشاري أن بكين وعلى الرغم من الضغوط “لن تسمح بإفلاس إيفرغراند”، مشيرين إلى أن “هذا الأمر ستكون تداعياته كبيرة على النظام” وعلى الاستقرار.

وقال كبير خبراء اقتصاد آسيا لدى “كابيتال إيكونومكس” مارك وليامز، إن “انهيار “إيفرغراند” (إذا حدث) سيكون أكبر اختبار تواجهه المنظومة المالية الصينية منذ سنوات”، وفق فرانس برس.

وقال وليامز إن “الخاتمة الأكثر ترجيحا حاليا هي إعادة هيكلة يتم التحكم بها بحيث تستحوذ شركات تطوير عقاري أخرى على مشاريع إيفرغراند غير المكتملة مقابل حصة في مصرفها العقاري”.

وهو ما أكده جيمي تشانغ، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة “روكفلر غلوبال فاميلي أوفيس” في تصريح لـ”سي أن بي سي”، قائلا: “كان الجميع يتوقع أن يكون لدى الحكومة نوع من الحل، بالنظر إلى أن “إيفرغراند” شركة مهمة من الناحية النظامية. أعتقد أنه سينتهي الأمر بامتلاك بعض الشركات المملوكة للدولة لتولي المسؤولية”.

وقال ريك ريدر، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة “بلاك روك”: “الشيء الصعب في فهم الصين بشكل خاص هو أنها نظام مبهم وفي كثير من الأحيان ليس لديك إجابات حتى تحصل على إجابات”.

وأضاف ريدر أن “النظام المصرفي يميل إلى أن يكون تحت سيطرة الحكومة.. هناك تدخل حكومي يُفترض أنه سيأتي. إحساسي هو أن الحكومة ستتصرف، وإحساسي أنها ستستقر”.

وتغرق شركة التطوير العقاري المدرجة ببورصة هونغ كونغ في ديون هائلة بلغ مجموعها أكثر من 300 مليار دولار بعدما استدانت لسنوات لتمويل النمو المتسارع في الصين.

وقد أشارت الشركة، الثلاثاء الماضي، إلى أنها قد تتخلف عن سداد ديونها المستحقة، ما دفع عشرات المستثمرين خارج مقر المجموعة العملاقة للتظاهر قبل نحو أسبوع.

و”إيفرغراند” هي أكبر شركة تطوير عقاري في الصين من حيث الإيرادات، وهي متواجدة في أكثر من 280 مدينة. وتقول إنها توظف 200 ألف شخص وتوفر بشكل غير مباشر 3.8 ملايين وظيفة.

ورئيسها شو جيايين، خامس أغنى أثرياء الصين، وفق قائمة “هورون” المتخصصة في رصد أصحاب الثروات في البلاد

وتعد “إيفرغراند” تاريخيا إحدى دعائم الاقتصاد الصيني، وقد أدى القطاع العقاري دورا أساسيا في انتعاش اقتصاد البلاد بعد الجائحة، واستقطب العام الماضي أكثر من ربع الاستثمارات.

وفي السنوات الأخيرة ضاعفت “إيفرغراند” عمليات الاستحواذ. وباتت الشركة حاليا مثقلة بالديون.

والشهر الماضي، دعتها بكين علنا إلى تسوية مديونيتها، في تطور غير اعتيادي بسبب المخاوف التي يثيرها وضع المجموعة.

وخفضت وكالتان عالميتان التصنيف الائتماني للمجموعة، فيما هبطت أسهمها إلى ما دون السعر الذي كانت تسجله عند طرحها عام 2009.

التعليقات مغلقة.