صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الدعم الدولي للاقتصاد الأردني

سياسات الاعتماد على الذات التي تطلقها الحكومات في خطاباتها المختلفة هي سياسات إعلامية أكثر منها عملية، بالرغم من انه البند الوحيد في قانون الموازنة العامة الذي يخالف التقديرات إيجابا هو رقم المساعدات التي تزداد عاما بعد عاما كقيمة مطلقة اكثر مما هو مستهدف في خطة الدولة المالية.

لا يمكن إنكار دور المساعدات الخارجية في دعم استقرار الاقتصاد الوطني، فهي تشكل عاملا أساسياً في ذلك، متجاوزة كل أهداف التنمية والنموّ التي وضعتها الحكومات في المملكة.
والمساعدات تتنوع ما بين هبات مالية مباشرة إما تذهب للخزينة أو لقطاعات متنوعة، أو أن تكون على شكل قروض ميسرة وبفوائد منخفضة نسبياً عما هي عليه في القروض التجارية.
خلال العام 2020 حصلت المملكة على أكثر من 3.7 مليار دولار كمساعدات خارجية، ساهمت في توفير سيولة مالية لمواجهة تداعيات كورونا التي هوت بإيرادات الدولة خاصة غير الضريبيّة.
الولايات المتحدة تعتبر المانح الأول للمساعدات المالية للمملكة والتي في العادة تقدم على شكل منح مالية جزء كبير منها يوجه للخزينة بقيمة 845 مليون دولار من أصل 1.25 مليار دولار حجم المساعدات الاقتصادية الأميركية التي تقدم للمملكة، وباقي المبلغ يذهب لتمويل مشاريع في قطاعات مختلفة لكن بشكل مباشر من المانح.
صندوق النقد الدولي لعب هو الآخر خلال العام الماضي دورا مهما في تقديم مساعدات مباشرة للخزينة من خلال المراجعات التي أجراها على الاقتصاد الوطني ضمن الاتفاق الائتماني والذي تم توقيعه بين الجانبين لمدة أربع سنوات والذي أتاح للحكومة الحصول على دفعتين بقيمة 200 مليون دولار، ناهيك عن حصول الأردن على اكثر من 400 مليون دولار ضمن برنامج الدعم الاستثنائي الخاص بمكافحة تداعيات جائحة كورونا.
طبعا هناك الدعم الأوروبي والياباني والذي يتجاوز الـ250 مليون دولار، وجزء كبير من المساعدات وتحديدا فيما يتعلق بالمنح تذهب لدعم استضافة اللاجئين السوريين والتي عادة ما تكون أقل بكثير من تعهدات المانحين، وباقي المساعدات وخاصة فيما يتعلق بالقروض فهي تذهب لتغطية فجوة التمويل في الموازنة.
المساعدات بالنسبة للاقتصاد الوطني قضية مفصلية، ويلعب الجانب السياسي دورا رئيسا فيها، فالأردن يحتل المرتبة الثالثة عالميا في حجم المساعدات التي يحصل عليها من الولايات المتحدة الأميركية، ويشكل الدعم السياسي للمملكة موقفا قويا لها لدى المنظمات الدولية والمؤسسات العالمية المختلفة وعلى رأسها صندوق النقد والبنك الدوليين، كما ان الجانب السياسي في كثير من الجوانب يترجم إيجابا لدى هيئات الائتمان الدولية خاصة تلك المعنية بتصنيف الأردن الائتماني.
قد يقول البعض ان التغني بالمساعدات الخارجية ودورها في تعزيز الاستقرار الاقتصاد الأردني هو مؤشر ضعف اقتصادي وليس على قوته ومتانته، وقد يكون في هذا الكلام جانبا من الصواب.
فالأصل ان تعتمد الدول على مواردها الذاتية لتلبية احتياجاتها التمويلية المختلفة، وأن يكون لديها سياسة خاصة تزيد من مفهوم الاعتماد على الذات، وهذا هو الأساس.
في الحالة الأردنية الأمر مخالف، فالدولة ومنذ التأسيس وهي تعتمد في تمويل نفقاتها على المساعدات الخارجية التي كانت حتى منتصف الستينيات اعلى من إيرادات الدولة، وكثيرة هي القطاعات التي نمت وكبرت على النحو الذي نراه بفضل تلك المساعدات خاصة الأجنبية منها، مع عدم التقليل أبدا من شأن المساعدات العربية التي كانت في غالبيتها تقدم على شكل منح مباشرة للخزينة والاقتصاد وتحديدا من الدول الخليجية، حيث لعب الدعم الاقتصادي العراقي بجانب كل من السعودية والكويت والإمارات دورا رئيسا في دعم الأردن بشكل كبير.
سياسات الاعتماد على الذات التي تطلقها الحكومات في خطاباتها المختلفة هي سياسات إعلامية أكثر منها عملية، بالرغم من انه البند الوحيد في قانون الموازنة العامة الذي يخالف التقديرات إيجابا هو رقم المساعدات التي تزداد عاما بعد عاما كقيمة مطلقة اكثر مما هو مستهدف في خطة الدولة المالية.
للأسف هذا هو واقعنا الاقتصادي المرير الذي يعتمد كثيرا على المساعدات، والخيارات شبه معدومة ان لم تكن مستحيلة في الاستغناء عنها فهي تشكل أكثر من %15 تقريبا من النفقات العامة، فلا يمكننا تجاوز هذه الأرقام في ظل الإدارات الاقتصادية الراهنة وغياب البرنامج والخطط الوطنية الشمولية المرتبطة بالعامل السياسي أيضا.

التعليقات مغلقة.