صحيفة الكترونية اردنية شاملة

منتدون يضيئون جوانب من دور لبنان في الثقافة العربية والحداثة

لقاء لمنتدى الفكر العربي بالأردن حاضرت فيه الباحثة والإعلامية اللبنانية ماجدة داغر

داغر: لبنان قدم نماذج حضارية ودوراً مهماً في الحفاظ على الإرث الثقافي ومكونات الهوية واللغة العربية

د.أبو حمّور: التنوع الثقافي والديني في لبنان أغنى نسيجه الحضاري وجعله نموذجاً للعيش المشترك والتسامح

الزغبي: دور الإعلام الرائد في نشر الثقافة في لبنان قائم على تفاعل طبيعة لبنان الجغرافية ورابطة الحبر والدم

عبيدو باشا: المسرح والموسيقى في لبنان قاما على المُنجز الشخصي والشخصية اللبنانية الحرة والمبدعة

بختي: لبنان شهد تاريخاً مميزاً ومضيئاً في النشر والنهضة الأدبية إمتداداً لدوره في الحركة الثقافية العربية

الخنسا: معرض بيروت العربي الدولي للكتاب شاهد على كيان لبنان الحضاري الشامخ ومعلَم يفخر به لبنان

د.الموسوي:حرية الصحافة رافقها التنوع الديني والثقافي في لبنان والانتقال إلى الآفاق الإنسانية

عقد منتدى الفكر العربي، لقاءً حوارياً عبر تقنية الاتصال المرئي، حاضرت فيه الباحثة والإعلامية والأكاديمية الشاعرة الأستاذة ماجدة داغر تحت عنوان ” الوطن الأيقونة: لبنان بين التراث والحداثة والإشعاع الفكري الحضاري”، وشارك بالمداخلات في هذا اللقاء الذي أداره الوزير الأسبق والأمين العام للمنتدى د. محمد أبو حمّور، كل من: الكاتب والإعلامي والباحث المحامي الأستاذ الياس الزغبي، والمسرحي والناقد والباحث ومدير مهرجان المسرح الوطني في لبنان الأستاذ عبيدو باشا، والأديب والباحث والناشر صاحب دار نلسون اللبناني الأستاذ سليمان بختي، والروائية والأديبة اللبنانية وأمينة سر النادي الثقافي العربي الذي ينظم معرض بيروت العربي الدولي للكتاب الأستاذة نرمين الخنسا، والكاتب والإعلامي العراقي والأمين العام للمجلس الدولي للحوار الديني والإنساني من النروج د.علي الموسوي.

أوضَحت المُحاضِرة الأستاذة ماجدة داغر أن للبنان دوراً رائداً في الشرق، وأنه بوابة الثقافات والنهضة والتنوير، والحرية والانفتاح، والصحافة والفنون والثقافة، وكان دوره هذا أقوى من محاولات حاربت التقدم والجمال والازدهار فيه؛ مشيرةً إلى أن غنى أرض لبنان وتعدد مواردها الطبيعية والإنسانية وثرائها التاريخي عبر أكثر من سبعة آلاف عام، والتقدم الذي وصلَ إليه تاريخياً كان نتيجةً لتميز شعبه وحلمه بتحقيق المستحيل مستعيناً بمقدرات الوطن.

تناول المتداخلون دور لبنان الريادي في الصحافة والإعلام، والمسرح والموسيقى والفن، والنشر ودوره في النهضة الأدبية والثقافية العربية، وأهمية معرض بيروت العربي الدولي للكتاب في التعبير عن الحركة الثقافية والوحدة الاجتماعية والوطنية اللبنانية.

وأشار المتداخلون إلى دور لبنان في الحوار الديني والإنساني والتنوع والتعددية ، والانفتاح على العالم شرقاً وغرباً، والأسباب المؤدية إلى النهضة الفكرية والفنية والثقافية في لبنان، وسبل استعادة فاعليته الثقافية والحضارية .

التفاصيل:

أوضحت الإعلامية والباحثة الأكاديمية والشاعرة الأستاذة ماجدة داغر أن لبنان قدم نماذج حضارية متعددة أبهرت العالم عبر التاريخ، وأن كل مرحلة تاريخية مر بها كان لها طابعها وبصمتها المميزين، مما جعل منه قِبلة للأدباء والمستشرقين والعلماء والمفكرين، وقد أصبح لبنان خلال القرن العشرين من البلدان النموذجية في العالم على مستوى الثقافة والفنون والسياحة والقطاعات المصرفية والتربوية والطبية، رغم ما مر به من نزاعات وصراعات وتأثيرات إقليمية بسبب موقعه الاستثنائي والاستراتيجي والذي كان أحد أسباب تنوعه الثقافي.

وأضافت داغر أن لبنان أدى دوراً مهماً في النهضة الفكرية العربية وتطورها، وذلك من خلال الاتصال بالغرب والإرساليات الأجنبية التي قدمت إليه، ووجود بنية تحتية ثقافية سابقة فيه، عدا انفتاحه على أوروبا وتمتعه بأجواء الحرية، مما جعل منه أغنى مناطق الشرق العربي بالمدارس والمعاهد والجامعات منذ القرن التاسع عشر، فقد أنشأت البعثات الأميركية “الكلية البروتستانتية” في بيروت عام 1866 التي تحولت إلى الجامعة الأميركية عام 1922، كما وُجِدت المطابع في وقت مبكر مما ساهم في تنشيط الحركة العلمية والثقافية، فغدا لبنان رائداً وجاذباً للمثقفين والشعراء والفلاسفة والأدباء الكبار من العرب والأجانب.

وبيَّنت داغر أن للبنان دوره المهم في الإسهام بالحفاظ على الإرث الثقافي في العصر الحديث والذي يسهم بدوره في إبقاء الموروثات الأخرى المتفرعة منه حيَّة فاعلة، ويتمثل هذا الإرث العظيم باللغة العربية ولا سيما من خلال السعي المستمر للحفاظ عليها وتعليمها والتفوق فيها لمواجهة ما تعرضت له الهوية والثقافة واللغة العربية من محاولات تغييب وتتريك في أواخر القرن التاسع عشر ومطالع القرن العشرين، مشيرةً إلى أن أول معلم للغة العربية في لبنان هو الشيخ ناصيف اليازجي (1800-1871م).

وأشارت داغر إلى أن الصحافة في لبنان تولت الدفاع عن كيان لبنان واستقلاليته وحريته، والدفاع عن القومية العربية والحركة الاستقلالية والنضال ضد المحتل والمستعمر، فكانت صحافة عربية على نطاق شعبي واسع، وتعد بيروت المدينة العربية الأولى التي احتضنت صحيفة وطنية مستقلة عام 1858 عندما أسس خليل الخوري صحيفة “حديقة الأخبار”، وفي جبل لبنان تأسست أول المطابع في الشرق العربي وهي مطبعة دير قزحيا التي نشرت عام 1610م كتاب “المزامير” باللغة السريانية، كما نشرت مطبعة دير مار يوحنا بقرية الخنشارة أول كتاب باللغة العربية يطبع في الشرق تحت عنوان “ميزان الزمان” عام 1734م.

وأشار د.محمد أبو حمّور إلى أن رئيس منتدى الفكر العربي وراعيه سمو الأمير الحسن بن طلال أكد في عدة مناسبات دور لبنان الحضاري، ووصف بيروت في كلمته الافتتاحية لمؤتمر المواطنة في المجال العربي: الإشكالية والحل” (عمّان 10-11/8/2020) بأنها منارة الشرق وبوابته ومنارة العرب وملاذ كل مضطهد ومظلوم، وهي التاريخ والحضارة ومن ينابيع الفكر القانوني والفكر الإنساني في القضايا الكبرى. وأضاف د. أبو حمور : لطالما تميز تاريخ لبنان بتعدد الحضارات التي مرَّت خلال عصوره، وأنه قدم للعالم أقدم أبجدية عرفها التاريخ وهي الأبجدية الفينيقية، مشيراً إلى أن التنوع الثقافي والديني الذي يتمتع به لبنان أغنى نسيجه الحضاري والثقافي وجعله نموذجاً عربياً للعيش المشترك والتسامح والمحبة.

وبدوره أكد د.محمد أبو حمّور الأهمية الخاصة التي يتمتع بها لبنان في الوطن العربي ودوره في النهضة العربية، وقال : إن الأردن ولبنان يرتبطان بعلاقات تاريخية متميزة ومتينة، مشيراً إلى أن الموقف الأردني الشعبي والرسمي دوماً مع تعزيز الاستقرار في لبنان والحفاظ على سيادة الدولة اللبنانية ووحدة لبنان وشعبه، وموضحاً بأن البلدين يتشابهان في بعض جوانب الواقع الاقتصادي لدى كل منهما ولا سيما في ما يتعلق بنسب حوالات المغتربين ودورها على صعيد الاقتصاد الوطني، كما أنهما من أكبر البلدان في العالم من حيث نسبة اللاجئين مقارنةً مع عدد المواطنين.

وقال المحامي اللبناني الأستاذ الياس الزغبي: إن الصحافة والإعلام في لبنان كانا ضرورة ملحة لتنشيط حركة النشر ومواكبة النهضة العربية في القرن التاسع عشر، كما أنهما كانا وسيلة للشعب اللبناني للنهوض بأشكاله كافة، وأن دور الصحافة والإعلام الرائد في نشر الثقافة والحضارة في لبنان قام على تفاعل طبيعة لبنان الجغرافية والبشرية والعيش المشترك في حالة الانفتاح على العالم التي يمر لبنان، ورابطة الحبر والدم، التي ميّزته في الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان، ذلك أن الصحافة قدمت العديد من الإعلاميين والصحفيين وأصحاب الرأي والأدباء كشهداء، مؤكداً بأن لبنان سيظل صامداً على الرغم مما يعصف به من أزمات وصعوبات، وأنه سيبقى طالما بقيت الصحافة والكلمة فهما أساس التنوير والثقافة فيه.

وأشار المسرحي والناقد الأستاذ عبيدو باشا إلى أن الشخصية اللبنانية تتسم بأنها حرّة وبعيدة عن السلطة المركزية، وقد صنعت العديد من الأحداث المهمة والمفصلية في تاريخ الدولة، مؤكداً أن ما يميز لبنان تعرضه إلى صراعات وأزمات عديدة منذ نشأته إلى اليوم ساهمت في تشكيل هويته الثقافية والحضارية . كما أشار إلى دور الدولة العثمانية في تعزيز جوانب من الثقافة وحمايتها وتطورها في لبنان، من خلال إقامة أول مسرح في الوطن العربي في لبنان، مؤكداً أن المسرح والموسيقى في لبنان قاما على المُنجز الشخصي والشخصية الوطنية اللبنانية الحرة، مما كان له الأثر الأكبر في الإبداع والانفتاح على أسماء كبيرة عالمياً ذات علاقة بالمسرح والموسيقى.

وقال الأديب والناشر الأستاذ سليمان بختي: إن لبنان شهد تاريخاً مميزاً ومضيئاً في مجالات النشر والنهضة الأدبية، وهذا امتداد لدوره في حركة التعليم والثقافة والفنون، مشيراً إلى قيام لبنان بدور أساسي في الحفاظ على اللغة العربية والثقافة والإرث العربي، كما أكد ضرورة الاستمرار في الحفاظ على الروافد التي صنعت الإرث الثقافي في لبنان، والحفاظ عليها وتطويرها والعمل على تحويل الإبداع والفكرة إلى نهضة، موضحاً الأثر الكبير للعقول الثقافية المهاجرة، والبحث عن سبل الخروج من تداعيات انهيار الاقتصاد اللبناني وكذلك أثر جائحة كورونا على المناشط الثقافية العربية واللبنانية .

وأشارت الروائية وأمينة سر النادي الثقافي العربي الأستاذة نرمين الخنسا إلى أن معرض بيروت العربي الدولي للكتاب سيستأنف نشاطه هذا العام خلال الفترة 3-13 آذار (مارس) المقبل، بعد أن توقف حوالي ثلاثة أعوام نتيجة الأحداث التي مر بها لبنان، وليبقى الشاهد الدائم على كيان لبنان الحضاري الشامخ والقائم على الثقافة كأساس متين وراسخ للنهضة، موضحةً أن هذا المعرض أصبح رمزاً ومعلماً يفخر به لبنان وخاصة أنه أول معرض عربي للكتاب ويعد عميد معارض الكتاب العربية، وتتمثل فيه لقاءات مهمة تشكل وحدة اجتماعية ووطنية بمختلف تلاوينها الفكرية، وتهدف إلى دعم مصادر المعرفة والإطلاع وإبعاد عوامل التفرقة.

وبَيّن د.علي الموسوي دور لبنان في الحوار الديني والإنساني والتنوع والتعددية والانفتاح، مشيراً إلى أن التوهجات الفكرية والأدبية وحرية الصحافة التي رافقت هذا التنوع، أنتجت وعزَّزت العلاقات متعددة الأطراف، التي نقلت بدورها الحوار من البُعد اللاهوتي إلى آفاق الإنسان فرداً وجماعةً، مساهمةً في إيجاد نظام عالمي أكثر حرية وعدالة، وبلورة خيارات إنسانية أكثر عدلاً ومساواة، ومن هُنا يُعد لبنان أيقونة الشرق وأنموذجاً في الوسطية والاعتدال ورائداً في بناء دولة إنسانية.

التعليقات مغلقة.