صحيفة الكترونية اردنية شاملة

كيف تنظر المؤسسات الاقتصادية الدولية للأردن؟

الأردن شريك مهم مع المؤسسات العالمية والمانحين على حد سواء، وعلاقاته القوية مع شركاء التنمية والمجتمع الدولي، ساهمت إيجابياً في استمرار الدعم المتواصل من هذه الدول المانحة والمؤسسات الدولية لمساعدته على تخطي آثار الأزمات المختلفة وتداعيات الظروف والتحديات الطارئة مثل جائحة كورونا واستعادة زخم النمو.

حضور الأردن في الاجتماعات السنوية لصندوق والبنك الدوليين في واشنطن هذه المرة له طابع خاص بسبب حالة عدم اليقين التي تسود الاقتصاد العالمي وحالة الضبابية في المشهد العام وتنامي التحديات والمخاطر الاقتصادية، خاصة فيما يتعلق بأزمة الديون الدولية التي تلوح بالأفق، إضافة إلى تداعيات التضخم العالمي وأزمة الطاقة التي ستكون بلا شك عناوين رئيسة للمشهد القادم في الاقتصاد العالمي.
الكثير من الدول اليوم خاصة في منطقة الشرق الأوسط تبحث بجدية عن مساحات مالية جديدة لها، إذ إنها تواجه صعوبات تمويلية بالغة، وإذا ما توفر لها ستكون أسعار فائدة مرتفعة بسبب زيادة المخاطر الائتمانية لتلك الدول، التي لطالما تغنى أردنيون بنماذجها الاستثمارية باعتبارها نماذج مميزة ليكتشف الجميع أنها نماذج احتوت على درجات مخاطر عالية ساهمت اليوم في إغلاق كل منافذ التمويل الدولي عليها، وأدت لزعزعة استقرارها المالي والنقدي وتقلبات حادة في عملتها، مما كان لها الأثر السلبي الكبير على المشهد الاستثماري فيها الذي تعرض لهزات عنيفة بخروج مليارات الدولارات خلال أيام قليلة.
بالنسبة للأردن، الوضع قد يكون مختلفاً ولا تنطبق عليه سلوكيات المشهد العام في المنطقة، فالمملكة تتمتع باتفاق مؤسسي مع صندوق النقد الدولي لمدة أربع سنوات، وهو بمثابة رسالة للعالم بكفالة مؤسسة دولية بأن الأردن ينفذ إصلاحات اقتصادية عميقة في هيكله الاقتصادي ويسير فيها بالشكل المطلوب رغم كل التحديات والتداعيات السلبية الطارئة التي شهدها اقتصاده خاصة والمنطقة عامة.
علاقة الأردن مع الصندوق وفرت للأردن صورة إصلاحية إيجابية عند المؤسسات الدولية والمانحين ساهمت بدعمه بأشكال مباشرة وغير مباشرة في شتى القطاعات، أدت في محصلتها إلى تجاوز آثار الأزمات الإقليمية والدولية وتداعياتها عليه.
الاتفاق مع صندوق النقد أيضاً عزز قدرة الأردن على انتزاع اتفاق استثنائي مع الولايات المتحدة للحصول على دعم لمدة سبع سنوات بقيمة 1.25 مليار دولار سنوياً، وهي أعلى فترة مساعدات تمنحها أميركا لدولة صديقة.
المؤسسات الدولية الأخرى تنظر بإيجابية لعلمية الإصلاح الاقتصادي التي تقوم بها الحكومات رغم كل التحديات، فوكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني ثبتت التصنيف الائتماني السيادي للأردن عند (B + / B) وحافظت على نظرة مستقبلية مستقرة بالرغم من استمرار تبعات جائحة كورونا وتأثيرها على العالم والمنطقة، ورغم كل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد العالمي.
كما أن وكالة فيتش للتصنيف الائتماني أكدت مرة أخرى تثبيتها للتصنيف الائتماني السيادي طويل الأجل للأردن عند “BB-“، مشيرة إلى سجل الأردن الحافل بالإصلاحات المالية والاقتصادية التدريجية وقدرته على الوصول لمصادر التمويل المحلي والخارجي.
حتى وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني كانت قد أنهت قبل أشهر مراجعتها الدورية للأردن؛ إذ حددت التصنيف الائتماني السيادي للأردن عند B1 ، مع نظرة مستقبلية مستقرة مدعوماً من خلال القوة الاقتصادية للبلاد عند “Ba1″، وهي الآن في طور مراجعة جديدة للاقتصاد الأردني.
صندوق النقد سيجري أيضاً مراجعته الرابعة للاقتصاد الأردني الشهر المقبل، وستكون إحدى أهم المراجعات الدورية بسبب تحديات المرحلة المقبلة وتسارع التقلبات الاقتصادية مع توقعات إيجابية في أنها وفق ما هو مستهدف.
آخر التقارير الدولية هو ما عكسته تطورات المقاييس المالية المعيارية مؤخراً في ارتفاع ثقة الأسواق المالية بالاستقرار الكلي الأردني، حيث شهد المقياس لسندات المملكة استقراراً واضحاً بالمقارنة مع دول المنطقة والجوار تحديداً، حيث إن العائد المعياري متوسط الآجال للسندات الأردنية والذي يقيس المخاطر على السندات السيادية كان ذات قيمة أقل من تلك الخاصة بدول بعضها كانت كبرى.
الأردن شريك مهم مع المؤسسات العالمية والمانحين على حد سواء، وعلاقاته القوية مع شركاء التنمية والمجتمع الدولي، ساهمت إيجابياً في استمرار الدعم المتواصل من هذه الدول المانحة والمؤسسات الدولية لمساعدته على تخطي آثار الأزمات المختلفة وتداعيات الظروف والتحديات الطارئة مثل جائحة كورونا واستعادة زخم النمو.
وعلى الجميع أن يتذكر جيداً، أنه رغم محدودية الموارد، وتباطؤ النمو الاقتصادي، نجح الأردن في تجاوز مريح دون أي تبعات سياسية وأمنية، وفيما يتعلق بالظروف العالمية السائدة جراء جائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية الأخيرة وانعكاساتها على أسعار النفط والغذاء عالمياً، حيث نجحت السياسة الحكومية وإجراءاتها رغم كلفها المالية على الخزينة في التقليل من آثار ارتفاع أسعار النفط عالمياً من خلال تأمين عقود التزود بالطاقة طويلة المدى، وكذلك التحوط من ارتفاع أسعار الغذاء، خاصة القمح، كون أن المخزون الإستراتيجي يكفي المملكة لمدة تزيد على 17 شهراً، وتغير نوافذ تمويلية مختلفة ساهمت بدعم استمرارية نشاط القطاع الخاص، الأمر الذي انعكس إيجاباً على ثقة الأسواق الدولية والمجتمع الدولي بمنعة الاقتصاد الأردني وقدرته على التعافي.

التعليقات مغلقة.