صحيفة الكترونية اردنية شاملة

نهج الحكومة

ما أحوجنا في وطننا الأعز لتبني هكذا نهج حكومي استشرافي تحولي من قبل حكومة قوية واثقة بنفسها وقدرتها على الإنجاز...

 

لكل حكومة نهج… فترى حكومة مستشرفة للمستقبل … مرنة ورشيقة… مبدعة ومبتكرة… قيادتها قوية واثقة وذات رؤية…… تقيم وتدير نفسها بمدى تحقيقها لأهدافها ومؤشرات أدائها الإستراتيجية والتشغيلية الواضحة والمحددة والقابلة للقياس والمتابعة… فتجدها تعمل ما تقول وتقول ما تعمل… فكسبت بذلك ثقة شعبها والعالم بأسره… وارتقت بأوطانها وسعادة شعوبها لتصبح نماذج يحتذى بها ويسعى الجميع لمحاولة محاكاة تجربتها…
وترى أخرى فاقدة لبوصلتها… ليس لديها أية رؤية أو حتى تصور بسيط للغاية التي تبغي الوصول إليها على المدى قصير أو البعيد… ترتعد وترتجف خوفا من إعلان أية أهداف أو مؤشرات إستراتيجية محددة قابلة للقياس والمتابعة، حتى لا يتم متابعتها وتقييمها على مدى تحقيقها فيظهر ضعفها وعجزها… حكومات بيروقراطية جامدة ينتقل أداؤها من السيء للأسوأ… تدير نفسها بشكل هزيل من خلال إدارتها للأزمات المفروضة عليها خارجيا أو داخليا أحيانا، أو تلك التي تضع نفسها فيها في معظم الأحيان…
في عالمنا العربي نماذج محدودة من حكومات النهج الأول وكثير من حكومات النهج الثاني… ومن أبرز الحكومات التي تمكنت من تحقيق سعادة شعوبها، من خلال تبني نهج حكومي واضح موجه بتحقيق الأهداف التي تجلب تلك السعادة، هي حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة… هذه الحكومة التي تمكنت من تحقيق الريادة العالمية لوطنها في 100 مؤشر تنموي وتصدر المنطقة في 470 مؤشر حكومي واقتصادي وتقني آخر…
حكومة، وبتوجيه من رئيسها، قامت اليوم بتبني “المنهجية الجديدة في العمل الحكومي” الهادفة إلى “تغيير أدوات التغيير” و”الإنتقال إلى عمل حكومي أسرع من السابق وأقرب إلى الواقع وأكثر مواكبة للمتغيرات العالمية”… أبرز ما في النهج الجديد هو التخلي عن فكر التخطيط الإستراتيجي بعيد المدى والتركيز على عدد محدود من المشاريع التحولية الكبرى التي يمكن تنفيذها على المدى القصير والمتوسط والتي تحدث أثرا مباشرا في إسعاد الناس، حيث تستند منهجية العمل الحكومي الجديدة على محددات خمسة أبرزها: أن العمل الحكومي في المستقبل ستقوده المشاريع التحولية الكبرى وليس فقط الخطط الإستراتيجية طويلة الأمد، وأن دورات التخطيط القادمة ستكون مرنة وسريعة على مدى 6 أشهر إلى عامين، بدلا من دورات التخطيط الإستراتيجي المعهودة من 5 إلى 10 أعوام، والإنجاز من خلال تحديد واستهداف عدد محدود من الأولويات الوطنية، بحد أقصى 10 أولويات، وليس قائمة أمنيات من عشرات المشاريع التي لن يرى معظمها النور كما هو الحال في بعض الخطط “التأشيرية” الحكومية، وتشكيل فرق العمل الوزارية لتنفيذ كل مشروع تحولي، والإنتقال من المسؤولية الفردية للوزارات إلى المسؤولية المشتركة لفرق العمل الوزارية التي سيتم توقيع عقود أداء معها ومتابعة أدائها من قبل مجلس الوزراء، ووضع وتطبيق سلم من الحوافز والترقيات وربطه بأداء فرق المشاريع التحولية وقدرتها على أنجازها ضمن مؤشرات الإداء والجداول الزمنية المحددة.
ما أحوجنا في وطننا الأعز لتبني هكذا نهج حكومي استشرافي تحولي من قبل حكومة قوية واثقة بنفسها وقدرتها على الإنجاز… مشروعات وطنية تحولية كبرى.. محدودة العدد عظيمة النتائج… من المدينة الجديدة إلى الناقل الوطني والصناعات الاستخراجية الكبرى وشبكة النقل البري الوطنية الشاملة (طرق وسكك حديد متطورة) وتطوير وادي عربة زراعيا وسياحيا والصندوق السيادي الإستثماري والإرتقاء بالأداء الحكومي الشمولي، يمكن أن تشكل جميعها نواة لهكذا مشاريع تحولية… التركيز على هذه المشاريع التحولية الكبرى ذات الأولوية، والتي ستشارك في تنفيذها فرق عمل من كافة الوزارات والدوائر الحكومية المعنية، لا يعني إغفال باقي قطاعات التنمية الاقتصادية والإجتماعية، بل يعني التركيز عليها للأعوام القليلة القادمة بما يمكنها من الظهور لحيز الوجود واكسابها زخما ذاتيا وبدء تحقيقها لنتائجها المرجوة، قبل الإنتقال لحزمة أخرى من عدد محدود من مشاريع تحولية أخرى، تسهم جميعها في إحداث الفارق الإيجابي الملموس من قبل الشعب وعلى أرض الواقع، ويسهم في تغيير واقعه إلى الأفضل وتحسين مستوى معيشته وتحقيق رضاه وسعادته ضمن فترة زمنية محدودة…
نهج حكومي جديد وجب النظر إليه بعين الجدية والإهتمام من قبل الحكومة الحالية والحكومات القادمة، ويحتاج لحكومة قوية وواعية وراشدة وواثقة لتطبيقه…
حفظ الله الأردن عزيزا وقويا ومنيعا… وحماه شعبا وأرضا وقيادة…

التعليقات مغلقة.