صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الكرك…قطعت الحكومة وعودا مرت عليها اجيال لكن لا حسا ولا خبرا

سوسن المبيضين

عنددما تواجه بلدية الكرك عجزا يصل الى اكثر من “17” مليون دينار, ومديونية تبلغ “24” مليون دينار فان هذا الأمر يضع البلدية امام تحد كبير, وعقبات تحول دون التطوير ودون توفير الخدمات الأساسية للمواطنين, وتحسين اوضاع البينة التحتية المتهالكة, وفي المقابل يضع الحوكمة اذا كانت رشيدة امام ضرورة ملحة لتحمل مسؤولياتها التي تخلت عنها .

مدينة الكرك الغارقة في الديون المتراكمة. والعجزتعيش واقعا مظلما من الإهمال والتهميش الحكومي, عطل فيها المشاريع التنموية’ وأوجد حالة غير مسبوقة , من البطالة والفقر والبؤس والحرمان والاحباط , بل انه كان محفزا لسلوكيات سلبية تضر ببنية المجتمع وتماسكه وتهدد مستقبل اجياله.

وقبل التعمق في احتياجات المحافظة, والتحديات والعراقيل الموجودة بلا حلول, لا بد من أن نقول انها المدينة التي ولد من رحمها رجالات وطنيون سطرو تاريخ الدولة الأردنية ، و كانت ولا زالت منبعاً للقيادات الفكرية والسياسية ولا يجوز بكل المقاييس أن تهمش وتحرم من فرص الاستثمار ، ومن المعيب أن تبقى هي المحافظة الأعلى في نسبة الفقر والبطالة , بسبب استمرار غياب خطط الحكومة عنها .

الكرك التي يبلغ عدد سكانها ” 350000″ موزعين على “34947” كم2, وتضم “7” الوية و “3” أقضية و”10 ” بلديات, تظلم بموازنتها للعام الثاني على التوالي, ويخصص لها النصيب الأقل, مقارنة بمحافظات الأردن الأخرى , حيث بلغت موازنة الكرك عام 2019 “22” مليون دينار , تقلصت عام 2020..الى “15” مليون دينار، حتى وصلت عام 2021 نحو “7 “ملايين دينار.

وبنفس خيبة الأمل للعام الماضي, واجة مجلس المحافظة موازنة هذا العام, بخيبة أمل اخرى , وبموازنة لا تلبي الطموح, ولا ترتقي الى احتياجات المحافظة التنموية المختلفة, حيث بلغت “6” ملايين و”835″ ألف دينار.

وهذا التراجع والتلاعب في موازنتها عاما بعد عام , يعد انهيارا تاما اقتصاديا واجتماعيا للمدينة التاريخية , في ظل حكومة عاجزة عن إنقاذها , بالرغم من أن الكرك بامس الحاجة لموازنة متكاملة متصاعدة وليست متناقصة للنهوض بها .

إن غياب العدالة فى توزيع الموازنة, والمعايير الموضوعية بتقيم واقع المحافظات، يؤكد أن الكرك بقيت في طي النسيان ,من قبل الحكومة , ما عمق ، معاناة المواطنين, على عكس ما كان متوقعا, بإنجاح مشروع اللامركزية الذي يستند على رؤية وتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني, لكنها للأسف الشدي أصبحت صورية وبلا مضمون اوسلطة فعلية, بسبب المفاهيم شديدة المركزية, في ادارة مشاريع المحافظات, وفي تغول الحكومة على موازناتها وخصوصا ما حصل في محافظة الكرك , وهذا ما أكده رئيس مجلس اللامركزية, الدكتور عبد الله العبادلة, عندما قال امام وفد صحفي واعلامي وكتاب , زار الكرك قبل عدة أيام : اللامركزية اصبحت في عرف الحكومات مركزية , حيث ان مدراء الدوائر في المحافظة لايملكون الصلاحيات في الكثير من المشاريع, مما يضطرنا زيارة الوزارة في العاصمة ومتابعة المعاملات, وأن موازنة الكرك هي الأقل بين المحافظات, وأن كثير من موازنات المشاريع يتم إرجاعها لعدم تنفيذها، مما انعكس سلبا على واقع الخدمات التى يتم تقديمها للمواطنين بمختلف المجالات، وأدى الى تعطل الكثيرمن المشاريع المنوي تنفيذها .

و يؤكد رئيس بلديتها المهندس محمد المعايضة , بأن الموازنة بها عجز , وتعاني من مديونية متراكمة , في وقت تسعىى به بلدية الكرك لتنفيذ جملة مشاريع استثمارية منها مشروع شاطئ الكرك السياحي وتطوير سيل الكرك واقامة ميدان لسباقات الخيل ومصنع للصوف ومزرعة للاخشاب, وإقامة سوق شعبي لوضع حد للبسطات العشوائية، ومكتبة عامة، وتعبيد وصيانة الشوارع، وإنارتها وأعمال ديمومة النظافة ومشروع ترميم البيوت القديمة في المدينة , وإحياء المواقع التراثية بالشكل المطلوب حرصا على التراث واستخدامه في الترويج السياحي بالمحافظة, اسوة لما يحصل في المدن القديمة والعريقة والتاريخية , لإعادة إحياء المنازل والمواقع التراثية وجعلها جزءا من الحركة السياحية كما هو الحال في المدن القديمة والعريقة.

أما بوابة الكرك السياحية ” مشروع تطوير حي البركة بالكرك “, والذي جاء لخدمة قطاع السياحة والمواطنين في المدينة, فانه معطل منذ ثلاث سنوات, ومهمل , وتم الإستغناء عن العمال العاملين به بعد خلافات بين المقاول ووزارة السياحة، ما أدى إلى إلحاق ضرر كبير بالمواطنين، خصوصا المنازل الملاصقة للمشروع , كما أصبحت الحفريات المكشوفة والمعطلة تشكل خطرا على السكان, بسبب الآثار الناتجة عن عمليات الحفر، التي تعطلت وبقيت مكشوفة .

واذا تطرقنا الى مشروع مجمع سفريات الكرك, فحدث بلا حرج, عن تخبط وفوضى في القرارات ؛ وعن ملايين مهدورة وتجاهل رسمي للمشكلة قارب على الثماني سنوات.

لم يتم تشغيل المجمع لغاية الان, بل اصبح مكرهة صحية, وملاذا لأصحاب السوابق , بالرغم من توجيهات جلالة الملك الى الحكومة للعمل على إيجاد حل بأسرع وقت ممكن, للوصول لأليات مناسبة لتشغيل المجمع.

وعلى مدار السنوات الأخيرة , اغلقت مصانع عديدة في المحافظة , كانت توفر فرص عمل للشباب والشابات ، مما سبب ازمة كبيرة في المجتمع المحلي, جراء فقدان آلاف الأسر مصدر رزقها الوحيد, واخر هذه المصانع, “شركة الجمل لصناعة الألبسة” التي أوقفت تشغيلها منذ بداية الجائحة ولغاية الأن , واتضح بأن الشركة تمهد لإغلاقها والانتقال الى دولة اخرى, تاركة خلفها الاف الاسر التي تعتاش من هذه الشركة , كانت تشغل بمصنعها , ما يقارب ال 720 عاملا, انضموا الأن إلى صفوف البطالة في المحافظة , مما أدى الى اتساع رقعة الفقر والبطالة , وتحول العمال الى مطلوبين, بدلا من موظفين نتيجة عدم قدرتهم على تسديد ديونهم الى البنوك

أما عند الحديث عن المياه , فالكرك عطشى وأهلها ظمأة , حتى جف الحلق, “وخط الديسي” يمشي من تحت أرجلهم,هاربا إلى الزعتري دون الإلتفات, لأهلها الصابرين الطيبين الصامدين , فباتوا مقتنعين , بأن ماء الكرامة كالحرية ينتزع ولا يمنح , من حكومات تمر بها مرور الكرام, ولا تستجيب لندائهم .

ولن أطيل الحديث عن جمال الكرك ,وكثرة معالمها السياحية, التي لم تشفع لها لتكون محجا للزائرين والسائحين, فكيف تكون كذلك, وزائرها لا يجد مكانا ينام فيه، فالفندق السياحي الكبير والجميل بها “فندق “فالكون روك الكرك ” معطل ومغلق وينفض الغبار لتعويض خسائره.

الحديث يطول عن التحديات الممتدة , التي تواجه السياحة في الكرك ,وسأفرد عنها مقالة خاصة , لكنها أزمة اجتماعية اقتصادية تلوح في افق قلعتها, واسوار المجد والعراقة والتاريخ التي تحيط بها, مع أن رجالها الأحرار كانوا وما زالوا , ذخيرة الوطن ومجده, وكتبوا تاريخها وتريخ الوطن , بدمائهم الطاهرة الزكية .

لكن المشهد واضح تماما, فإن الكرك راقدة على بركان بطالة, لا نعلم متى سينفجر، وخصوصا في الظروف الحالية الصعبة التي تمر بها المحافظة, مع فقدان أهلية الحكومة بتوجيه بوصلة المستثمرين والمشاريع اليها، لذلك نقول لصناع القرار وأصحابه على الدوار الرابع بعمان , لا تضيقوا عليها الخناق وتداركوا الأمر قبل فوات الأوان.

التعليقات مغلقة.