صحيفة الكترونية اردنية شاملة

زيادة الضريبة على هذه السلع

هذه فرص ضائعة متوفرة أمام الحكومة في إعادة النظر بضريبتها والرسوم المفروضة عليها دون أن يكون لها أثر على الأمن المعيشي للمواطنين ولا تؤثر أيضا على بيئة الأعمال والمناخ الاستثماريّ، فكل دول العالم تقوم بمثل هذه المراجعات الضريبيّة والماليّة على ضوء تطورات الاسعار عالميّاً ومدى الاحتياجات الماليّة للخزينة.

أكيد أن عنوان المقال لن يعجب أحدا، على اعتبار ان أي نقاش حول زيادة الضرائب مسألة مرفوضة قلباً وقالبا، ولا يجوز طرحها بغض النظر عن السلعة وأهميتها ومدى حاجة المجتمع لها.
لكن المنطق يقتضي، أن تُراجع الخزينة على الدوام هيكل الضرائب ونسب الضريبة على السلع والخدمات المختلفة ومدى تطوّرها وانتشارها في المجتمع إضافة إلى تغيّر أسعارها محليّاً أو عالميّاً.
أسعار السجائر ما تزال في الأردن لا تتناسب أبداً مع أسعارها في دول العالم، وهذه سلعة ليست أساسية أبداً كما يصورها البعض، وتدخل الحكومة في تثبيت أسعارها مسألة غريبة وعجيبة، فالمنطق يقتضي ان تتدخل الحكومة في تسعير بعض السلع الأساسية التي لها ارتباط استراتيجي في سلة الاستهلاك للأسرة الأردنيّة، وان تحافظ وتدعم بعض السلع للمحافظة على مستوياتها السعرية كالخبز مثلا، أما ان تحدد وتتدخل في تسعير الدخان فهذه مسألة تخالف المنطق، والحكومة بذلك تتدخل في قطاع كمالي أقرب “للكيف”، ولا أحد يعلم ما هو الهدف من ذلك.
شركات الدخان شركات ربحية، والقطاع يورد للخزينة ثلث إيرادات ضريبة المبيعات بواقع 1.28 مليار دينار، وهو المورّد الضريبي الاكبر للخزينة مع المحروقات، كل قرش في زيادة سعره سيكون له مردود عال للخزينة، ولا يجوز للحكومة ان تتدخل في تسعيرة الدخان او تحدد الأسعار او الزيادة، ولا يجوز أيضا ان تعتبره سلعة أساسية، فهذه سلعة ليست أساسية أبداً كما يصورها البعض الذي يعتبرونها أساسية لهم.
أقولها بصراحة، أسعار الدخان يجب ان ترتفع وان يكون تسعيرها من مسؤولية الشركات وفق آليات السوق ليس للحكومة يد بها أبداً، وألا تلتفت الحكومة إلى مقولة إن زيادة أسعار الدخان ستؤدي إلى زيادة عمليات التهريب، فهذه حجج واهية، وإلا فلتقم الحكومة بتخفيض الضريبة لمستويات الصفر وبذلك يختفي التهريب حسب هذه الحجج الواهية، فالحكومة مطالبة بمعالجة القصور في عمليات التهريب بمزيد من الإصلاح الجمركي والضريبي.
رسوم الترخيص على السيارات الفارهة والكبيرة جانب آخر، فغالبية الموديلات الحديثة من هذه المركبات اليوم بدأت تعتمد على المحركات الصغيرة وليست الكبيرة كما كانت في السابق، واستبدلتها بقوة الدفع وعدد الاحصنة لكل سيارة والتي تضاعفت كثيرا في الموديلات الحديثة، وبالتالي يجب ان يكون الترخيص وقيمته على عدد الاحصنة وليس على سعة المحرك.
زيادة الضريبة على أفواج السائحين للخارج التي تدفع اليوم على كل تذكرة ما يقارب الـ40 دينارا، حيث إن الذين يسافرون للخارج غالبيتهم من المقتدرين، وهنا لا نتحدث على الفئات التي تسافر لأغراض العلاج والتعليم والعمل، بل يتم حصر زيادة الضريبة على السفر لغايات السياحة فقط.
هذا القرار سيؤدي إلى زيادة إيرادات الخزينة من جهة وتوجيه المواطنين للسياحة الداخلية، وستكون لذلك آثار نقدية مهمة على العملات الصعبة التي تخرج للخارج نتيجة للسياحة الخارجيّة.
قطاع آخر في غاية من الأهمية يجب ان تعيد الحكومة النظر في الرسوم والضرائب المفروضة عليه وهو قطاع التعدين الذي يشهد نموّاً غير مسبوق في أسعار منتجاته والتي تضاعفت أسعار بعضها عشرة أضعاف، والطلب على سلع هذا القطاع خاصة في مجال الأسمدة سيستمر لأعوام عديدة بسبب الطلب عليها.
صحيح أن أرباح شركات التعدين ارتفعت كثيراً، مما انعكس على الخزينة بأشكال مختلفة، لكن لا بد على الحكومة أن تعيد النظر في الرسوم التي فرضتها على هذه الشركات في أوقات كانت الأسعار العالميّة لمنتجات هذه الشركات متدنية وضمن مستويات طبيعية.
هذه فرص ضائعة متوفرة أمام الحكومة في إعادة النظر بضريبتها والرسوم المفروضة عليها دون أن يكون لها أثر على الأمن المعيشي للمواطنين ولا تؤثر أيضا على بيئة الأعمال والمناخ الاستثماريّ، فكل دول العالم تقوم بمثل هذه المراجعات الضريبيّة والماليّة على ضوء تطورات الاسعار عالميّاً ومدى الاحتياجات الماليّة للخزينة.

التعليقات مغلقة.