صحيفة الكترونية اردنية شاملة

لا يكفي الانبهار في التجربة المصريّة

مازلنا نحن أسيرين لتداعيات الربيع العربي والفوسفات والكردي وغيرها من القضايا التي ما تزال عالقة في أذهان الحكومات والمواطنين على حدٍ سواء، والشعبويات التي لا تغني ولا تسمن من جوع، فعلى الحكومات ألا تكتفي بالانبهار بالتجربة المصريّة، وإنما الاستفادة منها والسير على خطاها ضمن المنطق والإمكانات الأردنيّة.

ليس غريباً أن ينبهر الوفد الحكوميّ برئاسة رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة بما شاهدوه على أرض الواقع من تقدم اقتصادي ملموس وغير مسبوق على الأراضي المصريّة خلال زيارتهم القصيرة مؤخراً للقاهرة، فأي زائر هناك وكاتب هذا المقال منهم شعر بذات الشعور عند زيارته حديثا لمصر.
الخطوات الاقتصاديّة المصرية مثار إعجاب الجميع، وقد بدأت ثمارها تنعكس إيجابيا في الاقتصاد المصري الذي حقق خلال فترة ذروة كورونا العام الماضي 2020 أعلى معدلات نموّ اقتصادي في الشرق الأوسط 3.2 %، وانخفضت معدلات البطالة إلى حدود الـ7.5 %، ناهيك عن أن التغيير بات سمة يومية في شكل الاقتصاد المصري بكافة مستوياته، والتطوّر العمراني والبنية التحتية أصبحت حديث العالم ليس فقط بنموها وأشكالها، بل بالسرعة القياسية في إحداث التغيير البنيوي في الاقتصاد المصري فهناك مدن كاملة باتت شبه جاهزة للعمل على أعلى درجات العصرية والحداثة مدعومة بشبكات طرق وخدمات بنية تحتية، هي بلا شك الأرقى في المنطقة بأسرها ستكون متاحة لجميع المصريين في القريب العاجل.
ماذا نستفيد من التجربة المصريّة بالنسبة لنا نحن في الأردن؟.
لا شك بأن هذه التجربة فريدة من نوعها ولا يكاد يضاهيها في التطوّر السريع سوى ما كانت عليه في عقد التسعينيات دول نمور آسيوية.
الاستفادة من التجربة الاقتصاديّة المصريّة لأي راغب في ذلك والكلام موجّه للحكومة بوزرائها ورئيسها هو في عدة مجالات أهمها التخطيط السليم والواضح لما تريد عمله الحكومة، ومن ثم الجرأة في التنفيذ وتغيير الواقع، فلا يوجد مكان في الحكومة المصريّة اليوم للأيدي المرتجفة، فما يخطط له في الصباح، يكون التنفيذ فورا بحلول المساء دون تردد، للأسف فاليوم غالبية المسؤولين في الحكومة مترددون في اتخاذ القرارات، ومرتجفون في السير بتنفيذ حتى خطط وزاراتهم خوفا من الملاحقات القانونية والمساءلات سواء من جهات رسمية أو من النوّاب أو من الإعلام، لذلك فغالبية الحكومات تدير المشهد الاقتصاديّ العام وفق أسلوب “التخدير” وإدارة الوقت لا أكثر، وإلا كيف تفسر الحكومة جمود الحركة الاستثماريّة وتعثر حل المشاكل الكبيرة، وعدم السير في تنفيذ المشاريع والمخططات، وكيف تفسر الحكومة العجز الكامل أمام حل مشكلة أبراج السادس العالقة منذ 15 عاما، شخصيا أنا متأكد أن حل معضلة تلك الأبراج لو كانوا في دولة أخرى وتحديدا مصر لن يتجاوز أكثر من فترة التوقيع على قرار الحل لا أكثر.
التجربة المصريّة مهمة للأردنيين في مجال استقطاب الاستثمارات والترويج له، فالأشقاء في مصر باتوا موطنا حاضنا لمعظم الاستثمارات العالمية، حتى ان هناك أكثر من 1800 رجل أعمال أردني أقاموا استثمارات جديدة لهم في مصر مستفيدين من كم كبير من الحوافز والتسهيلات المقدمة لهم في كل القطاعات بلا استثناء، فالعمل في مصر بات سهلاً ومجدياً في ذات الوقت، ولا ننسى أن تجارب الأردنيين هناك ناجحة للغاية، فهم يعملون ضمن اقتصاد حر وديناميكي، ولا أدل من ذلك من فوز شركة أردنية بعطاء الإدارة الإعلامية للعاصمة الإدارية الجديدة.
المشهد الاقتصاديّ المصريّ لا يوجد فيه تردد أو ضبابية في اتخاذ القرار، وهناك هدف واضح لا يقبل التأخير في الوصول إليه، فالرؤية لديهم لفتح ملفات الماضي التي أغلقتها ورش العمل والمنشآت والبنية التحتية، بينما مازلنا نحن أسيرين لتداعيات الربيع العربي والفوسفات والكردي وغيرها من القضايا التي ما تزال عالقة في أذهان الحكومات والمواطنين على حدٍ سواء، والشعبويات التي لا تغني ولا تسمن من جوع، فعلى الحكومات ألا تكتفي بالانبهار بالتجربة المصريّة، وإنما الاستفادة منها والسير على خطاها ضمن المنطق والإمكانات الأردنيّة.

التعليقات مغلقة.