صحيفة الكترونية اردنية شاملة

التأثيرات غير المباشرة لسقوط «سيليكون فالي»!

من المؤكد تماما أنه لن تكون هناك تداعيات مباشرة على الاقتصاد الاردني جراء انهيار (بنك وادي السيليكون/ سيليكون فالي SVB) ولا حتى على كثير من دول العالم، ففروع البنك في غالبيتها تمتد من الولايات المتحدة الامريكية مرورا بكندا وبريطانيا والسويد والدنمارك والصين والهند..وغيرها، ويزيد من الطمأنينة سرعة الادارة الامريكية باتخاذ قرارات عاجلة تطوق فيها الازمة وتعيد ثقة المودعين وتمنع انهيارات اخرى متوقعة تعيد الى الاذهان الازمة المالية العالمية 2008- 2009 وقصة الانهيار الأكبر لبنك « ليمان برذرز» واغلاق بنك واشنطن ميوتشوال الادخاري.

لكن على أصعدة أخرى لا بد من التوقف عند حقائق مهمة في مقدمتها:

– أن هذا البنك (سيليكون فالي) يعدّ الـ16 بحجم الأصول في الولايات المتحدة (حوالي 210 مليارات دولار) وبحجم ودائع (175مليار دولار)، كما أنه ذو طبيعة خاصة تخدم تحديدا قطاع شركات التكنولوجيا والشركات المتعاملة مع هذا القطاع وكذلك العاملين فيه.

من هنا نجد أن انهيار بنك – بهذا الحجم وبهذه الخصوصية وبصورة دراماتيكية -أدى لانهيار أسواق المال في امريكا وآسيا واوروبا وتحديدا أسهم البنوك(حتى أمس الثلاثاء)، وتراجع الدولار والنفط وارتفاع اسعار الذهب عالميا لجوءا للملاذ الآمن.

أكثر من ذلك.. فقد باتت توقعات الخبراء ترجّح عدم اتخاذ الفيدرالي الامريكي قرارا برفع سعر الفائدة هذه المرّة خلال اجتماعه الأسبوع المقبل، والسبب أن الارتفاعات المتوالية بأسعار الفائدة (8 مرّات خلال العام 2022 وبواقع 450 نقطة اساس) يشاراليها بأنها سبب رئيس من أسباب مشكلة انهيار «سليكون فالي».

وحتى نذكّر بأصل الحكاية دون الدخول بالتفاصيل فان سبب «الانهيار» زيادة الودائع في البنك كثيرا بما يفوق حجم القروض، وشح السيولة جراء سحب المودعين لأموالهم سدادا لالتزاماتهم المالية وارتفاع كلف القروض، أو للاستثمار بسندات قصيرة الأجل وبفائدة أعلى، اضافة لتخوفاتهم بعد تصريحات مقلقة من ادارة البنك -المتهمة بالفشل حاليا -ومحاولات يائسة لتوفير سيولة عن طريق بيع سندات..وغيرها من الاجراءات فشلت جميعها، ليقع انهيار اضطر السلطات الامريكية لوضع يدها على البنك، ليصار اعتبارا من أمس الاول الاثنين لتمكين المودعين من الحصول فقط على 250 الف دولار وهو ما تكفله المؤسسة الاتحادية لتأمين الودائع.

*هناك أسئلة عديدة أثارها وسيثيرها انهيار بنك سيليكون فالي وفي مقدمتها :

-هل انهيار البنك حالة خاصة به فقط ؟..وأن ما حدث مجرد فشل اداري يستوجب المحاسبة – كما طالب الرئيس الامريكي جو بايدن؟

-أم ان البنك ضحية من ضحايا «التضخم» الناتج عن اسباب عديدة في مقدمتها تداعيات الحرب الروسية الاوكرانية..الامر الذي ينذر بأخطار قادمة قد تتعرض لها بنوك مشابهة؟

-ما أثر هذا الانهيار على قطاع التكنولوجيا عالميا واقليميا خصوصا ونحن نرى الاجراءات السريعة التي اتخذتها المملكة المتحدة لانقاذ شركاتها واقتصادها من خلال سرعة استحواذ بنك «اتش اس بي سي»على فرع سليكون فالي في بريطانيا؟

-بنوكنا في الاردن – بحسب مدير عام جمعية البنوك د.ماهر المحروق بمنأى عن تداعيات انهيار بنكي»سليكون فالي» و»سغنتشر» الامريكيين- ونحن في الاردن ولله الحمد بعيدون – كما الدول الخليجية والعربية التي لا تتعامل مع هذا البنك من التداعيات المباشرة لهذا الانهيار الأسرع لبنك بهذا الحجم منذ الازمة المالية العالمية 2008- 2009، ولكن اذا لم يتم احتواء الكارثة سريعا..ما هي ضمانات الوقاية من التأثيرات غير المباشرة وحجمها على: أسواق المال العالمية – والعملات، وفي مقدمتها الدولار وأسواق النفط والذهب..وأسعار الفائدة (التي سنستفيد في حال تثبيت الفيدرالي الامريكي لسعر الفائدة هذه المرّة).

-لذلك اذا كان هناك من تأثير (غير مباشر) فنحن كما الاقليم نتأثر بأسعار الدولار والفائدة «رفعا أو ثباتا « وأسعار الذهب.. وغير ذلك.

– خلاصة القول..فان مثل هذه الكوارث التي تحدث هنا وهناك، تزيدنا ثقة ويقينا بحصافة ونجاعة سياساتنا النقدية والمالية -وبشهادة مؤسسات عالمية في مقدمتها البنك والنقد الدوليين، وما يتمتع به جهازنا المصرفي من قوة وصلابة نجح من خلالها بمواجهة تداعيات الازمة المالية العالمية و»الربيع العربي»، و»كورونا « ثم الحرب في اوكرانيا..، وآخر شهادات الثقة باقتصادنا – يوم أمس – تثبيت التصنيف الائتماني للأردن من قبل وكالة ستاندرد آند بورز.

 

التعليقات مغلقة.