صحيفة الكترونية اردنية شاملة

خصخصة مطار ماركا

أتمنى أن تنجح الحكومة في خصخصة مطار ماركا المدني، وأن تكرر تجربة النجاح المميزة لخصخصة مطار الملكة علياء الدولي والتي أجزم أنها لن تتكرر بهذا الشكل في الأردن حتى ولو أعيد طرحها من جديد.

يتحدث البعض بألم عن مطار الملكة علياء الدولي السابق الذي تم خصخصته في عام 2007، ويعتبرونه فرصة أضاعتها الحكومات وفقدت الكثير من الميزات التي كانت تمتلكها بهذا المطار.

هذا الحديث وغيره من الكلام الإنشائي الذي يسير في بوتقة المنهج المضاد للتخاصية باعتبارها أسلوبا “شيطانيا” أضاع ثروات البلاد والعباد، دون أن يكون هناك تقييم حقيقي وعلمي وعملي للمكاسب التي استفادت منها الخزينة والمواطن في آن واحد، جراء عمليات التخاصية التي حدثت خلال العقدين الماضيين، والتي نقول ونؤكد على الدوام أن بعضها كان يمثل أفضل الممارسات الفضلى في التخاصية، وبعضها شابه خلل في الإجراءات والشفافية والحوكمة التي اتبعت في خصخصتها، مما أثار بعض الشكوك في إجراءاتها، والبعض الآخر فشلت التخاصية في تحقيق العائد المادي المرجو للمستثمر، وانعكس على تطور الخدمات في تلك المشاريع.

لذلك فالتخاصية في الأردن هي متنوعة في النتائج والانعكاسات على الاقتصاد والمواطن معاً، ولا يجوز التعميم، لكنها في المحصلة أحدثت تغييرات إيجابية عالية المضمون من حيث العائد المالي والتطور النوعي في الخدمات على كافة الأصعدة.

مطار الملكة علياء الدولي الذي تمت خصخصته وفق (BOT)- البناء والتشغيل ونقل الملكية- يعتبر أحد أفضل المشاريع الذي تم خصخصتها على الإطلاق ضمن برنامج التخاصية الأردني منذ سنة 1998.

فالمطار الذي تم خصخصته كان مطارا متهالكا وقديما بكل مرافقه وغير قادر على استيعاب أكثر من مليوني مسافر في العام في أفضل حالاته، وخدماته في أسوأ أشكالها المختلفة، والكل يتذكر أن حتى المرافق الصحية كانت في غاية من السوء، وفوق كل ذلك كان يكلف الخزينة سنوياً أكثر من 18 مليون دينار مصاريف تشغيلية له.

بموجب خصخصة المطار BOT فاز ائتلاف استثماري عالمي بعطاء المطار لمدة 25 عاماً، يقوم بموجبها ببناء مطار جديد بكلفة أولية بقيمة مليار دولار، ويتحمل كل مصاريفه التشغيلية، وتحصل الخزينة على عائد سنوي من الإيرادات الكلية وليس من الأرباح بنسبة 54 % وهذه من أعلى النسب التشاركية التي حدثت في مشاريع التخاصية.

بالأرقام، باتت خزينة الدولة تحصل على 230 مليون دينار سنوياً من عائداته بعد أن كانت تدفع 18 مليون دينار، وبات لدى المملكة واحد من أفضل المطارات في المنطقة من حيث الكفاءة والخدمات والتطور، ويستقبل سنوياً أكثر من 8 ملايين مسافر، وله قدرة على التوسع أضعافا بهذه الأرقام، وبقي من مدة اتفاقية الخصخصة عشر سنوات من أصل 25 عاماً مضى منه 15 عاماً.

اليوم تطرح الحكومة مشروع خصخصة مطار ماركا المدني، بنفس النهج الذي طرحت فيه خصخصة مطار الملكة علياء الدولي سنة 2007، فهل ستنجح الحكومة بذلك.

أتمنى أن يصاحب الحكومة كل التوفيق في خصخصة هذا المشروع الحيوي وأن يكون على نفس الدرجة من الشفافية والكفاءة في استقطاب أفضل المشغلين العالميين لبناء وتشغيل هذا المرفق الإستراتيجي بالشكل الذي يعظم استفادة الاقتصاد الوطني منه، لكن في اعتقادي أن الظروف قد تكون غير مواتية للحصول على نفس الميزات التي حصلت عليها الحكومة في عطاء مطار الملكة علياء الدولي.

الأسباب كثيرة، أولها وأهمها في اعتقادي هي السوداوية لدى الشارع الأردني اتجاه التخاصية وتحديداً المطار، والتي في اعتقادي هي نوع من عمليات الاغتيال للحقيقة وتزوير للواقع، وتهدف لضرب كل ما هو في مصلحة الاقتصاد الوطني والمواطن، فحالة الاستياء والتنمر الحاصلة في الشارع تلقي بظلال قاتمة على قرار أي مستثمر يرغب بالدخول في الاستثمار بمثل هذا النوع من العطاءات.

ناهيك من أن كلف التمويل اليوم مرتفعة ليست في الأردن فقط، وإنما في كل دول العالم، وهو ما قد يشكل عائقاً في تحقيق الجدوى الاقتصادية للمشروع، إضافة إلى بعض القضايا الفنية بقرب المطار وغيرها من القضايا التي تشكل عائقاً أمام زيادة جاذبية الاستثمار في المطار المدني.

أتمنى أن تنجح الحكومة في خصخصة مطار ماركا المدني، وأن تكرر تجربة النجاح المميزة لخصخصة مطار الملكة علياء الدولي والتي أجزم أنها لن تتكرر بهذا الشكل في الأردن حتى ولو أعيد طرحها من جديد.

التعليقات مغلقة.