صحيفة الكترونية اردنية شاملة

نافذة اجتماعية واحدة

الموازنة بأمس الحاجة إلى ضبط كل نفقة فيها وتوجيهها بالشكل الإنفاقي الصحيح الذي يحقق المردود ويعظم الاستفادة مما هو متاح، فالموارد محدودة للغاية، والأردن بأمس الحاجة لكل فلس لتوظيفه بشكل رشيد يصل لمستحقيه ويحقق الهدف التنموي المنشود.

ليس الاستثمار فقط من يعاني من تعدد في مرجعياته وتشابك في اعماله وصلاحياته بين مختلف الوزارات والمؤسسات، فالأمر يطال أيضاً العمل الاجتماعي والرسمي الذي تتبعثر هيئاته بين جهات عدة.
هيئات مختصة بدعم الأسر مباشرة وأخرى للفقر وبعضها للدعم المالي، وعدد آخر للمعونات العينية، وجهات لدعم الطلبة، وأخرى لدعم السيدات، والبعض مختص بالصغار والأحداث، وجهات للرعاية الصحية وغيرها عشرات الهيئات والمؤسسات التي جميعها يعمل تحت مظلة الرعاية والأمان الاجتماعي، فلماذا كل هذا التعدد في مؤسسات يفترض ان جميعها تصب أنشطتها في هدف واحد، وهو حماية الامم الاجتماعي للمواطن؟.
لا تخلو أي موازنة من مُخصصاتٍ مالية لتعزيز الأمان الاجتماعي لشرائح اجتماعية مُختلفة، وتتفاوت قيمة هذه المُخصصات من عام لآخر، الا انه في المجموع لا تقل عن 800 مليون دينار كما هو حاصل في مشروع قانون موازنة 2022، والتي تتوزع بين دعم مباشر للأسر العفيفة والرعاية الصحية ودعم الخبز والاعلاف والجامعات وبرامج الرعاية الاجتماعية مثل استدامة وغيرها من البرامج والخطط التي تم رصدها في خطة الدولة المالية لسنة2022، ولكن للاسف كما قلنا سابقا، فمُخصصات شبكة الأمان الاجتماعي في الموازنة مُتناثرة ومُبعثرة وليست تحت مظلةٍ واحدة، فمنها ما هو مُخصص للمعالجات الطبية، وآخر للجامعات، وجزء يذهبُ كدعم نقدي لصندوق المعونة، وآخر على شكل دعم مباشر لسلع مهمة، مثل: الغاز واخرى مُخصصة للتشغيل والتدريب والتأمين الصحي، وغيرها من البنود التي كلها موجهة للحماية الاجتماعية.
التعددُ في بنود الحماية الاجتماعية في الموازنة وغيرها من اشكال الانفاق خارج الموازنة، كذلك للأسف جميعها لم تُحقق الهدف المنشود من وراء هذه البرامج بدليل ارتفاع عدد جيوب الفقر من 20 جيبا الى 31 جيبا في مختلف محافظات المملكة، وازدياد مُعدلات البطالة والفقر الى
25 % و 28 % على التوالي وفق آخر الاحصاءات الرسمية.
نتيجة مؤسفة لأنه ما أُنْفق في السنوات العشر الماضية من مُخصصاتٍ لتعزيز الأمان الاجتماعي كان قادرا على إحداث نقلة نوعية في الأمن المعيشي للمواطنين من أبناء الطبقة الفقيرة والنهوض بأحوالها.
حتى برامج التصحيح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي كانت برامج مالية أخفقت كليا في الابعاد الاجتماعية ولم تُدرك الحكومات هذا الاخفاق إلا في سنة 1998 عندما أقرت حزمة الأمان الاجتماعي بقيمة 480 مليون دينار للتصدي للتداعيات المالية التقشفية لبرامج التصحيح في ذلك الوقت والتي بدأت سلبياتها تنتشر على القُدرة الاستهلاكية والمعيشية لشرائح واسعة في المجتمع الاردني.
المطلوبُ من الحكومة هو تنظيم شبكة الأمان الاجتماعي بطريقة ما تحت مظلة واحدة؛ حيث لا بد أن تكون مُتكاملة ما بين التأمين الصحي والضمان والدعم النقدي للفقراء ودعم وتحسين التعليم والتدريب والتشغيل، وان يكون عمل كل الصناديق والجهات المعنية بشبكة الأمان الاجتماعي مُنظما ومنسقا فيما بينها بما يضمنُ عدم ازدواجية المساعدات وتوزيع الدعم لكل المحافظات.
الموازنة بأمس الحاجة إلى ضبط كل نفقة فيها وتوجيهها بالشكل الإنفاقي الصحيح الذي يحقق المردود ويعظم الاستفادة مما هو متاح، فالموارد محدودة للغاية، والأردن بأمس الحاجة لكل فلس لتوظيفه بشكل رشيد يصل لمستحقيه ويحقق الهدف التنموي المنشود.

التعليقات مغلقة.