صحيفة الكترونية اردنية شاملة

جائحة جديدة

الكورونا وتداعياتها رغم قساوتها وآثارها السلبية العميقة على الاقتصاد الوطنيّ، الا انها أعادت مفهوم الاعتماد على الذات لواجهة المشهد الاقتصادي فيما يتعلق بالإنتاج الصناعي الذي نجحت بعض قطاعاته في كتابة قصص نجاح عالية المستوى سواء أكانت في الاسواق الداخلية او الخارجية معاً

ما ان خفت تداعيات جائحة كورونا وآثارها العميقة على الاقتصاد الوطنيّ حتى بدأت جائحة جديدة تلقي بظلالها على العالم من جديد وهي الحرب الروسية الاوكرانية.
آثار كورونا على الاقتصاد الأردنيّ باتت معروفة أبرزها التسبب المباشر في إحداث تراجع اقتصادي كبير وانعكاسه لأول مرة منذ العام 1998، بعد ان حقق نموّاً سالباً.
آثار كورونا ما تزال عميقة في الاقتصاد الوطنيّ رغم عودة غالبية القطاعات لعملها الطبيعي ضمن دورتها الاعتيادية، لكن هناك قطاعات ما تزال تترنح من كورونا وتداعياتها كالسياحة والنقل بأنواعه المختلفة، ولولا برامج الدعم الرسميّة التي قدمت لاستدامة عمل معظم القطاعات لكانت النتائج الاقتصاديّة الفعليّة التي تحققت على أرض الواقع خطيرة جدا خاصة في مسألة البطالة.
برامج الدعم الرسميّة للقطاعات كانت كفيلة بالحفاظ على استدامة أنشطة الشركات ومن أبرزها النوافذ التمويليّة التي استحدثها البنك المركزي لمختلف الشركات بفائدة مناسبة ساهمت في تلبية احتياجات بيئة الأعمال من التسهيلات الموجهة للأجور او حتى لمدخلات الإنتاج، إضافة إلى برامج استدامة للضمان التي دعمت مخصصات الرواتب لأكثر من 130 ألف عامل يعملون في مايقارب الـ7 آلاف شركة، وأخيرا التزام الحكومة بدفع الرواتب لكافة العاملين لديها رغم استمرار الحظر لأشهر كانت كفيلة هي الأخرى بالمحافظة على استقرار الأمن المعيشي للمواطنين.
تداعيات كورونا الاقتصاديّة ستستمر في ظل الحرب الروسية الاوكرانية، لا بل ستزيد من عمقها السلبي على الاقتصاد العالميّ، والاقتصاد الأردنيّ ليس بمعزل عن الآثار الاقتصاديّة لتلك الحرب عليه.
فالضغوطات ستتواصل على حركة الأسعار العالمية التي كانت قد شهدت ارتفاعات غير مسبوقة قبل اكثر من عام، وهي الآن ستحلق عاليا على كافة القطاعات السلعية تحديدا في الطاقة من الغذاء والشحن.
الحرب الحالية ستزيد الضغوطات الصناعيّة على الاقتصاد العالمي بكل نواحيها، والمملكة ستتأثر بتداعيات الحرب سلبيا حتى في السلع التي لا تستوردها من كلا الدولتين روسيا واوكرانيا، فضغوطات الحرب ستطال قطاعات اقتصادية عالمية، وسيشهد الاقتصاد الدولي حالة من الارتفاعات الكبيرة في معدلات التضخم التي ستنعكس بنيرانها للدول النامية والسلع المستوردة لاحتياجاتها مثل الأردن، الذي ليس أمامه سوى البحث عن مصادر بديلة قدر الإمكان للسلع التي تستورد من تلك الدول تحديدا، وبقية السلع سيتم استيرادها بأسعارها المرتفعة التي ما تزال كل التوقعات الرقابية تدلل على استمرار موجتها لأشهر عديدة.
الاقتصاد الأردنيّ مثل غيره من الاقتصاديات المستوردة الصغيرة التي تعتمد على الخارج في تلبية اكثر من 90 % من احتياجاته، لا شك بأنه سيدفع ثمن كلف ارتفاع الأسعار خاصة في فاتورة الطاقة التي في حال استمرارها بهذا النهج التصاعدي الخطير فوق الـ120 دولارا، حينها سترتفع فاتورة النفط بأكثر من 35 %، مما يعني دعما جديدا في الخزينة، وكلفا إضافية على المستهلك والقطاع الخاص، فلا يوجد كاسب في هذا المشهد.
الكورونا وتداعياتها رغم قساوتها وآثارها السلبية العميقة على الاقتصاد الوطنيّ، الا انها أعادت مفهوم الاعتماد على الذات لواجهة المشهد الاقتصادي فيما يتعلق بالإنتاج الصناعي الذي نجحت بعض قطاعاته في كتابة قصص نجاح عالية المستوى سواء أكانت في الاسواق الداخلية او الخارجية معاً، والجائحة الجديدة المتمثلة بالحرب تدفع للنهوض من جديد بهذا المفهوم وإعادة تفعيل أدواته على ارض الواقع من خلال تحفيز الإنتاج الصناعي في مختلف القطاعات وتوفير حزمة من التسهيلات لإعادة اعتبار الصناعات الوطنيّة لتكون عاملا أساسياً في استقرار الاقتصاد الوطنيّ.

التعليقات مغلقة.