صحيفة الكترونية اردنية شاملة

وزارة الاستثمار ضرورة اقتصادية ومصلحة وطنية

تعبر المادة السابعة من قانون البيئة الاستثمارية والذي سيدخل حيز النفاذ منتصف الشهر الجاري بوضوح عن المرجعية الرئيسية للاستثمار في الأردن حيث أناطت ذلك حصراً بوزارة الاستثمار واأزمت ذات المادة الوزارة بإعداد مشروع الخريطة الاستثمارية للمملكة التي تحدد الفرص الاستثمارية حسب القطاعات والمحافظات وتذليل الصعوبات وإزالة المعوقات أمام المستثمرين.
ولكن الواقع العملي للتطبيق يعكس حالة من التشوه في التنفيذ فقد أطلقت وزارة الطاقة والثروة المعدنية مثلاً خريطة استثمارية أخرى تعرض التوزيع الجغرافي والمعلومات الفنية عن الفرص الاستثمارية بحيث تساعد المستثمر في البحث عن خيارات مختلفة في هذا القطاع، وهذا ليس المثال الوحيد على ذلك، فقد تم توقيع اتفاقيات استثمارية دون حضور أو مشاركة الوزارة، كما ان مجلس الاستثمار والذي يفترض ان يعقد اجتماعاته مرة على الأقل كل ثلاثة اشهر لم ينعقد بشكل منتظم خلال السنوات الثلاث الأخيرة، صحيح أن قانون البيئة الاستثمارية رقم 21 لسنة 2022 لم يدخل حيز النفاذ بعد ولكن حالة التشوه في التطبيق كانت موجودة حتى في ظل قانون الاستثمار السابق والذي كان ينص على وجود مجلس الاستثمار ، فقد اشتكى مستثمرون كثر من تعدد المرجعيات والجهات الناظمة للعملية الاستثمارية .
القانون الجديد جاء بهدف توحيد مرجعيات الاستثمار والحد من التدخلات وتبسيط الإجراءات واعتماد المعاملات والخدمات الالكترونية، ولكن هذه المبادئ دائما ما تصطدم بسوء التطبيق، فإذا كانت كل وزارة أو دائرة حكومية ستقوم بالعمل بشكل منفرد فهذا يعني تحويل وزارة الاستثمار إلى مكتب للشكاوى والتنسيق الحكومي.
‏وزارة الاستثمار الفتية بحاجة إلى تمكين و دعم وإسناد فالمهام امامها كبيرة تبدأ من إعداد النظام المصاحب للقانون والتعليمات وكذلك إعلان الخريطة الاستثمارية في البلاد بشكل يضمن للمستثمر سهولة التعرف على الفرص الاستثمارية قطاعيا وحسب المحافظات مع توفير المعلومات الفنية اللازم مدعمة بدراسات الجدوى الاقتصادية الاولية.
‏وتمتد مهام الوزارة الفتية لبث روح الحياة لوحدة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتي لم تحقق أي قصة نجاح منذ أن نشأت فقد انتقلت عدة مرات حتى حط بها الرحال أخيراً في وزارة الاستثمار دون وجود مدير لهذه الوحدة حتى تاريخه.
يعزز فكرة إحياء وحدة الشراكة بين القطاعين ان البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي الذي أطلقته الحكومة مؤخرا يستند إلى عدة مشاريع لا تستطيع الحكومة تنفيذها لوحدها دون مشاركة القطاع الخاص نظراً لمحدودية المساحات المالية المتاحة، فالحكومة بدأت التفكير ولو بشكل خجول في مشروع المدينة الجديدة، والحكومة أنهت تأهيل الشركات المهتمة بمشروع تحلية مياه البحر الاحمر والناقل الوطني ورصدت لذلك مبلغ 250 مليون دينار على مدار السنوات الخمس القادمة من اجمالي قيمة المشروع والتي يتوقع ان تكون بحدود 2 مليار دينار، اضافة الى مشروع حافلات التردد السريع بين الزرقاء والعاصمة عمان والعديد من المشروعات التي تصل قيمتها الاجمالية فيما لو كتب لها التنفيذ الى زهاء 9 مليار دينار اردني.
الفكرة التي اريد ان أوصلها من خلال هذا المقال ان إنشاء وزارة الاستثمار والتي يقع تحت مظلتها وحدة مشروعات الشراكة هو ضرورة اقتصادية ومصلحة وطنية، وخاصة في هذا الوقت تحديدا والذي يتوقع فيه الكثير من الاقتصاديين أن يمر العالم خلال العام 2023 بركود اقتصادي عميق مما يستدعي العودة إلى أبجديات علم الاقتصاد والتي تنصح بالتوجه الى مشاريع البنية التحتية بهدف تخفيف وطأة الركود، وهو ما يعني أن أمام الوزارة الكثير من العمل والمهام الشاقة.
‏إن دعم ومساندة وزارة الاستثمار يكون من خلال منحها المساحة والصلاحيات الكاملة بموجب قانون البيئة الاستثمارية وان يتم اعادة هيكلة كوادرها ومديرياتها ورفدها بالكفاءات المناسبة وان تلتزم كافة الجهات الرسمية بالتنسيق والتشاور معها فعلاً لا قولاً، وهذا يعني أن الوزارة هي المرجعية الرئيسة للاستثمار في المملكة وانها المعنية بتنفيذ السياسة الاستثمارية وترويج الفرص.

التعليقات مغلقة.