صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الزراعة الذكية الحل الأردني الأمثل

الواقع الزراعي في الأردن يحتاج إلى دراسة شاملة وتبني خطط وإستراتيجيات حديثة ومتطورة

وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة يُتوقع أن يصل عدد سكان العالم إلى 8.5 مليار في عام 2030، وأن يزيد بعد ذلك إلى 9.7 مليار نسمة مع حلول عام 2050. وهو ما يعد مؤشراً خطيراً للتحديات المستقبلية التي قد يشهدها العالم والتي من ضمنها مشكلات الجوع وسوء التغذية التي سيعاني منها سكان الأرض، حيث بيّنت هيئة الأمم المتحدة للغذاء والزراعة العالمية (UNFAO) بأن العالم يحتاج إلى زيادة الإنتاج الزراعي بنسبة 70% لإطعام العالم عام 2050 وذلك نتيجة لانخفاض نسبة المساحات الزراعية وقلة المياه والعمالة المهتمة بالعمل بالقطاعات الزراعية مما زاد من انحسار نسبة الإنتاج وبشكل كبير.
وفي ظل هذه الظروف والتحديات فقد برزت أهمية قيام الحكومات حول العالم بالتركيز على استخدام التكنولوجيا الحديثة التي توفر حلولاً بديلة وتخفض حدة العوامل المؤثرة سلباً على القطاعات الزراعية العالمية، وهو ما أكدته المسوحات الاقتصادية التي قامت بها المؤسسة البحثية (BI Intelligence) بأن سوق الحلول التكنولوجية الزراعية (Smart Agriculture) سوف يزيد بنسبة 20% سنوياً ويتوقع أن يبلغ (15.3) مليار دولار في عام 2025.

ونحن هنا في الأردن وبقدر ما يتعلق الأمر بالواقع الزراعي الأردني فلا بد من الاعتراف بأننا نعاني بشكل كبير من ضغوطات شح المياه، حيث تم تصنيف الأردن من أفقر أربع دول في العالم في المياه والتي يذهب جزء كبير منها للري بنسبة 55% وهي نسبة كبيرة جداً، ناهيك عن الكلف العالية لليد العاملة وغيرها من التحديات مما يدفعنا لدق ناقوس الخطر وضرورة البحث عن حلول بديلة وبالسرعة الممكنة، علماً بأن مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي لا يتجاوز 4% فقط.
أكاد أجزم بأن استخدام تكنولوجيا انترنت الأشياء في الزراعة الذكية يعتبر من أهم الأمور التي يجب أن يتم أخذها بعين الاعتبار في الوقت الحالي، لما تقدمه من حلول وتسهيلات في عمليات الري والتسميد على سبيل المثال، بالإضافة إلى إمكانية استخدامها في معالجة الوبائيات وتقليل كلف الإنتاج من خلال اتمتة عمليات الإنتاج وتقليل المخاطر وزيادة الإنتاج بالإضافة إلى قدرتها على جمع المعلومات من خلال المجسات للاستفادة منها في زيادة جودة العمليات الزراعية ، حيث توفر التكنولوجيا مجسات (متعددة) مثل مجسات قياس الرطوبة والحرارة والري وجودة التربة، كما توفر قياس معاملات الطقس، وإدارة قطعان الحيوانات، بالإضافة إلى استخدامات الذكاء الصناعي في إدارة العمليات في المنظومة الزراعية، كذلك استخدام تكنولوجيا الطائرات المسيرة لتفعيل عملية المراقبة واستخدامها في رش المزروعات. وقد أثبتت التجارب المحدودة الموجودة الان في المملكة نجاح استخدام هذه التكنولوجيا، فمثلاً هنالك مشروع في شمال الأردن استطاع توفير 30% من المياه في (Green House)، و70% من مياه الري في المناطق المكشوفة، وذكرت معلومات المشروع في وسط المملكة بأن التكنولوجيا وفرت 80% من مياه الري في الزراعة المكشوفة والتي تسمح بالري في الليل والأوقات قليلة التبخر، وبذلك نستنتج بأننا باستخدام التكنولوجيا سوف يمكننا من زرع أضعاف المساحات من المناطق الخالية واستخدام أمثل للمياه وتقليل الكلف وزياده الانتاج مما يزيد من مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي.
إن الواقع الزراعي في الأردن يحتاج إلى دراسة شاملة وتبني خطط وإستراتيجيات حديثة ومتطورة يكون استخدام التكنولوجيا محورها الرئيسي لتقليل الضغط على مصادر المياه وحصاد نتاج استخدامات التكنولوجيا وبذلك تتحقق رؤى جلالة الملك بقطاع زراعي فاعل يضع الأردن على قائمة الإنتاج الضخم المنافس، مستفيدين من التنوع المناخي وجميع إيجابيات التكنولوجيا لنتمكن من معالجة المشاكل والتحديات وتجاوزها وذلك تنفيذاً للتوجيهات الملكية التي طالما شدد عليها جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله وأكد فيها ضرورة اعتبار القطاع الزراعي ركيزة أساسية لدعم الناتج القومي المحلي.

التعليقات مغلقة.