صحيفة الكترونية اردنية شاملة

ورشات اقتصادية في الديوان

إشراف الديوان الملكي على إعداد ورشات عمل القطاع الخاص ضمن قطاعات محددة، هدفه الأساسي الخروج بتفاهمات واضحة ومحددة للمشاكل، ومن ثم الحلول المقترحة للنهوض بالقطاعات ضمن خطة عمل محددة بإطار زمني وأهداف واضحة تكون عابرة للحكومات ومجلس النوّاب التي ستكون وظيفتهم محصورة في التنفيذ وليس في النقاش او تبادل الآراء

قد يتساءل البعض، لماذا يكون انعقاد الورشات الاقتصاديّة التي أعلن عنها الملك في رسالته الأخيرة للشعب في الديوان الملكي وليس في جهة حكومية ما؟
‎البعض يرى ان في ذلك تدخلاً مباشراً من الديوان الملكي في المشهد الاقتصاديّ، متجاوزاً بذلك الحكومة صاحبة الولاية التنفيذيّة في إدارة الاقتصاد.
‎نظريّاً قد يبدو ذلك صحيحاً، لكن فعليّاً، هذه الحكومة وقبلها من الحكومات أضاعوا الفرصة الحقيقية لإدارة الاقتصاد بكل حريتها وبكامل صلاحيتها التي أنيطت بها بحكم الدستور، وللأسف كانت المحصلة النهائية لسياساتها وإجراءاتها مزيدا من العزلة بينها وبين القطاع الخاص، وتراجع حاد في ثقة المواطنين تجاهها، والأكثر خطورة هو ان المؤشرات الاقتصاديّة هي الأخرى في تراجع من عام لآخر.
‎هذه الحكومة وسابقاتها امتلكت الصلاحيات الكاملة في إدارة الشؤون الاقتصاديّة، لا بل ان معظم التوجيه الملكي لهم في كتب التكليف السامية كانت باتجاه الأوضاع الاقتصاديّة وتحسين معيشة المواطنين وتعزيز الاستثمار والنهوض بكافة الخدمات المقدمة لكافة القطاعات، لكن ومع كل ذلك كانت “الرياح تسير بما لا تشتهي السفن”.
‎فشعار الشراكة مع القطاع الخاص بقي شعاراً عند معظم الحكومات الأخيرة، إعلانات مكثفة بلا نتائج فعلية، ولقاءات أشبه ما تكون بـ”حوار الطرشان”، والعلاقة بينهما سطحية وغائبة في عمقها الحقيقي نحو الإصلاح والتنمية، لا بل ان تطور المشهد بينهما وصل الى حد تبادل الاتهامات بأن هناك تقصيرا من كل طرف تجاه تحمّل مسؤولياته الاقتصاديّة والتنموية.
‎هناك أخذت الفجوة بالاتساع بين القطاعين، وبدأ الحوار بينهما بلا جدوى في كثير من جوانبه، ولغة التفاهم بينهما شبه معدومة، خاصة وأن غالبية مشاكل القطاع الخاص هي مشاكل إدارية بحتة، أي ان القطاع الخاص يطالب بإصلاح القطاع العام وتطوير عمل المؤسسات الرسميّة التي تتعامل معه والتي باتت اليوم عقبة حقيقية في تحسين بيئة الأعمال باعتراف حتى الحكومة نفسها بأن القطاع العام لا يقوم بالدور الحقيقي والرشيد المطلوب منه تجاه القطاع الخاص، خاصة في إزالة العقبات التي تحول دون توسعة أعماله وتبسيط الإجراءات امام معاملاته.
الفشل الرسميّ في التعامل مع مشاكل القطاع الخاص والتعاطي غير الإيجابي مع متطلبات تحفيزه ومشاكله والتحديات التي تحيط بأنشطته دفعت الديوان الملكي للتدخل الإيجابي لمعالجة حالة الجمود في المشهد الاقتصاديّ، والدفع بإيجاد حلول ضمن حزم تحفيزية محددة، تتضمن معالجات عميقة وجريئة للنهوض بالقطاع الخاص وتعزيز قدرته الاستثماريّة والتشغيليّة في آن واحد.
إشراف الديوان الملكي على إعداد ورشات عمل القطاع الخاص ضمن قطاعات محددة، هدفه الأساسي الخروج بتفاهمات واضحة ومحددة للمشاكل، ومن ثم الحلول المقترحة للنهوض بالقطاعات ضمن خطة عمل محددة بإطار زمني وأهداف واضحة تكون عابرة للحكومات ومجلس النوّاب التي ستكون وظيفتهم محصورة في التنفيذ وليس في النقاش او تبادل الآراء، فالوضع الراهن بتحدياته الاقتصاديّة المختلفة لا يؤشر الى أي حوارات جديدة مع الحكومة او غيرها، فالحكومة ستشارك بشكل اعتيادي في تلك الورشات الاقتصادية مثلها مثل اي مشارك، وستكون مخرجاتها ملزمة لها من حيث تعديل القوانين والأنظمة والتعليمات، فلا وقت امام الاقتصاد الأردنيّ اليوم سوى الانخراط المباشر في المعالجات التحفيزية للقطاعات الاقتصاديّة والانتقامية لتأهيلها لتكون أكثر قدرة على الاستمرار في الإنتاج، ومن ثم زيادة فعالياتها الاستثماريّة وبالتالي النهوض بقدرتها التشغيليّة، وبالتالي العودة التصحيحية لمسار الإنتاج والعمل واستقطاب الاستثمار خارج الصندوق هذه المرّة، مدعوما بقوة الديوان الملكي ويده على مؤسسات الدولة من خلال توظيف هذه السلطة للإسراع فيما هو مطلوب اقتصاديّاً.

التعليقات مغلقة.