صحيفة الكترونية اردنية شاملة

القطاع الخاص بحاجة للدعم

الحكومة فعلا بحاجة إلى إعادة ترتيب ملف علاقتها مع القطاع الخاص وأن تعمل بشكل مؤسسي على مساعدته للنهوض بأنشطته، لزيادة قدرته الاستثمارية ومن ثم التشغيلية وبالتالي مواجهة واقعية وفعلية وسريعة لكابوس البطالة والفقر.

من المفترض أن تُدرك الحُكومة انه لا تنمية من دون العمل مع القطاع الخاص، صحيح أن المنح والمساعدات الخارجية ستقلل العجز لكن عجلة التنمية لا تسير دون قطاع خاص مرن، ودون شراكة حقيقية بين القطاعين.
اليوم يمر القطاع الخاص في مرحلة صعبة قد تكون الأصعب له في تاريخ الاقتصاد الأردني، فلا يوجد أي تطبيق مؤسسي لمفهوم الشراكة بين القطاعين التي كانت سيمفونية الخطاب الإعلامي الرسمي أثناء الطفرة المالية، فالأساس في الشراكة أن يكون وقت المِحن والأزمات.
هذه الازمات ولدت أعباء كبيرة على العديد من كبريات الشركات والاستثمارات العاملة في بيئة الأعمال الأردنية، والكثير من منها توقف عن العمل نتيجة تلك التحديات ولم يعد قادرا على الاستمرار، نتيجة تراكم الأعباء المالية عليه نتيجة أعمال توسعية كبرى قام فيها خلال فترات معينة كانت مشجعة له على التوسع، والآن لم يعد قادرا على استكمال تلك المخططات إما نتيجة ضعف الإقبال على منتجاتها، أو السوء في التخطيط او التنفيذ.
هنا تتصاعد وتيرة الخطاب الحكومي تجاه شركات القطاع الخاص وتتهمها بالتوسعة غير المدروسة، وان هذه الأنشطة التوسعية في الشركات كانت أكبر بكثير من واقعها العملي وبهذا لا تستطيع البنوك تقديم تَسهيلات جديدة، وكأن رجال الأعمال مارسوا تَهريب الممنوع لذلك لا بد من مُعاقبتهم بدلاً من تقديم العون لِمُنشآتهم التي تُشغل الأردنيين وتُساهم في تخفيف مُشكلتي الفقر والبطالة، فالتوسع حدث في داخل الأردن وليس في خارجه.
يبدو أن حُكومات سابقة تتناسى أنها هي توسعت دون دراسة وتخطيط، بل إن التخبط كان السِمة الأبرز لسياساتها، تلك السياسات التي فرخت مؤسسات مستقلة بالشكل الخطير على الموازنة، وأنها تناست أنها هي من ضخمت القطاع العام الذي يعج بآلاف الموظفين الذين لا يعملون، ويتناسون أن خططهم التنموية هي من ضخم العجز والمديونية.
القطاع الخاص اليوم بحاجة إلى خطة إنقاذ له للمحافظة عليه واستدامة أنشطته، ومد يد العون للمشاريع المتوقفة منذ أعوام، فغالبية شركات العالم الناجحة اليوم مرت بظروف صعبة، لكنها عادت للعمل وحققت قصص نجاح بفضل الدعم الحكومي لها المباشر وغير المباشر.
القطاع الخاص بحاجة اليوم إلى إعادة النظر في بنود بعض الاتفاقيات التي ألحقت ضررا بالمنتجات الوطنية نتيجة عدم القدرة على مُنافسة نظيرتها الأجنبية، مما أدى إلى إضعاف قدرتها على اختراق الأسواق سواء المحلية ام الأجنبية.
مجتمع رجال الأعمال يُعاني من تقلبات حادة في منظومة التشريعات التي تتقلب بين يوم وآخر لدرجة أن هُناك قوانين عُدلت في السنوات القليلة الماضية أكثر من ست مرات مُتتالية، وهو أمر مُنفر لبيئة الاستثمار والأعمال.
القطاع الخاص ما يزال يُعاني من التشتت لِكثرة المنافذ الرسمية التي من المفترض أن تتوحد في مرجعية واحدة وإطار مؤسسي واحد يكون ممثلا فقط في وزارة الاستثمار.
مُجتمع رجال الأعمال يُعاني في الحقيقة من إزدواجية التعامل من قبل الحُكومات بينه وبين المستثمر الأجنبي الذي يَلقى كل الرعاية ويتفنن المسؤولون في تقديم الحوافز والتسهيلات القانونية وغير القانونية لتدليل ذلك المُستثمر الذي يحصل على أراض بأسعار تفضيلية ويعفى من الضرائب والرسوم ويحصل على الأصول بثمن بخس وما عليه سوى تحويل الأرباح السنوية للخارج.
الحكومة فعلا بحاجة إلى إعادة ترتيب ملف علاقتها مع القطاع الخاص وأن تعمل بشكل مؤسسي على مساعدته للنهوض بأنشطته، لزيادة قدرته الاستثمارية ومن ثم التشغيلية وبالتالي مواجهة واقعية وفعلية وسريعة لكابوس البطالة والفقر.

التعليقات مغلقة.