صحيفة الكترونية اردنية شاملة

ومن يعترف بكيانكم العنصري!

استنكر الأردنيون؛ الرسميون والشعبيون، استخدام وزير مالية الاحتلال خريطة تظهر كيانه المصطنع يضم حدود الأردن والأراضي الفلسطينية المحتلة.

بالنسبة إلي، كان الأمر يعبر عن تصرف مثالي لكيان كامل من الإرهابيين القتلة، الذين انتهجوا سياسات الفصل العنصري والإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين والعرب على مدار زهاء قرن كامل. لكن الأمر، أيضا، لا يخلو من مفارقة واضحة، ففي الوقت الذي رفضنا شمول الأراضي الأردنية، قبلنا ذلك للأراضي الفلسطينية، وهو فخ وقعنا فيه جميعنا، فالأولى أن نعود إلى ثوابتنا القومية التي رأت على الدوام في الاحتلال كيانا مصطنعا وزائلا لا محالة.

رسائل الاحتجاج لم تعد تجد نفعا مع إسرائيل، فالكيان العنصري بات قوة فوق الجميع يستمد عنفه من تواطؤ جمعي دعمته فيه قوى عنصرية مماثلة تمثلت في واشنطن وقوى الغرب الأوروبي التي ما تزال تحمل إثم عنصريتها تجاه اليهود وتريد أن تكفّر عن ذنوبها بأن تطلق يد العنصرية الصهيونية تجاه العرب.

منذ عقدين، يتساءل الأردني، لماذا يتوجب علينا أن نكون اليد الدنيا والحلقة الأضعف في معادلة واضحة المعالم يمكن لنا أن نلعب فيها دورا فاعلا وقويا، كما يمكن لنا أن نسهم بليّ يد العدو بطريقة مؤلمة جدا تجعله يعيد الحسابات تجاه ما نملكه من ملفات مؤثرة.

لقد كانت معاهدة وادي عربة للسلام، اتفاقية بين دولتين آمنتا بأن السلام هو الوسيلة الوحيدة للتعايش بين جارتين مضطرتين أن تتعاملا مع بعضهما بعضا. لكن الالتزام الأردني بهذه الاتفاقية، قابلته انتهاكات عديدة من طرف الدولة العنصرية التي رأت في نفسها كيانا فوق القانون الدولي، وتجذرت هذه الرؤية تماما حين غابت المساءلة الدولية والعقوبات جراء أفعالها اللاإنسانية بحق الفلسطينيين، وانتهاجها الإبادة الجماعية في المناطق المحتلة، من دون أن تضطر، حتى، للتعبير عن الأسف.

نعم، الأردن يمتلك القوة والأوراق اللازمة لإيلام الإرهابيين الصهاينة، والذين شكلوا ائتلافا حكوميا هو الأسوأ في تاريخ هذا الكيان المارق. لكن، وفي الطرف الآخر من المعادلة المشوهة لا بد من الاعتراف أن الدولة العنصرية ما كان لها أن تتصرف بكل هذه الوحشية ضد الفلسطينيين، وهذا اللااكتراث تجاه القانون الدولي والاتفاقيات والمعاهدات الدولية، لولا أنها أمنت من رد فعل القوى المؤثرة، والتي غطت على جرائمها منذ زهاء قرن، وما تزال تمنح المحتل الغطاء لممارسة وحشيته وعنصريته وجرائمه.

حاصل القول، هو أننا لا نحتكم إلى خرائط غبية يرسمها حمقى منتشون بتفوق آني، فخرائطنا رسمها أجدادنا بدمهم، وليس بدعم الإمبريالية، لذلك ما نزال نقول: الأردن لنا، وفلسطين بكامل ترابها لنا، ولن نتنازل عنهما، ولن تكونا جزءا من كيان مشوه ومؤقت، ولن نسمح لأي طارئ أو جاهل بأن يعبث بأمنهما.

لدينا عقيدة راسخة أن إسرائيل هي العدو الحقيقي لنا، وهذه العقيدة لن تزعزعها أي معطيات مهما كان وزنها وحجمها، ولا حتى السلام الزائف الذي يرقد اليوم في غرفة الإنعاش قادر على تغيير هذه العقيدة، لذلك ما نزال نؤمن بفلسطين التاريخية من البحر إلى النهر، وعاصمتها القدس بكاملها. ونؤمن بأن كيان إسرائيل مصطنع ومؤقت، وسينتهي إلى زوال.

التعليقات مغلقة.