اقتحامات الحرم القدسي من جديد
لا بد بالبداية من التأكيد أن لا يجب ولا يحق لأي كان المزاودة على موقف الأردن بالقدس، فهو موقف شريف تاريخي متقدم، يبذل كل ما يستطيع لكي يحافظ على الأوضاع التاريخية والقانونية بالقدس، ويا ليت أن باقي الأمة العربية والإسلامية تفعل نصف ما يفعله الأردن. لا نقبل ونغضب ممن يزاودون على موقف الأردن ويتهمونه، ونعتبر ذلك ظلما ومراهقة سياسية.
لا يبدو أن إسرائيل تدرك حجم الاستفزاز والغضب الذي تسببه كلما اقتحمت المسجد الأقصى. أن يرى المسلمون جنودا إسرائيليين وقد دخلوا الأقصى بأحذيتهم، يوقفون المصلين ويعتقلونهم، وهو أمر مستفز مهين لكل عربي ومسلم مما تسبب بموجة من مشاعر الغضب والغليان. انها السلوكيات التي تؤجج مشاعر الغضب وخطاب التحريض، وتبتعد بنا عن أجواء ينعم الجميع فيها بالسلام. هذه الحلقة من العنف تتكرر في كل رمضان ويجب ان تنتهي، وأن ينعم المصلون بحقهم في ممارسة العبادات، وان يتم تفويت الفرصة على أي كان لإثارة العنف والتحريض. الحرم القدسي والقدس يمكن ويجب أن تكون مدينة السلام والرحمة والوئام، يتمتع فيها المسلمون بحرية العبادة، وتحت موافقتهم يسمح لمن يريد بالزيارة – وليس بالتعبد في المسجد الأقصى، الحرم القدسي الشريف لان التعبد هناك حق خالص تاريخي للمسلمين – وهذا هو واقع الحال التاريخي والقانوني منذ 1400 عام باستثناء فترة الحروب الصليبية. حكومة اليمين لا تريد ذلك، تريد الدخول عنوة وبالقوة، وتريد أن تسمح للمتشددين بالدخول بالرغم من عدم موافقة أوقاف القدس، وعلى عكس الأوضاع القانونية والتاريخية المتوافق عليها، يسمح لهم في أحيان بممارسة الطقوس وليس بالزيارة فقط. انه الانحياز الرسمي الإسرائيلي للتشدد وأصوات المتشددين الانتخابية، وهذا يخلق أجواء الشحن التي تطل علينا في كل رمضان.
القدس جوهر القضية بلا منازع، بسببها انهارت مفاوضات كامب ديفيد 2000 بعد أن تم حل كافة قضايا الوضع النهائي، الا القدس التي انهارت المفاوضات لاجلها. كان الاقتراح الإسرائيلي من باراك آنذاك أن الغربية لنا والشرقية لكم، وان السيادة على الحي اليهودي في البلدة القديمة لنا والسيادة على الحي المسيحي والإسلامي لكم، فتمت الموافقة من عرفات، اما قلب القدس الحرم القدسي الشريف، فقد كان العرض الإسرائيلي ان ما على الأرض وفوقها السيادة عليه لكم، وما هو في بطن الأرض السيادة عليه لإسرائيل مسعى لاستمرار البحث عن هيكل سليمان. هنا وعند هذه النقطة انهارت المفاوضات كلها، وبدأت الانتفاضة وانهار معسكر السلام الإسرائيلي.
لاحقا عرفات أدرك أهمية العرض وبدأ وآخرون يتحدثون بلغة مختلفة، منها أن المسلمين أيضا يريدون ان يعرفوا ويبجلوا آثار نبي الله سليمان، فهو نبي مبجل عن المسلمين وعقيدتهم لا تفرق بين أحد من الانبياء. إذا ليس النزاع على القدس قدرا محسوما، بل أن السلام والتسوية ممكنة تماما تتحول فيها القدس إلى مدينة الوئام والسلام.
التعليقات مغلقة.