صحيفة الكترونية اردنية شاملة

حراك اقتصادي

مخرجات اللجان الاقتصاديّة لن تكون الحل الأخير لتحفيز الاقتصاد، لكنها خطوة متقدمة في حال تنفيذها ووضعها باتجاه الاقتصاد الوطني على الطريق الصحيح، فالتنفيذ والمتابعة المؤسسية كفيل بتعزيز الروح الإيجابية والمسؤولية في إدارة الاقتصاد لدى الجميع.

الحوارات التي تدور داخل الورش الاقتصاديّة في الديوان الملكي والتي ستستمر اجتماعاتها لأكثر من شهر، هو نتاج حوار بين معنيين وأصحاب علاقة في القطاعات الاقتصاديّة التي تحظى بأهمية عالية في الاقتصاد الوطنيّ، ولها قيمة مضافة كبيرة في حال معرفة كيفية تحفيزها.
هذا الحراك الاقتصاديّ له دلالات مهمة في الاقتصاد الوطنيّ، ويبعث قبل أي تحرك تنفيذي للمخرجات أو إجراءات بانطباعات إيجابية للغاية عن المملكة التي دخلت اليوم في مرحلة عصف ذهني اقتصاديّ بحت، كان غائبا لسنوات عن المشهد العام في المملكة، أدى إلى إحداث رتابة واستياء وتراجع في الكثير من القطاعات نتيجة غياب العمل المؤسسي والتخطيط الناجع.
أكبر مشكلة يواجهها الاقتصاد الأردنيّ في السنوات الماضية هي غياب الرؤية الاقتصاديّة الواضحة لدى الحكومات التي ما إن تأتي حكومة وتنسف ما قامت به سابقتها، على اعتبار أنه غير صحيح دون نقاش أو تفسير أو قياس علمي وعملي لما تم إنجازه.
هناك انقطاع رسمي واضح في تنفيذ البرامج التحفيزية للاقتصاد، وهو يشكل تحديا حقيقيا لنجاح أي خطة توضع من قبل الجهات المعنية، والتجارب العملية لما يحدث يتطلب اليوم وجود ضمانة للتنفيذ، وكانت الحكومات هي التي لا تلتزم بالتنفيذ المؤسسي والمتابعة، فإن الأمر يحتاج إلى ضمانة ملكية لتعزيز قدرة الحكومات على تنفيذ التوصيات بشكل مؤسسيّ عابر لها.
التدخل الملكي كفيل بإحداث وخلق انطباعات إيجابية كبيرة في المشهد الاقتصاديّ، تؤكد جدية الدولة في تنفيذ حزمة الإصلاحات الاقتصاديّة التي تأخر تنفيذها نتيجة التقاعدات الرسميّة في اتخاذ الخطوات الجريئة، ونتيجة الانسجام والتفاهمات بين أعضاء الحكومة الواحدة.
القطاعات الاقتصاديّة الإنتاجية التي تجلس اليوم في ورش الديوان الملكي يعكف ممثلوها على إخراج ما في جعبتهم من مشاكل وتحديات في قطاعاتهم تحول دون استمرارية أعمال بعضهم، أو التوسع الاستثماريّ فيها، مما شكل عائقا حقيقيا أمام قدرة القطاع الخاص في خلق المزيد من فرص العمل.
توصيات اللجان في ورش العمل الملكية هي نابعة من تفهم حقيقي وعملي لكيفية النهوض بهذه القطاعات التي تمتلك فرصا واعدة لإعادة فاعليتها الاقتصاديّة والتنمويّة.
مخرجات الورش تحتاج إلى خطوات تنفيذية مباشرة لعل أبرزها اتخاذ الخطوات الحقيقية في توفير المناخ الاقتصاديّ الملائم لبيئة الأعمال المحليّة، من خلال تبسيط الإجراءات أمام القطاع الخاص الذي قد تشكّل مشاكله الإدارية أكثر من 75 % من مجمل مطالباته، أي بعيدة عن أي أشكال الدعم والخزينة، بمعنى أنها غير مكلفة على الدولة، وهذا الأمر يحتاج إلى ثورة تصحيحية في الاحتراف والمعاملات التي يتعاطى بها القطاع الخاص يوميا مع أجهزة الدولة المختلفة.
أبرز ما قد يكون مفيدا للقطاع الخاص في المرحلة المقبلة تحديدا، وهو كيفية تعامل جهاز الدولة الإداري مع القوانين والأنظمة الناظمة لعمل القطاع الخاص، فأفضل قانون قد لا يرى النور إذا كان المنفذون له غير متفهمين لروحه وطبيعته، والعكس صحيح، فالممارسات التاريخية التي حدثت في السنوات الماضية كشفت عيوب الإدارة المحلية في فهم القوانين والتعليمات، الأمر الذي يتطلب اليوم العودة إلى التدريب الفني والعملي لطواقم القطاع العام على كيفية التعامل اليومي مع تلك القوانين وفق منطق الشراكة بين القطاعين.
مخرجات اللجان الاقتصاديّة لن تكون الحل الأخير لتحفيز الاقتصاد، لكنها خطوة متقدمة في حال تنفيذها ووضعها باتجاه الاقتصاد الوطني على الطريق الصحيح، فالتنفيذ والمتابعة المؤسسية كفيل بتعزيز الروح الإيجابية والمسؤولية في إدارة الاقتصاد لدى الجميع.

التعليقات مغلقة.