صحيفة الكترونية اردنية شاملة

حديث الخصاونة: هل يكسب الرهان؟

اقتبس الأردنيون في مواقع التواصل الاجتماعي جزئية واحدة، فقط، من مؤتمر رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، وسارعوا، كما هي العادة، بتوجيه انتقادات عديدة له. لم يكترث هؤلاء سوى لتسليط الضوء على تصريح الخصاونة بخصوص مخزون المملكة من الشعير!
لا جديد في الأمر، هي النمطية التي اعتدنا عليها في تناول الشأن العام من مجتمع التواصل الاجتماعي، فهم ينتقون ما يساهم في الفوز بمزيد من المشاهدات والإعجابات، غير مكترثين بالأجواء السوداوية التي يخلقونها. لا جديد في الأمر بتاتا؛ فهؤلاء لم ينظروا سوى لزاوية واحدة من المشهد الكامل، لذلك تركوا كثيرا مما تحدث به رئيس الوزراء!
ثلاثة ملفات رئيسية يمكن مناقشتها في حديث الخصاونة، الذي إن نجح فعليا في تحقيقها فقد كسب الرهان، فمن حق الأردنيين أن يطمئنوا إلى أن ارتفاع سعر التعرفة الكهربائية لن يمس غالبيتهم، ومن المفرح فعلا أن يذهب الوفر المالي المتحقق إلى قطاعات إنتاجية، فالهدف هنا هو التنمية وليس مزيدا من الجباية لرفع الإنفاق الحكومي غير الرأسمالي، والتى طالما كانت عنوانا لسياسة الحكومات المالية.
الجزئية الثانية التي تسجل لحكومة الخصاونة هي الموافقة على تخفيض الرسوم الجمركية، إلى جانب تسريع الإجراءات للمواطنين وتفعيل آلية الرقابة، ما سينعكس إيجابيا في التجار والموردين، وبالتالي سيؤدي إلى خفض الكلف، وتعزيز القوة الشرائية محليا. يمكن لهذا الأمر أن يؤدي إلى تحفيز حقيقي للأسواق المحلية، وبالتالي يسهم في تحريك العجلة الاقتصادية.
فكرة إنشاء عاصمة جديدة ليست بالفكرة الحديثة، ففي العام 2017 أعلنت حكومة الدكتور هاني الملقي عن مخطط لإنشاء عاصمة جديدة، وهي فكرة لم تتمكن الحكومة حينها من ترويجها وإقناع الناس بها. وحين جاءت حكومة عمر الرزاز لم تتعامل مع تلك الفكرة، وتركتها للموت. الخصاونة جدد أمس الحديث عن دراسة إقامة مدينة إدارية جديدة تخضع الآن لمنطق دراسات الجدوى، لذلك لا أعتقد أن الحكومة الحالية تغامر بتكرار الخطيئة نفسها والإعلان عن مشروع “في الهواء”، لذلك عليها الإعلان عن جميع التفاصيل بخصوص هذا المشروع، نظرا لأهميته القصوى. إذا ما تحقق هذا المشروع فقد “غفر للخصاونة ما تقدم من ذنبه”.
الخصاونة، وفي سياق حديثه، كشف عما اعتبرها “منهجية جديدة”، قال إنها لا تقبل التعثر في المشاريع، وفي ذلك لغة تشتمل على التحدي والثقة بما يفعل الرجل، مشيرا في ذات الإطار إلى أن الحكومة ستستأنف العمل بعدد من المشاريع الكبرى المتعثرة. كل الأردنيين يبحثون عن هذه المنهجية ويؤيدونها، لكن المطلوب من الرئيس أن يضع بين يدي الناس خطة واضحة المعالم بخصوص هذا التوجه الإيجابي، والذي من شأنه أن يبعث بروح التفاؤل، ويحيي الأمل من جديد.
يدرك رئيس الوزراء جيدا أن حديثه في المؤتمر الصحفي يسجل عليه كرئيس للسلطة التنفيذية، وأجزم بأنه يعلم جيدا خطورة عدم تنفيذه، فهو، كما أعتقد، ليس من الشخصيات التي تسعى لترويج أفكار هدفها إطالة عمر الحكومة، أو أن يقبل على نفسه أن يكون سببا في زيادة إحباط الناس وتشاؤمهم، لذلك لا بد أن يعلن تباعا عن أي تقدم يحققه في جميع الجوانب التي أشار إليها؛ سياسيا واقتصاديا وصحيا وزراعيا، وإداريا وعلى صعيد التكنولوجيا. إنها مسألة مهمة على صعيد المصداقية، وهو ما ننتظر من الخصاونة تنفيذه.الغد

التعليقات مغلقة.