صحيفة الكترونية اردنية شاملة

تقرير ديوان المحاسبة وتقدمنا في مكافحة الفساد

تزامن صدور تقرير ديوان المحاسبة السنوي، مع الإفصاح عن مؤشرات دولية أظهرت تقدم الأردن في مكافحة الفساد، ليحتل المرتبة الأولى عربيا والسابعة والخمسين دوليا. الملفت أن التركيز محليا كان على تقرير ديوان المحاسبة بأضعاف مضاعفة، بالمقارنة بتقدم الأردن في مكافحة الفساد، في دلالة على اضمحلال الموضوعية في نقاشاتنا العامة والنحو للسلبية وتضخيمها، مع أن أحد مؤشرات تقدم الأردن كان تعامله مع المخالفات الواردة بتقرير ديوان المحاسبة بجدية وقانونية حازمة، وان وجود تقرير سنوي لديوان المحاسبة يحدد التجاوزات ويضبطها دلالة على رسوخ منظومة محاسبة ومساءلة فاعلة تعمل بكفاءة. الأردن يستمر بتعزيز منظومته الرقابية التي تجذر أسس الشفافية ومكافحة الفساد، وقد كان آخر التحديثات على تلك المنظومة التعديل الدستوري المقترح من لجنة تحديث المنظومة السياسية، التي اقترحت إلزام نقاش تقرير ديوان المحاسبة والتعامل مع المخالفات الواردة فيه خلال دورتين برلمانيتين، أي خلال عام من صدور التقرير، وبهذا نكون قد ألزمنا دستوريا السلطتين التنفيذية والتشريعية بمناقشة التقرير وعدم ترحيله.
الخطوة الإصلاحية القادمة في هذا الشأن يجب أن تكون تطوير شكل وبنية تقرير ديوان المحاسبة، ليركز أيضا على الإجراءات التصويبية التي تمت، والإنجازات التي تحققت، تماما كما يسرد التجاوزات على المال العام. هذا يحدث الآن ولكن ليس بالشكل المؤمل، ولذلك وجب تعزيز ذكر النتائج الإيجابية التي تحققت، وبطريقة مدروسة إعلاميا، حتى يرى الكافة الجزء المليء من الكأس كما يرون عكس ذلك ويركزون عليه. ديوان المحاسبة واحد من أعظم وأكفأ مؤسسات الدولة الأردنية وأقدمها، لذلك لا بد من إظهار نتائج جهوده في مكافحة الفساد والتطاول على المال العام، والتوضيح للرأي العام كيف أن هذه الجهود تكاملت مع غيرها وقفزت بالأردن خطوات كبيرة في جهود مكافحة الفساد.
الخطوة الأخرى المستقبلية، التي ستحقق لنا قفزة على طريق تعزيز النزاهة وإرساء العدالة والشفافية، هي تمكين ديوان الخدمة المدنية، ليكون جهازا رقابيا على التجاوزات الإدارية يراقبها ويوقفها ويحاسب مرتكبيها. الترهل والفساد الإداري في كثير من الأحيان لا يكون ماليا وبالتالي هو خارج سلطة وصلاحية ديوان المحاسبة، لذا فعلينا إيجاد مكنة إدارية رقابية قوية لضبطه، لأن التجاوزات الإدارية تستفز الأردنيين وظالمة للكفاءات.
منظومتنا الرقابية قوية محترمة تعمل بكفاءة بشهادة المؤسسات الدولية المحايدة ذات المصداقية، والانطباعية السائدة عن انتشار الفساد ظالمة وغير موضوعية، وعليه فواجب على مؤسساتنا الرقابية تطوير أدوات الاتصال والإعلام لديها لكي تنشر الوعي، وترسخ قيم النزاهة كمنظومة مجتمعية صلبة، وتنصف الأردن وتكافح الانطباع الخاطئ والظالم أنه مرتع للفساد. مؤسساتنا الرقابية ومنظومة مكافحة الفساد، هي أدواتنا كدولة لمحاصرة باثي السواد والإحباط، الذين يتهمون الأردن بما هو براء منه، فقد كان الأردن وسيبقى- بحول الله- مثالا في قدرته على التعامل مع التجاوزات عندما تحدث.

التعليقات مغلقة.