صحيفة الكترونية اردنية شاملة

مواطن الضعف والقوة في الاقتصاد

الأردن بأمس الحاجة الى إعادة الاعتبار الداخلي له من خلال تعزيز العمل المؤسسي المبرمج على معايير التقييم والعدالة والمحاسبة، وإعادة النهوض بمخرجات التعليم وتحسين الخدمات العامة وتعزيز ضوابط النزاهة والشفافية والحاكمية في سلوك القطاع العام، والانفتاح المنضبط والمسؤول والمبني على الشراكة تجاه القطاع الخاص والمستثمرين

صحيح ان الاقتصاد الوطني يعاني من تشوهات مزمنة منذ عقود تشكل تحديا حقيقيا له في تحقيق نمو مستدام، لكنه في ذات الوقت يملك فرصا واعدة يمكن البناء عليها وتعظيم الإنجاز ان أحسن التوظيف الرشيد لها.
التحديات المزمنة في الاقتصاد تتمثل أساسا في نموّ المديونية والتي باتت تشكّل (114 %) من الناتج المحلي الإجمالي، وارتفاع معدّلات البطالة (23.2 %)، وزيادة نسب الفقر (28 %)، مصحوبا بارتفاع عجز الموازنة الكلية المجمعة (2.356 مليار دينار)، وتباطؤ معدّلات النموّ الاقتصادي خلال السنوات العشر الماضية بحدود الـ(2 %).
بالمقابل يمتلك الاقتصاد الأردنيّ أرضية انطلاق واعدة لا يمكن الاستهانة بها أو التقليل من شأنها، فالأردن يتمتع بسياسة نقدية رشيدة وحصيفة ومستقرة بشهادة أكبر المؤسسات الدوليّة، ولديه احد أبرز الأجهزة المصرفية في المنطقة، ويتمتع بأعلى درجات الحوكمة والشفافية، وفي أكثر الأوقات صعوبة كـ “كورونا” وما رافقها من إغلاقات، مارست البنوك بقيادة البنك المركزيّ عملها بشكل طبيعي وثابت ومتألق في كافة أعمالها دون أي تأثر بالأحداث.
الأردن يتمتع بأكبر منافذ تصديرية في المنطقة بفضل حزمة اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعها خلال العقدين الماضيين كاتفاقية التجارة الحرة مع أميركا والدول العربية وغيرها مما جعل الصادرات الأردنيّة تدخل إلى 132 سوقا عالميّاً.
الأردن يمتلك طاقة هائلة في أعمال الريادة وتكنولوجيا المعلومات، وهناك قصص نجاح على المستوى العالمي في هذا الخصوص، وطاقات شبابية إبداعية مذهلة في حال تقديم الدعم لها.
في الأردن دولة قانون ومؤسسات، ويستطيع أي مستثمر محلي أو اجنبي ان يمارس أعماله وأنشطته بكل حرية، لا بل يستطيع ان يقاضي الحكومة إذا ارتكبت أي مخالفة أو توجه مخالف للقانون، وهناك أمثلة واضحة على ذلك أبرزها: عندما رفع رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس دعوى قضائية على هيئة الاتصالات الأردنية في قضية عرفت باسم الخانة السابعة للأرقام الخلوية، طبعا في الوقت الذي خسر كل استثماراته في إحدى دول الجوار.
لدى الأردن في السابق جهاز إداري عام كفؤ، ويتمتع بالتدريب والكفاءة التي جعلته لاعبا رئيسيا في الحركة التنمويّة في العديد من الدول، للأسف هذه أمر لم يعد الآن كما كان في السابق، فهناك تراجع وترهل ملحوظ أسبابه عديدة لا مجال لذكرها، وهذا يتطلب من الحكومة إصلاح القطاع العام وإعادة البريق والتألق له كما كان في الماضي، وهذا يحتاج الى معالجات جذرية عميقة وقرارات شجاعة.
الأردن يتمتع بشبكة علاقات غير مسبوقة على مستوى العالم، وهو حليف أساسي في المجتمع الدولي، وللقيادة الهاشمية حضور ودور فاعل في تشكيل المشهد الإقليمي والعالمي بشكل كبير أكثر مما يتصوره الكثير، ويفوق أصلا حجم الأردن مقارنة مع ما تتمتع به دول أخرى اكثر ثراء واكبر مساحة.
الأردن بأمس الحاجة الى إعادة الاعتبار الداخلي له من خلال تعزيز العمل المؤسسي المبرمج على معايير التقييم والعدالة والمحاسبة، وإعادة النهوض بمخرجات التعليم وتحسين الخدمات العامة وتعزيز ضوابط النزاهة والشفافية والحاكمية في سلوك القطاع العام، والانفتاح المنضبط والمسؤول والمبني على الشراكة تجاه القطاع الخاص والمستثمرين، دون ذلك سيبقى الاقتصاد الوطني أسيراً لتقلبات وأمزجة التعاطي الرسمي غير المسؤول، وسيبقى الوضع يراوح مكانه.

التعليقات مغلقة.