صحيفة الكترونية اردنية شاملة

لتتميز الحكومة بهذا

هذه التفاهمات ستكون دافعة لمعرفة حقيقية لطبيعة المشاكل والتحديات التي يعاني منها القطاع الخاص والتي غالبيتها إدارية أكثر منها مالية

لا يمكن اعتبار برنامج أولويات عمل الحكومة الذي أقرته قبل أشهر قليلة إنجازاً لرئيس الوزراء وللفريق الوزاري، وسيذكره الشارع باعتباره عملاً مميزاً يسجل لها، فهذا عمل روتيني يومي لكل السادة الوزراء، وعلى مجلس النواب أن يتابع ويقيم ويراقب ما تعهدت به الحكومة.
كل الحكومات السابقة قامت بنفس ما قامت به حكومة بشر الخصاونة من خطط وسياسات تتضمن إجراءات عملها ووضعته على أولويات خطابها الإعلامي، فمنهم من وضع رؤية 2025، وأخرى وضعت خطة التحفيز، وبعدها شعارات دولة الإنتاج والنهضة، والآن أولويات العملية التنموية، وجميعها في النهاية اجتهادات حكومية كتب على غالبيتها الفشل لعدم استكمال تنفيذها لأسباب مختلفة، وقد ذهبت هذه الخطط برحيل حكوماتها، وأجزم شخصيا أنه لا أحد من الشارع، بمختلف مستوياته الفكرية والاجتماعية والاقتصادية، يتذكر هذه الحكومات بشيء إيجابي خلال مسيرة أعمالها، على العكس تماما، وذاكرة الأردنيين مليئة بالتراكمات السلبية عن تلك الحكومات ووزرائها.
حكومة الدكتور بشر الخصاونة في الميدان، وتحت المجهر في الرقابة عليها من مختلف الجهات، وهي تواجه تحديات كبيرة مثل غيرها من الحكومات، ولا يوجد لغاية اليوم في أعمالها شيء يميزها عن سابقاتها سواء في الاقتصاد أو السياسة أو غيرهما، فهي تعمل ضمن الروتين البيروقراطي اليومي للحكومات وتجتهد في متابعة القضايا والإجراءات مثل غيرها من الحكومات، حتى حالة التنمر عليها فهي مثل غيرها وقد تكون أقل مما واجهته حكومات سابقة بكثير، لكن المهم في الأمر أن الحكومة لأنها ما تزال تعمل فهي تمتلك فرصة كبيرة لأن تتميز عن سابقاتها، ويذكرها الشارع على الدوام بأنها أحدثت فرقا تنمويا واضحا في مجال محدد وواضح.
لا يوجد شيء يقلق أمن واستقرار المجتمع ويشكل خطرا حقيقيا ويلقي بظلال قاتمة عليه مثل ما تشكله البطالة من كابوس حقيقي يقترب شيئا فشيئا من زعزعة المجتمع وتهديد أمنه.
حكومة الخصاونة لم تتميز بهذا، ولا أن يكون عنوان عملها الرئيس هو مواجهة البطالة وخلق فرص عمل جديدة لتشغيل الأردنيين، وهذا لا يمنع من استمرار العمل ببرامج الأولويات أو غيره من الخطط والسياسات في مختلف وزارات الدولة وهيئاتها المختلفة، لكن الحكومة بحاجة الى عنوان واضح تتسم فيه يتناسب مع تحديات المرحلة، ولا يوجد تحد أكبر من البطالة وتداعياتها المستقبلية الوخيمة.
البطالة ليست مجرد هدف لوزارة تعمل على مواجهته وتحديد نسبه وغير ذلك من الأمور، بل هي أولوية قصوى لكل الحكومة بوزاراتها ووزرائها، فالكل مطلوب منه أن ينصهر ضمن رؤية واستراتيجية وطنية لخلق فرص عمل للحد من تداعيات كابوس البطالة المتنامي.
هذا العمل يجب أن ينبثق من خلال تبني الحكومة مشروعا استراتيجيا بالشراكة مع القطاع الخاص، تصل فيه الى تفاهمات مباشرة معه حول الأسباب التي تمكنه من التوسع في أنشطته وإقامة مشاريع جديدة، وبالتالي عدم القدرة على التوظيف الجديد.
هذا الأمر يتطلب إنشاء خلية عمل وزارية للاتصال مع القطاع الخاص للخروج بتفاهمات التشغيل، ومن بعد ذلك، اتخاذ إجراءات فورية لإزالة العقبات كافة التي تحول دون تنمية أعمال القطاع الخاص وزيادة قدرته التوظيفية.
هذه التفاهمات ستكون دافعة لمعرفة حقيقية لطبيعة المشاكل والتحديات التي يعاني منها القطاع الخاص والتي غالبيتها إدارية أكثر منها مالية، وبناء على ذلك يتم التحرك بعمق لإجراء عملية جراحية عميقة في معظم القوانين والأنظمة والتعليمات لتحفيز بيئة الأعمال المحلية، حينها ستلمس الحكومة حركة تشغيلية عالية المستوى، سيكون لها آثار إيجابية مهمة في تخفيض معدلات البطالة على المدى القصير، بعدها تنتقل الحكومة لمرحلة أخرى على مستوى قانون الاستثمار والعمل والتدريب والتأهيل، حينها ستخرج حكومة الخصاونة بتميز واضح، وعنوان رئيسي لأنها تصدت لمشكلة البطالة ونجحت بالحد من تفاقم تطوراتها السلبية، وسيذكرها الجميع بأنها تصدت لأكبر تحد في المملكة وهو البطالة، فهل تنجح الحكومة في ذلك؟.

التعليقات مغلقة.