صحيفة الكترونية اردنية شاملة

فخرٌ ووفاء.. شكرٌ وانتماء بقلم: أحمد ذوقان الهنداوي

بمناسبةِ صدورِ الإرادةِ الملكيةِ الساميةِ بإعادةِ تشكيلِ مجلسِ الأعيانِ وانتهاءِ فترةِ خدمتي فيه، والتي تشرفتُ بتأديتها خلالَ العامين الماضيين، لا يسعني في هذا المقامِ إلاّ أنْ أرفعَ لسيدي ومولاي حضرةِ صاحبِ الجلالةِ الهاشميّة الملك عبد الله الثاني إبن الحسين المعظم بأسمى آياتِ الشكرِ والتقدير وعظيمِ العرفانِ والإمتنان على تشريفي بأن أكونَ في مجلسِه الموقر خلالَ تلك الفترة… هو إكليلُ غارٍ ومصدرُ فخرٍ واعتزازٍ وتشريفٍ لا يوازيهُ أيٌّ مثلها، سأظلُّ احملها على الجبينِ وبين الضلوعِ في القلبِ والوجدان ِما حُيِّيت…
وضعتُ نُصبَ عيناي طِوالَ تلك الفترةِ بأنْ أظلّ أميناً على العهدِ وبارّاً بالقسم ِالعظيمِ الذي أقسمتُه على نفسي بأن “أكونَ مخلصاً للملك ومحافظاً على الدستورِ وخادماً للأمّةِ وأن أقومَ بالواجباتِ الموكولةِ إليّ بأمانة”… فكنتُ بتوفيقٍ من اللهِ ورعايته كذلك… كما كنتُ دوماً وفيّا ًلإرثِ الآباءِ والأجدادِ ومنظومةِ القيمِ التي أمنوا بها وجذّروها ورسّخوها فينا ما حُيّينا، لتبقى المعلمَ المنارةَ الذي ينيرُ لنا الطريقَ ويهدينا سواءَ السبيل…
مارستُ الصلاحياتِ الدستوريةَ الموكولةَ إلي بالرقابةِ والتشريعِ بكلِّ أمانةٍ وصدقٍ واستقامة، غيرَ منتظرٍ لمديحٍ أو ثناءٍ أو آبهٍ لعِتابٍ أو ملامة. مارستُ تلكَ الصلاحياتِ من خلالِ أعمالِ اللجانِ التي شاركتُ بها (أللجنة المالية والإقتصادية ولجنة التربية والتعليم ولجنة الشؤون الخارجية والمغتربين) والمناقشاتِ البناءةِ تحت القبّة والأسئلة الهادفة الموجّهة للحكومة حول المواضيع الرئيسة التي تهمُّ قائدَ الوطن وشعبه، ومنها توفير المطاعيم خلال الجائحة وتحدي الطاقة والضرائب والتنمية والتحديث الإقتصادي وتنافسية الأردن العربية والإقليمية والتطوير الإداري وبيئة وسهولة ممارسة الأعمال والمشاريع الكبرى وقطاع التعدين وغيرها، إضافة لملاحظاتي ومقترحاتي وتوصياتي حول العديد من مشاريع القوانين وبنودها عندما شعرتُ بأنَّها غيرُ متوائمة مع الرؤيةِ والتوجهاتِ الملكيّةِ الساميةِ والمصلحةِ الوطنيّة العليا وعمليةِ التنميةِ الإقتصاديةِ والإجتماعيةِ المستدامةِ المنشودة…
كانَ دوماً نقداً إيجابياً وموضوعياً وبناء، هدفُه الأسمى والأوحدُ المصلحةُ الوطنيةُ العليا كما أراها، يتمُّ تحتَ القبّةِ أو قاعاتِ اجتماعاتِ اللجانِ أو المسرحِ أو الزياراتِ الميدانية ِ للوزارات والدوائرِ الحكوميّةِ المعنيّة، أو من خلالِ المذكّراتِ والمقترحاتِ والعروضِ المقدّمة، وكانَ يستندُ دوماً إلى المعلومةِ الدقيقةِ والتحليلٍ الشاملِ لهذه المواضيعِ من كافّةِ جوانبها، ولم يتمَّ يوماً من خلالِ وسائلِ إعلام رسمية أو غير رسمية أو تواصل اجتماعي أو بث مرئي، ولم يستندْ يوماً إلى شخصنةٍ أورغبةٍ لشعبويّة أو مناكفةٍ أو تقصدٍ لسلبية ٍأو سوداوية… بل على العكسِ تماما، كان دوماً نقداً إيجابياً بناءً هادئاً وهادفاً وموضوعياً مقترناً بالمقترحاتِ التحسينيةِ والتطويريةِ والتي كنتُ أتمنى وآملُ وأحثُّ وأحفّزُ الحكومةَ دوماً على تبنيها… وآملُ بأن أكونَ قد نجحتُ في ذلك في معظمِ الأحيان، وبشكلٍ واضح ومباشرٍ أو غيرِ ذلك…
لا بدّ لي في هذا المقام بأن أتقدم بالشكرِ الجزيلِ والموصولِ إلى دولةِ أخي الكبير فيصل عاكف الفايز الأفخم، رئيسِ المجلس، على ما كانَ يغمُرُني به دوماً من تشجيعٍ ودعمٍ ونُصحٍ طِوال فترةِ خدمتي في المجلس… شاكراً وشاهداً بأنّه لم يحاولْ يوماً بأنْ يثتيني عن رأي ٍأتبناه أو يَحيدَني عن قناعةٍ أؤمن بها أو يستميلَني لموقفٍ معاكسٍ لهكذا قناعة… كانَ كذلكَ كما كانَ دوماً، ولعقودٍ مضت، نِعمَ الأخِ الكبيرِ ونِعمَ الصديقِ ونِعمَ الرئيس… فمهما قلت، فلن أستطيعَ إيفاءَه حقّه من الشكرِ والتقديرِ والعرفان… هي علاقةٌ مترسخةٌ متوارثةٌ من الآباءِ والأجداد… ومستمرةٌ بإذن الله…
كما لا بد لي من أن أشكرَ كافة إخوتي الكبارِ الذّوات الأعيان الأفاضل والكرام في المجلس السابق، والذين تشرفت بالعمل بمعيّتهم، على ما كانوا يغمروني به دوماً من لُطفٍ وتشجيعٍ ومشاعرَ دافئةٍ وصادقةٍ ونبيلةٍ ونابعةٍ من القلبِ إلى القلب… وعلى ما تحمّلوه مني من مناقشات مطوّلة ومحاوراتٍ معمقةٍ ومجادلاتٍ مستفيضةٍ وأساليبَ غير تقليديةٍ ومألوفةٍ في طرحِ وعرضِ الأفكارِ في كثيرٍ من الأحيان… جميعُهم قاماتٌ وطنيةٌ مسلّحةٌ بالعلمِ والمعرفةِ والخبرةِ المترسّخةِ ومجبولةٍ بحبِّ الوطنِ والانتماء ِوالوفاءِ والإخلاصِ لقائدِهِ وشعبِه… لا أودُّ تسميةَ أيٍّ منهم، فكلُّهم قريبون أعزاءُ خيرون… فلكم إخوتي أقول: تعلمتُ منكم الكثير الكثير وأعتزُّ وأفتخرُ بكلّ أخٍ وأختٍ منكم… وأشكرُ الله أن كرّمني بمعرفتِكم وزمالتِكم… وأدعوهُ خالصاً لكم، ولإخوتنا وأخواتنا الذوات الأعيان الجدد، بدوام التوفيق والنجاح في خدمةِ الوطنِ وقائدهِ وشعبهِ في المستقبلِ بإذن الله…
ومن الواجبِ والمنصفِ أيضاً تقديمُ الشكر الجزيل والموصول إلى الأمانة العامّة للمجلس ممثلةٍ بعطوفةِ أخي أمينِ عامِّ المجلس، وكافّةِ كادرِ الأمانةِ العامّةِ من نشامى ونشمياتِ الوطن، الذين كانوا يصلونَ الليلَ بالنهارِ في سبيلِ تمكينِنا من القيامِ بمهامِّنا بكلِّ كفاءةٍ واقتدارٍ وسهولةٍ ويسر… تحمّلتُم ضغوطَ عملٍ هائلة، ومن كافّة ِالاتّجاهات، كنّا نفاقِمُها ونزيدُها عليكم بطلباتِنا ورغباتِنا المهنية والتي كانت تأتي أحياناً خارجاً عن المألوفِ والمتعارفِ عليه. لكنكم رغم كل ذلك، تمكنتم دوماً من تأديةِ كلِّ ما يناطُ إليكم من مهامّ وبكلِّ كفاءٍ وفاعليةٍ واقتدار، والإبتسامةُ لا تفارقُ مُحياكم… فجزاكم الله عن وطننا وعنا كلَّ خير…
أما الحكومةُ، حكومةُ جلالةِ الملك، والتي لا تجمعني مع دولة أخي رئيسِها وكافّةِ أصحابِ المعالي الإخوةِ والأخواتِ أعضائِها سوى أواصرُ القربى والأخوّةُ والصداقةُ والمحبّةُ والمودّةُ الموروثة، والرغبة ُ الخالصةُ لخدمة ِالوطنِ وقائدِهِ وشعبِه… أعلمُ أنّهُ وفي بعض الأحيان لربما كانت أنفاسي عليكُم ثقيلة، أو لربما كانت طروحاتي ومواقفي ومداخلاتي مسبباً لكم لدرجةٍ من عدمِ الإرتياحِ أحياناً… نهجٌ قد لا يكونُ مألوفاً أوتقليدياً ل”عينٍ” أو متوقعاً منه استناداً لتجربةِ وعُرفِ عقود مضت… مؤكداً لكم بأنَّ دافعي وهدفي وغايتي لم تكُ يوماً سوى البِرُّ بالقسمِ العظيم، الذي أقسمناهُ جميعاً على أنفسنا، والعملُ سوياً معكم كفريقٍ واحد، مجلسُ الملك وحكومةُ جلالة الملك، شركاءُ في الغُنْمِ والغُرْم، لتحقيقِ مصلحةِ الوطنِ العليا ورؤية قائدِهِ الحكيمةِ وتطلعاتِ وآمالِ شعبِهِ الطيب… وتحفيزِكم دوماً على الإستمرارِ بما كنتُم تقومونَ بهِ من أداءٍ في حالِ صوابِه وسدادِه، وتصويبِه وتحسينِه وتطويرِه حينما كنتُ أجدُ بأنه لم يكُ كذلك… فصديقُك من صَدَقَك، لا من صَدَّقَك… متمنياً لكم دوامَ التوفيق والنجاح بإذن الله…
هي مرحلة أخرى من مراحلِ الحياة، وتجربةٌ هامّةُ أخرى من تجاربِها. نهلتُ منها علماً ومعرفةً وخبرة ً الشيءَ الكثير. شاكراً الله عزّ وجلّ وحامداً له عليها حمدَ الشاكرين الذاكرين. وداعياً إياه بأن يكونَ قد وفّقني لتأديةِ الأمانةِ بما يرضيهِ جلَّ وعلا. ومعاهدا إياه بأنْ أبقى دوماً، كما كانَ الآباءُ والأجدادُ من قبلي، الجنديَّ المخلصَ الوفيَّ من جنودِ الوطنِ وقائدِه وشعبِه. فهو دوماً من وراءِ القصد. وهو دوماً نِعمَ المولى ونِعمَ النصير…
حفظَ اللهُ الأردنَّ عزيزاً وقوياً ومنيعاً… وحماهُ شعباً وأرضاً وسماءً … في ظلِّ القيادةِ الحكيمةِ لحضرةِ صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني إبن الحسين المعظم حفظهُ الله ورعاه…
الحمد لله…

التعليقات مغلقة.