صحيفة الكترونية اردنية شاملة

قوانين اقتصادية مهمة

قانون الاستثمار لن تكون معركته النقاشية بين الحكومة والنوّاب، بل ستسبق هذا معركة بين الوزراء أنفسهم الذين من المفترض ان تكون لكُلّ وزير المشاركة في القانون وتحمّل مسؤولية الاستثمار

رغم أن غالبية الحديث الدائر حول مجلس النوّاب ودوره المقبل يتجه نحو الإصلاح السياسي ومناقشة حزمة القوانين المنظمة لمخرجات المنظومة السياسيّة في المملكة من انتخاب وأحزاب وتعديلات دستوريّة وغيرها، إلا ان هناك في الأفق مجموعة قوانين اقتصاديّة في غاية من الأهمية، وهي لا تقل في أهميتها الإصلاحية عن حزمة التشريعات السياسيّة بين يدي النوّاب.
فمشروع قانون الموازنة سيكون بين يدي النوّاب، وهذا المشروع هو الأخطر والأهم من بين كل قوانين الدولة على الإطلاق بما فيها التشريعات السياسيّة، فقانون الدولة الماليّ هو الذي يحدد العلاقة والشكل الذي سيكون عليه أداء الحكومة بوزاراتها ومؤسساتها المختلفة ومدى قدرة الوزراء على الالتزام بتنفيذه خاصة في ظل معطيات تطورات ومستجدات وباء كورونا الذي ترك وما يزال يترك آثارا عميقة في الاقتصاد الوطنيّ، وهنا ستكون مهمة المشاركة هذه المرّة في تحمّل المسؤولية في إدارة المال العام، والتدقيق الرقابي والوقائي معاً تجاه سلوكيات الإنفاق الحكومي والتعامل مع آليات التنفيذ للوصول إلى الأهداف الكلية المقدّرة في قانون الموازنة العامة، والخروج من إطار المراقبة التقليدية لخطة الدولة الماليّة إلى سلوكيات عمل فعلية ومباشرة على أداء الحكومة بشكل دوري.
مشروع قانون جديد للاستثمار سيكون على جدول أعمال الدورة العادية الحالية، ويهدف إلى تسهيل بيئة الاعمال للمستثمرين من خلال تبسيط الإجراءات وتحديد مسارات الحوافز والتسهيلات لهم بإطار مؤسسي واضح.
قانون الاستثمار لن تكون معركته النقاشية بين الحكومة والنوّاب، بل ستسبق هذا معركة بين الوزراء أنفسهم الذين من المفترض ان تكون لكُلّ وزير المشاركة في القانون وتحمّل مسؤولية الاستثمار، فالأخير ليس مناطاً بوزير بعينه، بل ان مجلس الوزراء مطلوب منه ان يكون على توافق تام في مخرجات مشروع القانون الجديد للاستثمار، فكل الوزارات معنية بالعمليّة الاستثماريّة من معاملات المستثمرين وتبسيط إجراءاتهم، وإلا عدنا الى المربع الأول، فالقانون الحالي للاستثمار ليس بذلك السوء او التعقيد بقدر سوء في التنفيذ من قبل الجهاز الإداري في مختلف الوزارات، فأفضل قانون لا يمكن ان ينفذ بشكله الصحيح في ظل أدوات تنفيذية غير قادرة على فهمه وتنفيذه ضمن رؤية واضحة منسجمة مع أهداف كلية للاقتصاد الوطنيّ.
الضريبة ستكون هي الأخرى على جدول أعمال النوّاب، وهذه المرّة ليس بقانون الضريبة بقدر ما هو استمرارية لعملية الإصلاح الضريبي التي بدأ تنفيذها في مطلع عام 2019، والتي حققت نتائج كبيرة في مسألة توسيع قاعدة المكلفين ومكافحة التهرّب الضريبي، انعكست مباشرة على التحصيلات الضريبيّة والتي وصلت لأهدافها المقدرة في قانون الموازنة للمرة الأولى في تاريخها، لكن عملية الإصلاح الضرييي ما تزال في بدايتها، فما تزال التشوّهات موجودة في الكثير من الإجراءات والسلوكيات الرسمية التي تتعامل مع القطاع الخاص، إضافة الى ان الشكل الاقتصاديّ المعمول به في بعض أجزاء من القطاع العام لم يساعد في الإصلاح الضريبي وما يزال يشكّل بؤرة مزعجة لراسم السياسة الماليّة خاصة في مسألة التهرّب الضريبي، لذلك سيكون هناك جدل جديد على قانون العقبة وتوحيد المرجعية الضريبيّة التي جمد قانونها في الدورة السابقة نتيجة أيد خفية ليس لها مصلحة في توحيد الاجراءات الضريبيّة في المملكة، بغرض الاستفادة من الثغرات القانونية والاجرائية الحالية في مسألة التهريب الجمركي والضريبي الذي ما يزال يشكّل خللا كبيرا في النظام المالي الاقتصاد الوطنيّ.
حزمة القوانين الاقتصاديّة المقبلة على النوّاب لا تقل في أهميتها وخطورتها على الإصلاح عن حزمة مشاريع القوانين السياسيّة ان لم تكن الأهم، فهي تصب بالأمن المعيشي للمواطنين وبيئة الأعمال وإيرادات الخزينة، وهو ما يستوجب من السادة النوّاب التركيز النوعي هذه المرّة في النقاش الاقتصاديّ لمشاريع القوانين المقبلة عليهم.

التعليقات مغلقة.